سمير حماد: الشعر هو الفن الأكثر قدرة على حفظ اللغة والهوية الوطنية

طرطوس-سانا

يعتبر الشاعر سمير حماد أن الشعر هو الفن الأكثر قدرة على حفظ اللغة ومن ثم حفظ الهوية الوطنية والقومية مشيرا إلى أن اهتمامه باللغة قاده إلى الشعر لأن الشعر لغة البشر الأم بل هو أم اللغات جميعا واللغة العربية الفصحى ترتبط ارتباطا وثيقا بالشعر وتاريخه فهي تدين للشعر بوجودها ومعجمها وصرفها ونحوها ومجازاتها.

ويشير حماد إلى أن الشعر يعتبر أوفر الأعمال حظا من البراءة كما يقول الشاعر الألماني هولدرلن فالشعر ليس ترفا وإنما الشعر هم والشاعر مهموم باللحظة التاريخية التي يعيشها وهو يعرف أن اللغة هي أكثر مايعبر عن هذه اللحظة لافتا إلى أن الشعر العربي هو شعر غنائي في الأصل الباكر جدا وهو ينطبق على غالبية الشعر التقليدي الكلاسيكي ونحن نعيشه ونتعلمه كحقيقة جمالية تاريخية وثقافية لكن الشعر الحقيقي والابداع عموما هو فعل ثوري تغييري وكل إبداع حقيقي هو خروج على السائد والمألوف والرتابة وكسر للمعتاد وتمرد على المكرر والتقليد.

ويعزو حماد اعتماد الشعراء على قصيدة النثر إلى أنها تعمل على رصد التفاصيل اليومية معتمدة قوة المشاهدة والصور التلقائية لأن البساطة التي يقوم عليها هذا النوع من الشعر هي بساطة خادعة إذ سرعان ما تفصح لغتها السهلة عن عوالم معقدة تغتذي من معين الفلسفات العالمية الكبرى .1

ويشير إلى أن قصيدة النثر سحرت الشعراء الجدد لأنهم ارتقوا بها إلى ملكوت الرؤيا ووظفوا تجاربهم الرؤيوية وصولا إلى الباطن أو مدخلا إليه وجعلوها تكتسي بعدا وجوديا يدفع إلى توظيف التراث والصوفي منه خاصة مبينا أن لقصيدة النثر أهمية بالغة على لغة الشعر فهي ومن خلال تخففها من الأوزان قاربت الحياة في عمقها وأسرارها ودهاليزها وبحثت عن صورها الخاصة بلغتها المكثفة وإيجازها ومباغتتها ما أبعدها عن النثر العادي فجمالها نابع من اليومي المهموس والأكثر التصاقا بمعنى الشعر وليس من الزخرف أو الضجيج.

ولم ينكر أن شعراء النثر استفادوا من شعر التفعيلة وحتى الشعر الكلاسيكي الذي تربوا عليه في المراحل التعليمية بحيث يبدو في قصائدهم ملمح إيقاعي واضح ومختلف عما يسمى بالإيقاع الداخلي .

وحول ضرورة محاكاة الشاعر للواقع الذي نعيش فيه يقول حماد هو حارس للتنوع الموجود في الحياة و يحاول أن يكون حارسا للحقيقة مدافعا عنها مغنيا عازفا على قيثارة الحرية .

ويضيف دائما في حياتي الخاصة والعامة أحاول أن أفلت من القيود الصارمة من العادات والتقاليد من كل ماهو صارخ وسائد وشائع أحاول أن أكسر اللغة الجامدة والوضع الجامد والشذوذ المهيمن وافضح الفساد والمفسدين والقتلة التكفيريين الذين ذهبوا أشواطا بعيدة في الجرائم والإرهاب والخروج على الدين والأخلاق والقيم والإنسانية والنبالة التي توارثها السوريون من آلاف السنين.

ويرى الشاعر أن أدب الأطفال بصنوفه المتعددة لا يقل عن أدب الكبار بصنوفه أيضا وما يلاقيه هؤلاء من عنت وعذاب واضطهاد لا يقل ضراوة عن الكبار بل أكاد أقول أن نصيبهم من مآسي الربيع العربي أضعاف ما نال الكبار منها ومأساة الأطفال لا يجوز أن تغيب عن لحن موسيقي أو ريشة فنان أو قيثارة شاعر أو كلمات مبدع قاص لما للطفولة من أهمية بالغة.

ويؤكد أنه لا يجوز لمبدع أن يضع خلف ظهره قضايا الطفولة وحقوقها ففي هذا إهانة للوطن والخلق فكم من أغنية غيرت سلوك طفل وكم من قصة مشوقة ساحرة نمت خياله وقومت لسانه وأثرت لغته وكم من شخصية قصصية أو مسرحية حركت وجدانه ومشاعره فسعى يقلدها بامتياز يكاد يفوق الأصل وفي هذه الحكاية والأغنية زاد وغذاء لا يجوز أن يهملا لما لهما من أثر في التنشئة الوطنية والجسدية والعقلية.

ويلفت إلى ضرورة العناية بالعقل عند الطفل وتنشئة الخيال وتنقية الحلم هذا كله يؤمن طفولة مستقرة وبالتالي مستقبلا واعدا بالتقدم والإزدهار خاليا من الكوارث الاجتماعية والأخلاقية والبيئية مشيرا إلى أن هذا ما حاول الاهتمام به في كتاباته للأطفال وهي أربع مجموعات قصصية ومجموعتان تنتظران دخول المطبعة والمجموعات هي الساحرة والملك و بائعة الأطفال الصغيرة والنورس الحزين وحكايات جدتي.

يذكر أن الشاعر حماد من مواليد مدينة طرطوس أصدر مجموعته الشعرية الأولى الرحيل معتمدا أسلوب قصيدة النثر ثم تتالت المجموعات إلى أن أصبحت ست مجموعات شعرية وهي الرحيل وغابة الحروف و أبجدية الشعاع و حنجرة الرماد و زهرة المعنى وذات حزن وبالتوازي مع الشعر كتب المقالة النقدية مركزا على نقد الشعر بالدرجة الأولى وأدب الطفل وكتب أربع مجموعات قصصية للأطفال ومازال لديه أكثر من مجموعة شعرية خاصة بالأطفال تنتظر الطباعة وكتابين نقديين أحدهما عن اللغة العربية .

غرام محمد