دمشق-سانا
حياة وإبداع الشاعر والمسرحي الروسي فلاديمير مايكوفسكي كانت العنوان الرئيسي للندوة الأدبية التي أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق بالتعاون مع المركز الثقافي بجرمانا بمشاركة القاص والمترجم مالك صقور والأديب رضوان القضماني.
وفي محوره “قراءة في حياة مايكوفسكي” قال صقور إن الشاعر الروسي كان أحد أهم شعراء النصف الأول من القرن العشرين دوى صوته مجلجلاً في أصقاع روسيا القيصرية وندد بالعبوديةوالاستبداد واعتنق الأفكار الثورية وهو فتى وانضم إلى حزب البلاشفة واعتقل مرات ووقف حياته وكل مواهبه وطاقاته من أجل الثورة الاشتراكية وقضايا الشعب الكادح.
وأضاف صقور ولد فلاديمير مايكوفسكي عام 1893 في القفقاس في قرية البغدادي التي سميت حالياً باسمه وهي من أعمال جورجيا وتوفي أبوه عام 1906 فاضطرت الأم للرحيل إلى موسكو بحثا عن مصدر رزق ليشعر الفتى فلاديمير بالمسوءولية الكبيرة وهو صغير كونه وحيد الأسرة التي عاشت الفقر المدقع كما ذكر في كتاباته.
وتابع صقور تعددت أسفار مايكوفسكي إلى ألمانيا وفرنسا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية حيث ألقى قصائده في كثير من تلك البلدان إضافة إلى محاضراته عن الثورة والاشتراكية والأدب الروسي وكان يلتقي الشخصيات الأدبية المشهورة في باريس حيث التقى الشاعر الفرنسي آراغون وطاب له المقام في باريس وذات مرة قال وهو يغادرها… تمنيت أني أعيش في باريس وأموت فيها ..لو لم تكن هناك أرض اسمها موسكو.
ولفت صقور أنه كان مايكوفسكي يعود من الغرب وكله إيمان ببشاعة الرأسمالية ويزيد من ذلك حبه لوطنه الاشتراكي ويتجدد حماسه لترسيخ قيم الحب والخير والجمال والعدل حيث تعرض إلى كثير من الخصومات كما اتسم شعره بالغموض كما وصفه الآخرون واهتم في قصائده بالفقر وقضايا العمال الذين كانوا يعجبون بشعره ولا سيما قصيدته التي قال فيها… من يسأل القمر .. من يلح على الشمس أن تجيب .. من الذي يصوغ الليل والنهار .. من الذي يسمى الأرض المؤلف العبقري تماماً كما قصيدتي.
كما تكلم صقور عن عدد من جوانب شعره وموضوعاته وعن التحولات التي أثرت بقصيدته والنزعة الإنسانية الخاصة إلى أن مات منتحراً في 14 نيسان 1931 حيث لا زال ذكره مستمراً وتعتبر قصيدة “غيمة سروال” من أهم أشعاره نظراً لتهكمه فيها على الرقابة والفساد.
وفي محوره الذي جاء بعنوان “مايكوفسكي رجل المسرح” قال القضماني إن مسرحية “ميستير بوف” التي كتبها مايكوفسكي عام 1918 أعلنت ولادة مسرح كبير وكانت عملا استثنائيا يعتبر منعطفا في تاريخ المسرح وظف فيها أبحاثه الجمالية من المستقبلية إلى التركيبية ومن إعادة بناء المسرح من منظور جديد إلى استعمال عناصر صناعية لبناء آلة درامية يكون جسد الممثل البيوميكانيكي أحد مكوناتها إضافة إلى أهمية الضوء في صوغ الرؤية المشهدية.
كما لا تقل مسرحية مايكوفسكي التالية والتي عنوانها “البق” عام 1929 عن سابقتها والتي تمتزج بالشاعرية والحماسة في الدفاع عن المثل الثورية التي آمن بها الشاعر حتى الرمق الأخير فكانت كوميديا سحرية في خمسة فصول تسخر من النفعية والطغيان وضياع القيم.
ورأى القضماني أن البيروقراطية هي أيضا محور آخر مسرحياته التي عنونها بـ “الغسلة الكبيرة” حيث انتقد فيها آلة الحكم خلال الفترة الستالينية وطالب بالعدالة والحرية كما تميز فيها بحدسه الكبير وجموحه الرومانسي المفرط الذي جعله يستشعر الخيبات والهزائم فيختار لمسرحيته نهاية حاسمة.
محمد الخضر