الشريط الإخباري

دير مار موسى الحبشي

يبعد دير مار موسى الحبشي 90 كم عن دمشق باتجاه الشمال، و16كم إلى الشرق من مدينة النبك، على طريق العرقوب, داخل ممر جبلي ضيق، يتوضع على كتلة صخرية معزولة من ثلاث جهات، ما يجعله حصناً منيعاً بالطبيعة، ولهذا جعل منه الرومان برجاً لمراقبة الطريق القديمة التي كانت تسلكها القوافل بين دمشق وتدمر.3

دائرة آثار ريف دمشق تقول إن الدير تحول في القرن السادس للميلاد إلى دير للرهبان، وأصبح مقراً للراهب مار موسى الحبشي.

كان أسلوب الحياة بالدير في عصره الأول على طريقة “اللاورا” أي نظام حياة رهبانية تنسكية. حيث يسكن الموحدون في صوامع داخل الجبل, يصل بينها درب صغير يؤدي إلى مكان الكنيسة والمضافة وباقي أماكن الخدمات المشتركة, تماما كما هي الحياة شبه النسكية في لاورات الوديان شرقي القدس. وقد هجرت غالبية الصوامع في عصر لاحق, وأعيد بناء الدير على مساحة أكبر وحول كنيسة أوسع, لأن الحياة الرهبانية تحولت من النمط النسكي إلى الجماعي.

ازدهر الدير منذ ذلك الوقت ليصبح في القرن السادس كرسياً أسقفياً مستقلاً، أما الكنيسة الحالية فتدل الكتابات العربية على جدران الدير أن بناءها يعود إلى سنة 450هـ/ 1058م، وبدءاً من القرن الخامس عشر، أُعيد توسيع الدير وتم إضافة بعض الأبنية ومنها الكنيسة الصغيرة ذات الأجنحة الثلاث، والتي تحمل من الداخل رسوماً جدارية فريسك.2

واستمرت الحياة الرهبانية فيه حتى عام 1831 م، حيث هجر آخر رهبان الدير المكان، وترك الدير فارغاً فحوله الرعاة إلى ملجأً لهم ولمواشيهم … وبالرغم من خلو الدير من سكانه ،ظلّ أهالي مدينة النبك يزورونه للتبرك، وأُوكلت شؤونه إلى الرعية المحلية للمحافظة عليه.

أما أهم أبنية الدير فهي الكنيسة الواقعة في قلب الدير، كما توجد بالقرب من الدير وفي محيطه الجبلي الوعر مجموعة من المغاور التي كانت تستخدم كصوامع عبادة للرهبان منذ العصور الوسطى.

يرجع تاريخ بناء الكنيسة إلى منتصف القرن الحادي عشر للميلاد، وتشهد على ذلك بوضوح كتابة منقوشة على الجدار الشرقي وأخرى على الجدار الغربي، كما يعود نقش الصلبان على الأعمدة والجدران إلى التاريخ نفسه. وهي تتألف من قسمين: صحن الكنيسة وقدس الأقداس. الصحن مربع الشكل يبلغ طول ضلعه نحو 10م، يتكون من ثلاثة أروقة، تمتد من الغرب إلى الشرق، تفصل بينها أعمدة، وتنير الرواق الأوسط نافذة كبيرة نسبيا، في الجدار الشرقي، أما قدس الأقداس فيضم الهيكل والحنية (المحراب)، ويفصله عن صحن الكنيسة حاجز، بني القسم السفلي منه بالحجر، والعلوي بالخشب. ويتوضع مذبح حجري داخل المحراب، يحمل بعض الزخارف الهندسية البسيطة.4

زينت جدران الكنيسة برسومات جدارية (فريسك)، تمثل تصويراً دقيقاً لبعض قصص الكتاب المقدس، كما تضم مجموعة من الكتابات العربية القديمة والسريانية واليونانية، وهي مؤلفة من ثلاث طبقات: تعود رسوم الطبقة الأولى (وهي الأقدم)، إلى الفترة الواقعة بين سنتي 450 و488 هـ/1058-1095م، حسب الكتابة الموجودة على الجدار الشرقي للرواق الشمالي، وهي من الرسوم النادرة التي تدل على استمرارية الفن الهيليني (اليوناني) المسيحي السوري، كما يظهر من عناصر الحركة والحيوية وقوة التعبير فيها، وما زالت أغلب رسومات هذه الطبقة تحت الطبقات التي تلتها.

أما رسومات الطبقة الثانية فهي تعود إلى نهاية القرن الحادي عشر، وتتميز برهافة الإحساس الروحي والفني للرسام.

أما رسوم الطبقة الثالثة فهي تحمل كتابة عربية دُّوِّنت بالكلس وتؤرخ لسنة 1192م, أو 1208م، وتكمن أهميتها في أن رسوماتها متوزعة على جميع جدران الكنيسة، وهي ذات طابع سرياني وهذا ما يتبين من: استخدام الكتابة السريانية فيها، والبساطة والعفوية التي تميزها، وهما صفتان معهودتان في الفن السرياني، وكذلك لتوزع موضوعاتها بالمقارنة مع الأنماط البيزنطية التي بدأت تدخل مرحلة التحديد والثبات في ذلك العصر.PHOT0017.JPG

تم تسجيل الدير في لائحة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار الوزاري رقم 63 / أ تاريخ 4 / 11/ 1957.

انظر ايضاً

دير مار موسى الحبشي.. مقصد للصلاة وإشراقة على التاريخ

يبعد دير مار موسى الحبشي نحو 15 كيلومتراً عن النبك على ارتفاع 1320 متراً عن …