دمشق-سانا
سلسلة استقالات وإقالات طويلة شهدتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ابتعاد كثير من الوزراء والمسؤولين والموظفين في مراكز مختلفة ولأسباب متعددة عن إدارته بعد أن طفح الكيل بهم من سياساته المتهورة من جهة وتصريحاته الاستفزازية والعدائية من جهة أخرى.
ولاية ترامب سجلت منذ وصوله إلى البيت الأبيض مطلع عام 2017 أعلى نسبة استقالات في تاريخ الإدارات الأمريكية وألقت بظلالها على المشهد السياسي لتضاف إلى سلسلة القرارات المتهورة في معظمها التي اتخذها الرئيس الأمريكي وأثار بها جدلا واسعا تجاوزت حدوده الداخل الأمريكي.
وزراء وموظفون ومستشارون بالجملة انضموا إلى قائمة طويلة من الذين قرروا النأي بأنفسهم عن ترامب لوجود تباينات شاسعة في الآراء والسياسات وآخرهم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي تحدث في خطاب صريح وجهه للرئيس الأمريكي عن تزايد الشقاق والخلافات بينهما.
ترامب الذي لم يعتد مخالفة أوامره بوصفه رجل أعمال واجه أحدث استقالة بفريقه بشن هجوم على ماتيس عبر تغريدة أطلقها على موقع تويتر المفضل لديه واعتبر فيها أنه “منح الأخير فرصة أخرى عندما فصله الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما” ووفر له موارد لم تكن لديه.
وبالتوازي مع استقالة ماتيس وجه بريت ماكغورك المبعوث إلى “تحالف واشنطن” المزعوم ضد تنظيم “داعش” الإرهابي صفعة أخرى لترامب بتقديمه الاستقالة هو الآخر عبر خطاب وجهه إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ما أثار حفيظة الرئيس الأمريكي ودفعه إلى اتهام ماكغورك “بالتصنع”.
عقد فريق ترامب من مستشارين ومسؤوليين وتنفيذيين بدأ يتصدع على نحو متسارع خلال عامين تقريبا أمضاهما في البيت الأبيض حيث فارقه العديد من المسؤولين الكبار بمن فيهم وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون والعدل جيف سينشز ومستشار الأمن القومي مايكل فلين الذي لم يستمر في منصبه سوى 25 يوما فقط إضافة إلى شون سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض وجيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” وأنطوني سكاراموتشي أحد مديري الاتصالات بالبيت الأبيض ورينس بريبوس كبير موظفي البيت الأبيض وستيف بانون كبير المخططين الاستراتيجيين في البيت الأبيض إلى جانب العديد من المسؤولين الآخرين.
وقبل أقل من أسبوعين وتحديداً في الـ 15 من كانون الأول الجاري جاء إعلان تخلي وزير الداخلية الأمريكي ريان زينك عن مهامه على لسان ترامب نفسه كما أعلن أمام الصحفيين في الثامن من هذا الشهر أن مستشاره جون كيلي سيغادر أيضا في نهاية العام.
ومن بين المسؤولين الذين اختلفوا مع ترامب وقرروا الابتعاد عن فريقه مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي التي قررت الاستقالة من منصبها نهاية العام الجاري دون إعطاء تفسير واضح.
وفي السادس من آذار الماضي ترك غاري كوهن المستشار الاقتصادي لترامب منصبه احتجاجا على قرار الأخير فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الصلب والألمنيوم وهي خطوة أثارت خلافات واسعة بين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والعالم.
وفى خطوة وصفها البعض بأنها انتقام لعدم تنفيذ أوامره بدأ ترامب بحسب مصادر أمريكية مطلعة التحرك نحو إصدار قرار بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عبر التباحث مع مستشاريه حول قانونية مثل هذا الإجراء الذي قد يحدث هزة في أسواق المال العالمية.
بعض المقربين من ترامب حذروا من أن عزل بأول أو أي محاولة لإرغامه على التنحي عن منصبه في بنك الاحتياطي الفيدرالي “ستكون خطوة كارثية تحدث تأثيرا مدمرا” على أسواق رأس المال وتقوض ثقة المستثمرين في قدرة البنك المركزي على إدارة الاقتصاد دون تدخل سياسي.
وتعكس هذه الاستقالات حجم الخلافات في إدارة ترامب الذي اتسمت سياسته بالقرارات والإجراءات المتهورة التي اتخذها منذ توليه الحكم حيث أعلن عن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ومن منظمة اليونيسكو ومن الاتفاق النووي مع إيران وهدد بالخروج من منظمة التجارة العالمية كما افتعل مؤخرا حربا تجارية مع الكثير من دول العالم من خلال فرض الرسوم على منتجاتها وبضائعها من الصلب والألمنيوم وغير ذلك إلى جانب إجراءاته حيال المهاجرين.
باسمة كنون