الشريط الإخباري

قلق غوتيريش..!!

لم يكن قلق الأمين العام للأمم المتحدة من التطورات في إدلب الأول من نوعه، بل سبق أن أبدى تلك الخشية المثيرة في تفاصيلها وإيحاءاتها، التي تشي في الحد الأدنى إلى نوع من الخشية على الإرهابيين، خصوصاً حين تكون أصوات استغاثاتهم مسموعة بوضوح، أو عندما تقتضي المهمة الوظيفية للمنظمة الدولية أن تكون وفق مقاسات منظومة العدوان، وحسب متطلبات تدخلها المباشر وغير المباشر، أو حين يشعر رعاة الإرهاب بعجزهم واقتراب أفول مشروعهم الإرهابي.

ولم يكن السيد غوتيريش الوحيد في هذا الشأن، فقد كان سلفه مشهوراً بذلك القلق، وباتت عدواه تصيب كل من يصل إلى هذا الموقع، ولا سيما تلك الحالات التي تنتابهم نتيجة الحال التي وصلت إليها المنظمة الدولية، ومن باب أضعف الإيمان الذي يمتلكونه حين يسقط في يدهم، وتصل الأمور إلى نهاياتها.

لا ننكر عليه أسباب القلق الكثيرة التي تحيط بعمله وبعمل المنظمة الدولية، ولا ننكر حقه الطبيعي في التعبير عن ذلك، لكن ليس بشكل يُفهم أنه دفاع عن الإرهابيين، بل الطبيعي أن يبدي هذا القلق من ممارساتهم ومن الدعم الذي يتلقونه، ومن موقف الدول الداعمة والممولة والمزوّدة لهم بالسلاح، والتي تؤمّن الحماية السياسية والعسكرية لممارساتهم الإرهابية علناً.

ولا نعتقد أنه تغيب عنه حقيقة وجود هؤلاء الإرهابيين والخطر الذي يشكلونه، ليس على سورية فحسب، بل على المنطقة والعالم بأسره، ولا نتخيل أن ليس لديه معرفة ودراية حتى بالتفاصيل المغيّبة غربياً، أو أنه لا يدرك الحقائق الدامغة في التوظيف السياسي لوجودهم وطريقة الاستثمار الغربي لدورهم، وهو ما كان يقتضي أن يثير القلق لديه والهلع من الانعكاسات الخطيرة لذلك الدور.

ونجزم أنه ليس أكثر حرصاً من السوريين على حياة المدنيين، وليس أكثر إدراكاً لطبيعة معاناتهم من وجود التنظيمات الإرهابية، ونعتقد أنه كان أولى به إذا كان يملك قراراً بذلك أو قدرة أن يمارس دوره ومن موقعه بإلزام الدول الداعمة للإرهاب بوقف هذا الدعم، وأن يجبر من يرعى الإرهاب أن يكف عن ذلك، لأنه خطر على دول العالم، ولعل التحذير الروسي كان واضحاً وصريحاً.

القضاء على الإرهاب لن يكون بالقلق، ومحاربة التنظيمات الإرهابية لا تحتاج إلى القلق، بل إن ما يحتاجه هو الوقوف الجاد والالتزام بمبادئ المنظمة الدولية التي تؤكد هذا الحق، ولا تشكك فيه، ولا تبحث عن ذرائع لحماية الإرهابيين أو الصمت على ممارسات الدول الداعمة لهم أو التواطؤ صمتاً أو مشاركة على تحريف الحقائق وتشويه الوقائع.

بإمكان السيد غوتيريش أن يبقى على قلقه، ولكن ليس من حقه أن يكون شريكاً في الذعر على الإرهابيين، ولا أن يُبدي موقفاً يشتمُّ أو يُفهم منه دعماً أو انحيازاً لهم ولممارساتهم، لأنه يسيء إلى موقع المنظمة الدولية، وإلى دورها، ولا نعتقد أن هناك من يقبل أن يُساء استعمال هذا الدور أو إليه، وخصوصاً أن العالم في واقعه الراهن لا يحتمل المزيد من التهميش للمنظمة الدولية، أو تجييرها لما يتناقض مع مبادئها الأساسية.

بقلم: علي قاسم