التشكيلية إسبر: الدراسات الأكاديمية لا يمكنها وحدها أن تصنع فناناً

دمشق-سانا

تحمل لوحات الفنانة التشكيلية الدكتورة فاطمة إسبر أفقا مفتوحا وحلما لا ينتهي وقصائد وقصصا استلهمتها من مسقط رأسها في قرية قصابين بالساحل السوري.

الفنانة اسبر التي دخلت عالم اللوحة والإبداع بعد تقاعدها أكدت في مقابلة مع سانا أنه ليس للإبداع عمر ويمكن للإنسان أن يقدم طالما تنبض فيه روح الحياة مشيرة إلى أنها عشقت الرسم منذ طفولتها وكانت تغريها الصور الجميلة وتشعرها بالفرح غير أن ظروفها لم تساعدها على دراسة الفنون الجميلة ولكنها عادت إلى عشقها الأول بعد التقاعد عام 2010 حيث شعرت أنها في المكان الصحيح.

ورأت الفنانة اسبر أن الإبداع في فن ما يرجع إلى حب هذا الإنسان لهذا الفن فإذا أخلص له وكان يلح عليه فلا بد أن تخرج تباشير هذا الإبداع ثمرات ناجحة إذا مارسه بشكل صحيح لافتة إلى أن الدراسات الأكاديمية التي تعلم أصول هذه الفنون لا يمكنها وحدها أن تصنع فنانا.

وتجد اسبر أن هناك تداخلا كبيرا بين الرسم والشعر لأن الشاعر يصور بالكلمة والمجاز والصورة الفنية والرسام باللوحة التشكيلية وبالتالي هما منتجان إبداعيان متكاملان مشيرة إلى اختيار عدد من الشعراء لوحاتها لتكون غلافا لمجموعاتهم الشعرية.

وحول العلاقة بين المتلقي والعمل الفني ترى اسبر أن هذه العلاقة تحكمها كيفية قراءة المتلقي للوحة فاذا لامست شيئا بمشاعره وفكره فسيقرؤها بسهولة ومحبة أما إذا لم تلامس شيئا أو لم تتوافق معه فيراها غامضة أو غير جميلة ولا تلبي الحاجة النفسية عنده.

وإزاء اختلاف دور الرسم في زمننا الحالي عن الماضي تلفت اسبر إلى أن الكاميرا والصورة الفوتوغرافية في أيامنا تقوم بكثير من أدوار اللوحة فهي تصور كل تفاصيل الواقع وتحدث تفاعلا رهيبا بقلب المجتمع ضاربة لذلك مثالا ما تعرض له وطننا من حرب إرهابية والتي لا تستطيع اللوحة أن تنقل تفاصيلها المؤلمة وتصل إلى المتلقي كما الصورة.

وتؤكد اسبر أن الواقع المتغير يفرض على اللوحة أن تشق طريقها باتجاه آخر غير رسم التفاصيل والواقع وان تذهب باتجاه احداث رؤى وآفاق وكشف للمستقبل وتقديم الجديد وطرح أشياء وقيم غير مطروحة سابقا وهدم لقيم وتقاليد بالية وبناء لقيم جديدة.

وتعتبر اسبر أن النقد في الفن التشكيلي يجب أن يتجاوز مصطلحات النقد القديمة الشائعة من حيث الكتلة والتوازن وإضاءة اللوحة وسواها إلى البحث فيما قدمت اللوحة وماذا طرحت من أسئلة وما الرؤية التي جعلت المتلقي يراها مع الرسام وما الافق الذي فتحته لافتة إلى أن النقد لا يسير بالتوازي مع مسيرة الفن التشكيلي وإنما هو مقصر عنه كثيرا.

وتؤكد اسبر على الجانب الجمالي للفن رافضة ما يقال عن جمالية القبح لأنها لا تستطيع أن ترسم لوحة بشعة وتتركها أمام الناس بل تشعر أنها تتماهى معها لتغدو جزءا منها.

وترى اسبر أن ما مر على سورية من حرب إرهابية وما فعلوه من استهداف لتاريخنا الفني يجب أن يجعلنا نبحث عن الثقافة التي تربي العقل وتنمي الفكر كي نستطيع مواجهة مثل هذه العقول الظلامية.

اسبر التي يغلب على مواضيع لوحاتها الإنسان والطبيعة والشجرة والحياة والمرأة تعتبر أن وظيفة الفن تكمن في هذه الرموز والعمل عليها غير أنها ترى أن المرأة لم تأخذ كامل حقوقها في منطقتنا ما يجعل من الدفاع عنها والإضاءة عليها جزءا من رسالتها كفنانة تشكيلية.

بلال أحمد