دمشق-سانا
يصنف النقاد ومتتبعو حركة المسرح في سورية الفنان التشكيلي والمسرحي عبد الوهاب أبو السعود رائد “أبي الفنون” الثاني بعد “أبو خليل القباني” إذ تدرب على يديه فنانون حملوا شعلة المسرح والفن عموما منذ العقد الأول من القرن العشرين.
مسيرة المسرح في سورية التي بدأت على يد القباني في الثلث الأخير من القرن الـ19 وتوقفت جراء الاحتلال العثماني والتيار المتطرف كانت على موعد مع إحيائها على يد عبد الوهاب أبو السعود 1897-1951 الذي ولد في مدينة نابلس الفلسطينية ثم هاجر مع عائلته إلى مدينة صيدا بلبنان وتأثر هناك بالفرق المسرحية التي كانت تزور المدينة لكنه أشبع نهمه في الاطلاع على المسرح لدى زيارته القاهرة حيث تعرف على سلاطين الفن المسرحي هناك وعمل في فرقة جورج أبيض صاحب المشروع التنويري.
بدأت أحلام “أبو السعود” تكبر عندما انتقلت عائلته عام 1910 إلى مدينة دمشق التي انطلق منها رائد المسرح السوري “أبو خليل القباني” حيث شعر أن انطلاقته الفنية اقتربت بعد تحرر البلاد من الاحتلال العثماني فقدم أول أعماله عن نص للكاتب معروف الأرناؤوط الذي كتب مسرحية “جمال باشا السفاح” عام 1919 موضحا ظلمه وجرائمه إيمانا منه بأن الفن يجب أن يكون في خدمة القضايا الوطنية والقومية والإنسانية.
وعندما تعرضت سورية للاحتلال الفرنسي وجد أبو السعود أن دوره كفنان مسرحي يحتم عليه أن يتخذ خطاً وطنياً سياسياً مقاوماً للاحتلال.
وخلال النصف الأول من عشرينيات القرن الماضي قدم أبو السعود سلسلة عروض على مسرح مدرسة “الملك ظاهر” بدمشق ولم يكتف بذلك بل انخرط في النضال ضد الاحتلال الفرنسي بعد توقف النشاط المسرحي إثر الثورة السورية الكبرى عام 1925.
وسافر أبو السعود إلى باريس 1934 على نفقته الخاصة لدراسة الرسم والتصوير الزيتي حيث ارتاد المسارح هناك وتجول في المراسم وتتبع آثارها الفنية وعندما عاد إلى دمشق أراد أن يحقق أحلامه الفنية ومشاريعه المسرحية فاقتصر نشاطه على المسرح المدرسي وبات يوظف علومه ومشاهداته وخبرته التي اكتسبها من رحلته لطلابه في المدارس.
وقدم أبو السعود العديد من العروض على مسارح دمشق فكان رواده من النخب السياسية والمثقفة وسعى إلى ربط الفن بالمجتمع وخدمة القضية القومية مؤسسا قواعد الفن المسرحي بشكل علمي ومنهجي كما شارك في وضع أول منهج علمي لتعليم الرسم بالمدارس الإعدادية في سورية ومن النوادي المسرحية التي أسسها أبو السعود “النادي العربي” و”نادي الكشاف الرياضي” و”التمثيل والألحان” و”الفنون الجميلة”.
عمل أأبو السعود في المسرح مدربا وكاتبا ومخرجا وممثلا ومصمم ديكور ومشرفا على إدارة المنصة فلم يجد نفسه يوماً بين الجمهور إلا في عرض مسرحيته الأخيرة ومن بين الأعمال التي قدمها مسرحيات مترجمة مثل هاملت وعطيل ولويس الرابع عشر والسيد والبخيل وأخرى مستمدة من التاريخ العربي والإسلامي منها فتح عمورية وخولة بنت الأزور وجابر عثرات الكرام وعنترة فتى العصر.
ولم يقتصر إبداع أبو السعود على مجال المسرح فإبداعه الفني برسم الكاريكاتير تجلى في مجلات “المضحك والمبكي” و”حط بالخرج” و “جراب الكرد”.
وخلد أبو السعود إبداعه التشكيلي عبر الكثير من اللوحات التي اعتمد فيها على الخيال والعودة إلى حوادث التاريخ العربي مثل لوحات طارق بن زياد وفتح الأندلس ومعركة اليرموك وأبو علاء المعري ولوحات مأخوذة من الطبيعة كالقرى المحيطة بدمشق والتكية السليمانية وقصر الحمراء في الأندلس وموضوعات من الحياة اليومية مثل الحكواتي في مقهى النوفرة كما رسم الوجوه البدوية والجبلية والصحراوية وأظهر فيها سمات القوة والصلابة والنظرة الثاقبة.
رشا محفوض
تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب:
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم 0940777186 بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: