عواصم-سانا
أزمة جديدة افتعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراره تجميد تمويل بلاده لمنظمة الصحة العالمية لتتعالى وتتصاعد الأصوات المنددة من داخل الولايات المتحدة وخارجها بخطوته الهادفة إلى التغطية على فشل إدارته في مواجهة فيروس كورونا المستجد في أمريكا.
قرار ترامب الجديد الذي لا يخرج بعيدا عن سياق مواقفه المعتادة بالاستهزاء بالمنظمات الدولية وإنكار أهميتها أثار موجة إدانات واسعة ولاقى أصداء مستنكرة من الداخل الأمريكي ولا سيما من الحزب الديمقراطي ممثلا برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي وصفت قراره بأنه أحمق وخطير والسيناتور كريس مورفي الذي أكد أنه سيحاول حماية التمويل الأمريكي المخصص للمنظمة الدولية.
سياسيون ديمقراطيون أكدوا أن إجراء ترامب غير قانوني وأشار بعضهم إلى أن مثل هذه الخطوة جعلت ترامب يواجه محاكمة لعزله من منصبه على خلفية قطعه مساعدات عسكرية عن اوكرانيا وابتزازها مقابل مساعدته في الانتخابات الرئاسية القادمة.
حلفاء للحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب تحركوا أيضا للتعبير ولو بشكل خجول عن معارضتهم لقراره حول منظمة الصحة بمن فيهم وزارة التجارة الأمريكية التي أكدت أن القرار” ضد مصالح الولايات المتحدة ولا سيما أن دور المنظمة مهم للغاية في مساعدة دول أخرى في خضم وباء عالمي مثل كورونا” بينما أكدت سامانثا باور المندوبة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة أن وقف تمويل منظمة الصحة العالمية يعني أيضا قطع المخصصات المالية لبرامج صحية أخرى مثل مكافحة شلل الأطفال والإيدز.
التنديدات بخطورة قرار ترامب صدرت أيضا عن أوساط أمريكية مثل الرابطة الطبية الأمريكية التي وصفت الأمر بأنه خطوة خطيرة في الاتجاه الخاطئ وأنها ستجعل مهمة التصدي لفيروس كورونا صعبة.
وعلى الصعيد الدولي انهالت الأصوات المستنكرة على ترامب وإدارته من كل الاتجاهات وانضم مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى قائمة المنددين بقوله في تغريدة على تويتر “ليس هناك أي سبب يبرر خطوة ترامب في وقت نحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى جهود المنظمة للمساعدة في احتواء وباء كورونا”.
قرار ترامب أثار أيضا أصداء تنديد واسعة بين الأوساط الطبية حيث وصفه خبراء بارزون في المجال الصحي مثل ريتشارد هورتون رئيس تحرير مجلة لانسيت الطبية المرموقة بأنه جريمة ضد الإنسانية مشددا على ضرورة تحرك العلماء والأطباء والعاملين في مجال الصحة لرفض هذا القرار الذي يعد خيانة للتضامن العالم.
وفي تصريح مماثل أكد اميش ادالجا الباحث البارز في مركز جامعة جونز هوبكنز الأمريكية للأمن الصحي أن مثل هذا التحرك خطير في خضم وباء عالمي بينما وصف البروفيسور في الأمراض المعدية بجامعة بوسطن القرار بأنه كارثة حقيقية.
تنديدات عدة صدرت عن مدير مركز منظمة الصحة العالمية لشؤون الصحة وحقوق الإنسان لورنس غوستين الذي توقع أن يعود قرار ترامب بنتائج سلبية على الولايات المتحدة وسمعتها الدولية وأن تتحرك دول أخرى لملء الفراغ المالي الناتج عنه.
وبالانتقال من الاوساط السياسية والطبية فان خطورة قرار تجميد تمويل منظمة الصحة العالمية احتلت الصفحات الرئيسة في الصحف الأمريكية والغربية بما فيها نيويورك تايمز التي أكدت أن الرئيس الأمريكي يحاول القاء اللوم في فشله بالتصدي لأزمة كورونا على غيره واختار المنظمة الدولية لذلك مشيرة إلى أن ترامب اتهم المنظمة بجميع لاخطاء التي ارتكبها هو نفسه منذ ظهور الفيروس.
الصحيفة أعادت إلى الأذهان محاولات ترامب السابقة في تحويل الانتباه من الأزمة الصحية التي يواجهها الأمريكيون بسبب استهتاره بفيروس كورونا عبر مهاجمة وسائل الإعلام والديمقراطيين في الكونغرس وحكام الولايات وكل من تجرأ على مخالفته الرأي حول خطورة الفيروس أو طالب بتقديم خطة حكومية واضحة للتصدي له.
صحيفة الغارديان البريطانية بدورها وصفت قرار الرئيس الأمريكي في مقال للمؤرخ اندرو غاوثورب في جامعة لايدن الهولندية بأنه فعل تخريب دولي في وقت تسعى فيه دول العالم إلى التضامن لمواجهة وباء كورونا.
الصحيفة قالت إن سياسة الإدارة الأمريكية القصيرة النظر فيما يتعلق بالتحركات الدولية لمواجهة المرحلة المقبلة من فيروس كورونا تثير قلقا كبيرا مشيرة إلى أن ترامب أمضى فترة ولايته الأولى كلها في تدمير الشراكات الدولية وتشويه سمعة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي كما أثبت للجميع أنه غير مهتم بتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه كرئيس لدولة غنية مثل الولايات المتحدة.
وبغض النظر عما تثيره أفعال ترامب وقراراته المتهورة من انتقادات أو أزمات دبلوماسية إلا أنه يدير أذنا صماء لهذه المواقف إذ أن جل اهتمامه ينصب على حملته الانتخابية القادمة والتغطية الإعلامية لها.
باسمة كنون