تشكلت مبادئ خاصة بالسياسة الأمريكية العالمية وترتبط جذورها بطريقة نشأة الولايات المتحدة، ولا يمكن استيعاب تلك السياسة وفهم مراميها والحذر منها وصدّها إلاّ بمعرفة تلك المبادئ التي ترسّخت من خلال أداء مؤسساتي أمريكي وسياسة شبه متطابقة للبيت الأبيض والخارجية الأمريكية والمخابرات الأمريكية والمؤسسات الأمريكية الفاعلة منذ سنوات طويلة.
من يظن أنّ السياسة الأمريكية لا تستند إلى «مقولة» تعتمد على «أنّ الشعب الأميركي هو شعب الله المختار» يكون مجانباً للحقيقة، فليست الصهيونية فقط هي من اشتهرت بذلك، ..وحدث تقصير إعلامي عالمي عندما «نسي» الإعلام مقولة بوش مسوغاً غزوه للعراق بـ«أنّ الله أوحى له بذلك الغزو..»، وتم إغفال أنّ ذلك «الوحي» أخضع المؤسسات الأمريكية لتنفيذ الغزو، وارتبط بذلك المسوّغ الغرائبي مفهوم أميركي تنفيذي وهو «أنّ أمن الشعب الأميركي يفرض على الجندي الأمريكي حق تأمين الديمقراطية في أي بلد توجد مصلحة أمريكية بإنشاء تنظيمات إرهابية فيه وبيئة إرهابية ومكافحة الإرهاب دون احترام سيادته..»!.
هذه النتيجة التنفيذية تبلورت عام 2003 وما زالت قيد التنفيذ، ومرتبطة بالسياسة الأمريكية منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية على «دماء الهنود الحمر» وإعلانها أنّها أفضل أمل للعالم، والبلد المختار الذي قدّر له أنّ يكون مثالاً يحتذى به، ويوجد في الأدبيات السياسية الأمريكية العريقة مقولة «أمريكا قبل وفوق كل شيء..» ونظريات الفرادة والرسالة الخاصة للولايات المتحدة الأمريكية.
تلك المبادئ هي التي جعلت ترومان يأمر بإلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين مع أن اليابان كانت على وشك الاستسلام نهاية الحرب العالمية الثانية، ليعلن «أن النصر وضع على عاتق الشعب الأمريكي عبء المسؤولية عن القيادة اللاحقة للعالم»!.
السؤال اليوم في ساحة من يتفاءل بالسياسة الأمريكية في مكافحة الإرهاب أو حل أزمات مشتعلة في العراق وسورية والمنطقة: هل يتم التنبه فعلياً إلى الدور الأمريكي في إطفاء جزئي لحرب مشتعلة مقابل تأمين دور للإرهابيين في ساحات القتال تحت مسميات «اعتدالية» وفي محاولة تأمين دور سياسي لهم وإدخالهم في التمثيل الشعبي والحكومي الرسمي؟!.
من يستوعب مبادئ السياسة الأمريكية يتنبه إلى هذه اللعبة الأمريكية وأنّها تحمل مصيبة جديدة للمنطقة ويتطلب مواجهة المصيبة القادمة، فالإرهاب تصنعه الولايات المتحدة الأمريكية وتصالحه وتدخله في سياسات الدول الأخرى بهوية «اعتدال» أو مكوّن سياسي وحكومي وديمقراطي!.
بقلم: ظافر أحمد