جهود روسية محك “لـلمعارضة”

الأزمة السورية منذ نشوبها أفرزت الكثير من القوى المعادية والمتآمرة عليها، مثلما سلطت الكثير من الأضواء على المواقف الصادقة والمبادئ العظيمة لحلفاء سوريا وأصدقائها، لا سيما من خلال آفة الإرهاب بين من يرفض هذه الآفة وكافة أشكالها ويطالب بمحاربتها ووقف وسائل دعمها بالأموال والسلاح وجلب الإرهابيين والمرتزقة والتكفيريين من أصقاع العالم وتدريبهم وتسليحهم، ويطالب بالحل السياسي بديلًا لذلك لكونه أجدى وسيلة لحفظ الحقوق وتلبية المطالب المشروعة، وصون الدماء والأعراض والبنى الأساسية وصون الدولة السورية وسيادتها واستقلاليتها، وبين من يتحالف مع الإرهاب وأدواته وعصاباته ويتكفل برعايتها ودعمها وتمويلها وتسليحها وتدريبها ويدافع عنها بالسياسة والعسكرة.

وعلى الرغم من مضي ما يقرب من أربع سنوات على تفجر الأزمة السورية فإن دعاة الخير والصلاح وحماة الأمن والسلم الدوليين ورافضي الإرهاب والمؤكدين على سيادة الدولة السورية وكافة الدول بالعالم واستقلاليتها لم ييأسوا من مواصلة جهودهم كقوة خير في مواجهة قوى الشر الكارهة لكل مظاهر الاستقرار والسلم والأمن والتعايش والتسامح والمتخذة من الإرهاب مناجل تنحر بها الشعب السوري وشعوب المنطقة وتمزق بها الجغرافيا والحدود.

وأمام العدد الكبير من قوى الشر الداعمة للإرهاب في سوريا والعراق والمنطقة يظل دور روسيا الاتحادية متميزًا بتميز سياسته التي أرسى ركائزها الرئيس فلاديمير بوتين بضرورة احترام سيادة الدول واستقلالها واحترام شعوبها واختياراتها، ورفض كافة أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ومن هذا المنطلق لا تزال تمارس روسيا دورها وتوظف إمكاناتها السياسية ودبلوماسيتها من أجل الحل السياسي في سوريا ومطالبة الداعمين للإرهاب ضدها بالتخلي عن هذا الخيار والاتجاه نحو هذا الحل الذي سيضمن لجميع السوريين الموالين لسوريا والمعارضين لها، وحين نقول المعارضين لها لا نعني بالوصف تلك المعارضة الوطنية الشريفة التي رفضت وترفض الإرهاب والتدخل في الشأن الداخلي السوري.

وتأتي استضافة موسكو لوزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم في إطار الجهود والمساعي التي تبذلها العاصمة الروسية من أجل الحل القائم على الحوار السياسي بعيدًا عن لغة الإرهاب والموالاة لقوى الشر المتربصة بسوريا، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بُعيد لقائه وليد المعلم أن روسيا تواصل العمل لحل الأزمة السورية لحل الأزمة السورية، وأنها تعمل في اتجاه عقد مؤتمر دولي في عاصمتها موسكو لتحقيق المصالحة بين الحكومة السورية والمعارضة السورية وإخراج سوريا من أزمتها، وفي هذا الصدد تواصل اتصالاتها اليومية مع الحكومة السورية، وتسعى في الوقت نفسه إلى إقناع مجموعات المعارضة السورية بضرورة العمل المشترك لصالح بلادهم وشعبها. فلا تزال موسكو تراهن على العقلاء المحسوبين على المعارضة السورية في تجنيب الشعب السوري وسوريا ويلات الإرهاب والدمار، والحفاظ على ما تبقى من كيان الدولة إن كانوا فعلًا صادقين فيما يقولون؛ لأن المواطن السوري الشريف والنزيه لا ولن يقبل أن يتآمر على وطنه ويمارس دور العمالة والخيانة من أجل مصلحة شخصية ضيقة على حساب وطنه وشعبه، بل إن الشرفاء السوريين هم الذين يتولون الآن الدفاع عن سيادة سوريا واستقلاليتها ويذبون عن شعبها وكرامته.

ولذلك تمثل الجهود التي تقودها روسيا محكًّا لمصداقية المعارضة وبالذات ما تسمى بمعارضة الخارج، لإثبات صحة ما تعلنه وما ترفعه من شعارات الدفاع عن سوريا ومساعدة الشعب السوري، فالدفاع عن سوريا ومساعدة شعبها لا يتم عبر الإرهاب والدفاع عنه والعمالة للأعداء، وإنما يتم برفض هذه الأعمال الدنيئة والتخلي عنها، وفتح صفحة جديدة ومد اليد والمباشرة بحوار وطني سوري ـ سوري ومتى ما قبلت ما تسمى “معارضة الخارج” بالجهود الروسية ورحبت بها دون فرض شروط وإملاءات أسيادها على طاولة الحوار، وأعلنت رفضها الإرهاب والتدخلات الخارجية، تكون بذلك خطت أول خطوة نحو الحل.

رأي الوطن