درعا-اللاذقية-سانا
شكلت حرب تشرين التحريرية بكل مفاعيلها إنجازا عظيما لتكون انطلاقة لعصر جديد يطوي سلسلة هزائم وانتكاسات ألحقت بالعرب عقب حقبة الاستقلال عن الاستعمار وزرع “إسرائيل” كيانا غاصبا في المنطقة العربية.
ويثير الحديث عن حرب تشرين التحريرية لدى السوريين مشاعر ملؤها العز والكبرياء لكونها حررت الإرادة من حالة القهر والهزيمة وعززت لديهم الثقة بالنفس وبقدرات العرب على التأثير في السياسة الدولية كما أسهمت في تحسين صورة الإنسان العربي والتفهم لقضياه العادلة.
وفي لقاء مع مراسلة سانا في درعا استذكر العقيد الطيار المتقاعد محمود العاسمي مشاركته الى جانب زملائه في حرب العزة والكرامة والثأر لهزيمة 1967 واندفاع أبناء سورية لاستعادة الأرض التي احتلها العدو الإسرائيلي مشيرا إلى أنه في الساعة الثانية ظهرا بتوقيت دمشق انطلقت شرارة حرب التحرير الأولى ومعها شدت الأفئدة والعقول نحو الجولان السوري المحتل والعيون ترقب كل دقيقة خبرا من الجبهة.
ويصف العاسمي حالة الرعب التي دبت في المحتل الإسرائيلي فلم يخش العدو من الصواريخ التي تحملها الطائرات السورية بقدر ما كان يخشى من الطيارين السوريين الذين كانوا يفضلون الاشتباك المباشر مع العدو وحولوا أنفسهم لصواريخ بشرية مشيرا إلى أن أحد المحققين الإسرائيليين قال إن الطائرة الحربية السورية تحمل 5 صواريخ بدلا من أربعة وصاروخها الخامس هو طيارها.
ويضيف العقيد الطيار المتقاعد: إن الطيارين السوريين علموا هؤلاء المرتزقة دروسا في التضحية والبطولة لم يعرفها التاريخ ولم يشهد لها مثيلا ولم يبتعد العقيد محمود عما جرى في سورية قائلا: إن ما يحدث ليس وليد الساعة وهو اليوم يحتاج للدراسة بتأن لنستفيد من المرحلة المؤلمة التي مرت على سورية بأن نحصن الجيل الحالي مما يحاول العدو الإسرائيلي أن يزرعه في عقول هذا الجيل.
وأشار العاسمي إلى أنه استعد مع رفاقه للحرب كطيارين احتياط تخرجوا حديثا في مطار المزة العسكري وهو برتبة ملازم طيار وتدرب على طائرة الميغ 17 واوكل اليه تنفيذ عدة مهام قتالية في عمق الجولان السوري المحتل منها ضرب اهداف متحركة للعدو حيث شارك في حرب الاستنزاف ولم يتوان رغم أنه كان واحدا من أصغر الطيارين السوريين المشاركين في اقتحام أجواء العدو ولم يأبه لأي نتيجة حتى لو كانت باستشهاده فقد وضع نصب عينيه هدفا وحيدا أن يصيب عدوه في مقتل.
وفي محافظة اللاذقية أعرب شحادة يوسف علي أحد المحاربين القدماء من قرية الزيادية من ريف جبلة في حديث لمراسلة سانا عن فخره واعتزازه بالمشاركة في هذه الحرب التي يتذكر الكثير من فصولها حين كان السوريون يتسابقون للقبض على الطيارين الإسرائيليين الذين أسقطت طائراتهم فوق الأجواء السورية وكذلك حالة الإندفاع في أداء المهام القتالية من قبل الجنود السوريين على الجبهة ملوحين برايات النصر لنسور الجو السوريين.
وأضاف علي: إن سورية ستنتصر لتظل قائدة للمشروع العربي التحرري بفضل تضحيات الجيش العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد في الحرب الهمجية والظالمة التي خططت لها القوى الغربية وكيان الاحتلال الإسرائيلي ونفذتها أدوات مأجورة مؤكدا أنه سنبقى نحتفل بهذه الذكرى التي تشكل معضلة يسعى العدو الى التخلص منها ومن آثارها.
الباحث نبيل عجمية قال بدوره: لا تزال مفاعيل حرب تشرين التحريرية ونتائجها راسخة في عقولنا لكونها الحرب التي غيرت مجرى الأحداث في المنطقة العربية ورسخت فكرة المقاومة والممانعة وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر والتي كان يتبجح بها الكيان الغاصب.
وأضاف عجمية: صحيح أن العالم شهد الكثير من الحروب إلا أنه كان لحرب تشرين التحريرية ولا يزال وقع خاص في نفوس من حمل راية المقاومة وقاتل العدو الاسرائيلي ولا مبالغة في القول إنها معركة خاصة بكل المعايير لأن الكيان الصهيوني كان نتاج الحروب التي سبقت حرب تشرين التحريرية وتم زرعه ككيان غريب في جسد الأمة الواحدة.
ولفت إلى أن الجيش العربي السوري البطل يواصل اليوم انتصاراته على قوى الشر والإرهاب في هذا العدوان العالمي على سورية أرضا وشعبا وكما حقق انتصاره في تشرين سيحقق النصر على قوى العدوان المدعومة من واشنطن وكيان العدو ومن لف لفهم من أنظمة متامرة في المنطقة.
صفاء علي-لمى مسالمة