الشريط الإخباري

استهداف ضمن المشروع الاستعماري

منذ ما يقرب من أربع سنوات، وسورية، التي أصاب الإرهاب الأسود أراضيها، ما زالت تؤكد في كلّ أحاديثها وحواراتها، وحتى في رؤيتها للحلول قبل الدخول في أي قضية أخرى أن مكافحة الإرهاب أولوية لا حياد ولا ابتعاد عنها، فهو مطلب أول وأساس لايعلوه مطلب آخر.

فما عاشته سورية من إجرام التنظيمات الإرهابية التي توالدت، وتغلغلت في الأراضي السورية والعراقية، وأفرزت «دواعش» و«دوامس» طالت أقطار الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه، تقتات على سفك الدماء وجزّ الرؤوس، لا ينبي إلا عن صوابية الموقف السوري، وعن وجهة نظر تحليلية واحدة أكدتها الدولة السورية، بعدما أوقفت تدحرج كرة المؤامرة «الربيعية» التي أفرزت ذاك الإرهاب المتنقّل القاتل العابر للقارات في موازين الدول المستهدفة ضمن المشروع الاستعماري التقسيمي الجديد.. والناظر حالياً إلى وجهة بوصلة الإرهاب، يراها نحو مصر التي تعيش الآن استهدافاً إرهابياً ضمن المشروع ذاته، وقد امتدت استطالاته إلى أكثر من مكان، واشتدت، لنشهد تغيراً في بنية الإرهاب الذي انتقل من العمليات التقليدية إلى العمليات النوعية التي بدأت تصيب العمق، وهذه الاستطالات نفسها عاشتها الدولة السورية في حربها على الإرهاب الذي حذرت منه ومن خطورته، وبات تهديده النوعي المباشر لا يترك للتساؤلات والاستفسارات أيّ مكان يحتمل التخمين.

إذاً، وبالتحليل المنطقي، تعيش مصر الآن الإرهاب الذي لم يؤخذ على محمل المعالجة والتحليل السياسي المعمّق، عندما كان هذا الإرهاب ذاته يضرب الأراضي السورية… هذا الإرهاب الذي حذرت منه الدولة السورية منذ بداية الحرب المجنونة عليها، وضرب البشر قبل الحجر فيها، وخرّب ودمّر، حتى بدا للناظر وكأن هذا العالم بمجتمعه الدولي لا يريد أن يرى، أو يتعظ، أو يفهم أن الإرهاب صاحب اهتزازات مرتدّة، ودائرية تحيط بالأعماق، إذا لم يُعالج سرطانه بالاستئصال…. الاستئصال فقط.

والسؤال الأكثر منطقيةً هو: ماذا يُنتظر من الدول المتحالفة في المؤامرة الكبرى التي تصب في مجملها في تنفيذ أجندة المصالح الغربية.. هذه الدول التي تظهر مساعداتها المعلنة وغير المعلنة، وتكيل بمكاييل المصالح فقط، ومازالت تمول، وتسلّح وترسل العصابات… فالمتمحص مثلاً في استراتيجيات بعض الدول التي تدّعي نفاقاً مساعدة مصر، وتظهر حرصاً كاذباً على سيادتها يدرك ذلك تمام الإدراك، فالسعودية التي غذت الإرهاب في سورية هي نفسها اليوم تدعي احتضان مصر، لتسيطر على الموقف فيها، وقد أخذت على عاتقها مهمة إبراز نفسها، بازدواجية مقيتة، على أنها الراعي لمصر التي بدأ الإرهاب المتسع نفسه يأكل جانب الرأس المثلث فيها.. في ظل صراع سعودي-قطري يلهث حالياً للسيطرة تنفيذاً للأجندة الغربية في المنطقة.. وها هو الشعب المصري يقف مدهوشاً مما يحدث، بعدما بدأت «الرايات الداعشية» تتصدر متنقلةً إلى بعض مناطق جغرافيته، هذا الشعب المطالب اليوم بالابتعاد عن دول محور الإرهاب، يدرك ماهية تموضع الإرهاب وامتداده، حتى وصل إلى عمق داره، ويعرف معرفة أكيدة أن ما طال الشعب السوري والشعب العراقي من إرهاب أيضاً، هو نفسه السائر باتجاهه الآن ليعبر إفريقيا تنفيذاً لخريطته السوداء… وما جرى في دمياط، والأيادي الخفية التركية والأجنبية الممتدة إليها، يحدد كثيراً من المعالم التي يجب التنبّه إليها، وإلى الأصابع المنّفذة الإرهابية صاحبة المصلحة الحقيقية في كل ما يجري في المنطقة.

وما تعلنه مصر اليوم، من أن حربها على الإرهاب، هي حرب وجود، هو نفسه ما كانت الدولة السورية، قد نبّهت إليه، وأكدت إجرامه اللامحدود، بعدما حدّدت ارتكاساته الإرهابية منذ بداية الحرب عليها، وما قبلها، لكن العالم صمّ أذنيه، فهل يفتحهما الآن، بعد أن وصل البلّ إلى الذقون الغارقة بدم السوريين، أم مازالت للغرب سيناريوهاته المتبدّلة، والمتحوّلة، والمستديرة، وفقاً وتنفيذاً للمشيئة الصهيونية ؟!

بقلم: رغداء مارديني