القدس المحتلة-سانا
في الوقت الذي يستذكر فيه الفلسطينيون مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي ارتكبها مستوطن إرهابي في مثل هذا اليوم من عام 1994 وأسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات تتواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومجازره بحق الفلسطينيين بدعم أمريكي غير محدود تجلت آخر فصولها بما تسمى (صفقة القرن) التي أعلن عن بنودها مؤخرا بعد أن كان بدأ تنفيذها فعليا أواخر عام 2017 بإعلان واشنطن القدس عاصمة للكيان الغاصب ونقل سفارتها إليها في أيار 2018.
ففي فجر يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط عام 1994 اقتحم المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي وأطلق النار على نحو 500 فلسطيني كانوا يؤدون صلاة الفجر ما أدى إلى استشهاد 29 منهم وإصابة العشرات بجروح.
قوات الاحتلال وفي تأكيد على تواطئها مع المستوطنين أغلقت أبواب الحرم لمنع المصلين من الخروج منه وقت المجزرة وحالت دون وصول المسعفين لإنقاذ الجرحى ثم فتحت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه الفلسطينيين أثناء تشييع ضحايا المذبحة ليرتفع عدد الشهداء إلى 60 والمصابين إلى 150.
ولم يصدر رد فعل قوي من المجتمع الدولي على المجزرة واكتفى مجلس الأمن بإنشاء البعثة الدولية المؤقتة في الخليل (تيف) في الـ 18 من آذار عام 1994 لتوثيق جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين واتخاذ تدابير لضمان حمايتهم في جميع الأراضي المحتلة غير أن الاحتلال عرقل قيام البعثة بممارسة مهامها المحددة في قرار إنشائها قبل أن يرفض مطلع العام الماضي تجديد عملها.
واليوم يواصل الاحتلال ممارساته العدوانية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة والاستمرار باستهداف الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل وحربه على المحال التجارية والمنازل وجميع مقومات الوجود الفلسطيني في البلدة بهدف تهجير الفلسطينيين من المدينة ضمن مخططه لتهويد الحرم الإبراهيمي ومدينة الخليل بالكامل.
وزارة الخارجية الفلسطينية قالت في بيان لها إن مجزرة الحرم وإحراق عائلة الدوابشة والطفل محمد أبو خضير والتنكيل مؤخرا بجثمان الشهيد محمد الناعم ومئات الإعدامات الميدانية واعتداءات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة واستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وسلب الأرض الفلسطينية المحتلة تؤكد جميعها عنصرية الاحتلال واستمرار جرائمه بحق الفلسطينيين ما يتطلب من المجتمع الدولي إلزام كيان الاحتلال بتنفيذ القرارات الدولية بإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية فورا لافتة إلى أن اكتفاء المجتمع الدولي ببيانات الإدانة والتعبير عن القلق يشجع سلطات الاحتلال على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم وانتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم قال إن مجزرة الحرم الابراهيمي ذكرى أليمة يجب أن تلفت انتباه العالم للجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين موضحا أن مشاهد اقتحام قوات الاحتلال ومستوطنيه لمدن وبلدات الضفة الغربية واعتداءاتهم على الفلسطينيين واستيلاءهم على أراضيهم وقتلهم بدم بارد والتنكيل بجثامين الشهداء واحتجازها وقصف قطاع غزة المحاصر تثبت كل لحظة للمجتمع الدولي بشاعة ما يتعرض له الفلسطينيون من عمليات تطهير عرقي مطالبا بتحرك دولي عاجل وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
ولفت ملحم إلى أن سلطات الاحتلال ارتكبت مجزرة الحرم بهدف الاستيلاء على وسط مدينة الخليل والأماكن التراثية فيها وتهجير الفلسطينيين من البلدة القديمة وهي تواصل تنفيذ مخططاتها من خلال إقامة مئات الوحدات الاستيطانية في المدينة وتوفير الحماية للمستوطنين للاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين مشددا على أن كل اعتداءات الاحتلال ستفشل أمام صمود الفلسطينيين بمواجهة ما تسمى (صفقة القرن) الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال.
مدير الأوقاف في مدينة الخليل جمال أبو عرام بين أن الفلسطينيين يستذكرون اليوم المجزرة بهدف لفت انتباه العالم لوحشية الاحتلال المتواصلة بحقهم لافتا إلى أن الحرم الإبراهيمي لا يزال يتعرض لانتهاكات الاحتلال من خلال منع رفع الأذان فيه مئات المرات سنويا واقتحامات قوات الاحتلال ومستوطنيه اليومية واعتداءاتهم على المصلين الفلسطينيين ومنعهم من دخوله كجزء من مخططات التهويد المتواصلة بحقه.
وشدد أبو عرام على أن الشعب الفلسطيني سيواصل الدفاع عن أرضه ومقدساته وسيفشل كل مؤامرات الاحتلال ومخططاته التهويدية وفي مقدمتها ما تسمى (صفقة القرن).
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني غسان الخطيب أوضح أن ذكرى مجزرة الحرم تأتي اليوم في وقت تصعد فيه سلطات الاحتلال عمليات القتل والاستيطان والتهويد والحصار في ظل الدعم المطلق من الإدارة الأمريكية التي تعتقد واهمة أنها بإعلانها ما تسمى (صفقة القرن) تستطيع سلب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني داعيا المجتمع الدولي إلى الخروج عن صمته واتخاذ خطوات عملية لوقف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.
رئيس لجنة إعمار الخليل عماد حمدان أشار إلى أن مخططات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد الحرم الإبراهيمي الشريف ومدينة الخليل مستمرة فهو منذ مجزرة الحرم قبل 26 عاما لم يتوقف عن عمليات التهويد والاستيطان وحاصر الحرم الإبراهيمي بالبؤر الاستيطانية في انتهاك للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخاصة قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو الذي وضع الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي.