مواقف المسؤولين الأميركيين وتصريحاتهم وتحركاتهم، بما فيها جولة الوزير جون كيري الحالية في المنطقة ولقاءاته في العراق، تشير إلى أن الولايات المتحدة تريد وتعمل لترتيب المنطقة وفق ما تريد المجموعات الإرهابية الوهابية التكفيرية، لأن ذلك ينسجم تماماً مع مخططاتها، ومع ما تريده «إسرائيل».
وما أدلّ على ذلك إلا المطالبات الأميركية المتكررة على لسان الرئيس أوباما أولاً، ووزير خارجيته ثانياً، فالاثنان يدعوان العراق مثلاً لنوع من الفيدرالية حسب التقسيمات الجغرافية والمذهبية والقومية، ويغلّفان ذلك بالحديث عن حكومة وحدة وطنية مقبولة من جميع العراقيين، وهذا بالضبط ما تعمل من أجله «داعش» وبقية المجموعات الإرهابية في العراق.
وعلى هذا الأساس التفتيتي الطائفي والمذهبي تتحرك الولايات المتحدة تجاه الأزمة في سورية، وتطرح الحلول التي تلتقي تماماً مع أهداف المجموعات الإرهابية في سورية.
وهذا لا يعني بالطبع أن المواقف الأميركية من المجموعات الإرهابية يجب أن تكون متطابقة في الحالتين السورية والعراقية مثلاً، فالإدارة الأميركية تدعم تنظيمات «داعش والنصرة والجبهة الإسلامية» الإرهابية وهي فروع لـ«القاعدة» في سورية، وتقول إنها تحارب «داعش» في العراق، وفي ذلك تناقض كبير يؤكد أن لا مشكلة للولايات المتحدة مع هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك ما دام يعمل على أساس تفتيتي، ولكل مكان ظروفه عند المسؤولين الأمريكيين.
إضافة إلى ذلك يمكن فهم الموقف الأميركي التقسيمي في المنطقة أكثر من خلال تصريحات أهم حليف للولايات المتحدة في المنطقة بعد «إسرائيل» وهو مملكة آل سعود، إذ رأى سعود الفيصل أن سيطرة «داعش» على الموصل وبعض المناطق الأخرى هي «ثورة» شعبية.
وبالتأكيد فإن سعود الفيصل لم يكن ليقول مثل هذا الكلام التحريضي والطائفي من دون تنسيق مع الولايات المتحدة، فهو الناطق باسمها عندما يتعلق الأمر بالمجموعات الإرهابية الوهابية التكفيرية، وما تفعله في البلدان العربية.
لذلك يمكن القول: إن «القاعدة» وفروعها في المنطقة كـ «داعش والنصرة والجبهة الإسلامية» تعمل وفق أجندة أميركية وعلى التوقيت الإسرائيلي حصراً، وبالتأكيد فإن من يلعب بنار هذه التنظيمات الإرهابية حالياً سيحرق أصابعه في الوقت القصير القادم.
بقلم: عز الدين الدرويش