الشريط الإخباري

الإعلامي أحمد إسماعيل: المذيع الذي لا يمتلك القدرة على الإعداد يبقى خارج الإبداع

دمشق-سانا

يمتلك الإعلامي والمذيع أحمد إسماعيل خبرة تراكمية اكتسبها على مدى ثلاثين عاما من العمل وراء ميكروفون إذاعة صوت الشعب وكان تخصصه الأثير طوال هذه المدة الثقافة بتخصصاتها الغنية ولاسيما الشعر بقديمه وحديثه.

وعن هذه المسيرة الغنية قال إسماعيل في حديث لـ سانا بعد مرور سنوات طويلة على عملي الإعلامي وجدت أن هناك اختلافا بين ما يطرح من أفكار وقيم وما يطبق على الواقع ما جعل الحماسة عندي أقل مما كانت عليه في السابق إلا أن المبادئ والمثل العليا لا تتبدل مهما لاقينا لتدلنا في أحلك الظروف التي نمر بها.

وعن الأدوات التي يمتلكها الإذاعي لإحداث التأثير المطلوب بالمتلقين بين إسماعيل أن الصوت هو الوسيلة الأهم التي يجب أن يقتنع بها المتلقي وهو لا يشمل الطبقة الصوتية فقط إنما يضاف إلى تلك السمة الشخصية الثقافية والاجتماعية للمذيع التي تجعل من الصوت بنية مذهلة يعجب بها الملتقي ويتابعها لأن الكلمة بما تتضمنه من معاني ثقافية وإنسانية يجب أن تخرج من القلب لتدخل إلى القلب.

2

وعن رأيه بالفصل الشائع بين المذيع المعد والمذيع المقدم أبدى إسماعيل رفضه لهذا المصطلح لأن المذيع الذي “لا يمتلك القدرة على الإعداد حتى لو قدم عملا إذاعيا أو إعلاميا ناجحا يبقى خارج نطاق الحالة الإبداعية ويحكم على عمله بالفشل”.

وسعى إسماعيل عبر عمله الإذاعي الى تسليط الضوء على الإبداعات السورية الأدبية في شتى المناحي عبر برامج عدة تولى إعدادها وتقديمها مركزا على الشعر والشعراء ولاسيما برنامجه الأخير كلام الأقلام الذي يستضيف خلاله شعراء سوريين.

وتعامل إسماعيل عبر هذا البرنامج مع كم هائل من الإبداع الشعري السوري ووجد أن الكثير منه جاء “مغلوطا” في النشر والإصدار والتعامل العام مع المادة الأدبية ليضطره كثيرا خلال الإعداد للحلقة إلى تحمل معاناة التغيير والتبديل والبحث عن الحالة المقبولة التي يمكن أن يرضى عنها المتلقي.

كما لاحظ أن “استسهال منح الموافقات للنشر أدى لظهور شعراء دون المستوى” ضاربا على ذلك مثالا ما جرى معه خلال تسجيل إحدى الحلقات مع صاحب ديوان جديد لمؤلف على أنه شاعر وعندما استضافه في برنامجه وجد أنه لا يتمكن من قراءة ما هو مدرج وراء اسمه وعندما سأله عن الجهة التي سمحت بإصدار الكتاب طالبه بتأجيل اللقاء بشكل كامل.

ويحاول اسماعيل عبر برنامجه إلقاء الضوء على مختلف التجارب الشعرية بما فيها شعر النثر رغم عدم قناعته الشخصية به كشعر بل يسميه خاطرة لأن الشعر قيمة تمتلك مقومات لا بديل عنها بل هناك محاولات تبتعد حتى عن الخاطرة كجنس أدبي وتدخل في متاهات بعيدة عن الشعر والإحساس الأدبي وهي لا تتعدى التهويم الذي ليس له علاقة بالأدب ولا فائدة منه.

وأوضح أن ما يقدمه ليس بالضرورة أن يكون مقنعا له لكنه يطرح ما يصله إلى المتلقي مع المحاولة الدائمة لتطوير المادة الإذاعية المقدمة والتحفظ على ما يمتلكه ويقدمه الضيف ويبقى الحكم بذلك للمستمع الذي هو الهدف من إعداد هذا البرنامج.

3

وعن أثر موهبته الشعرية في أداء برنامجه قال لا بد لها من أن تؤثر في عملية انتقاء واختيار الضيوف لأن البرنامج الذي يعده ويقدمه شاعر سيكون مختلفا عن غيره لأن الخيارات ستكون أكثر نجاحا وذلك بسبب فهمه ومعرفته لما يمتلكه الضيوف موضحا أنه يهتم بهذا البرنامج ويستمتع به لأنه يمتلك هذا الجانب ولولا ذلك لما أقدم على إعداده.

ورغم القصائد الشعرية التي نظمها إسماعيل في مناسبات عديدة لكنه يرفض تسمية نفسه شاعرا إلا أنه يرى في العديد من المنشورات التي تصدر على الساحة الثقافية أنها تظهر نتيجة “لمعايير وموافقات غير مسؤولة” ما أوجد تدافعا شديدا على الساحة الثقافية ولاسيما في مجال الشعر سبب حالة من التراجع داعيا إلى الاهتمام بالمواهب الشابة التي تبشر بمستقبل واعد شرط امتلاك القدرة على الكتابة والاستعداد النفسي لاكتساب الثقافة وبرأيه فإن المنتج الثقافي الذي يصل إلى المنابر وإلى الساحة الثقافية “يتخلله كثير من الغلط والضعف وتهيمن عليه الحالة الاستعراضية” وما يزيد من ضرر ذلك أن الوسيلة الإعلامية التي تتحدث عنه وترصده إلى المتلقي لا “تملك قدرة التقييم والانتقاء” بالتالي تتضخم الأمور بشكل لا علاقة له بالأدب والثقافة ما يفرغ المحتوى ويضر به.

وبرغم التزامه بكتابة الشعر الفصيح الموزون يرى إسماعيل أنه لا ضير من مقاربة الشعر المحكي الذي يتمتع بلغة شعرية راقية وموسيقا عذبة وسلوك اجتماعي ووطني يمكن أن يحدث حضورا في ذائقة المتلقي كما فعل هو في مقدمة بعض برامج البث المباشر إضافة إلى بعض الأغاني التي كتبها.

وبدأ إسماعيل العمل الإذاعي سنة 1984 واول برنامج أعده وقدمه هو “عيون على الشراع” في إذاعة أمريكا اللاتينية موجه للمغتربين العرب وتبعه في نفس الإذاعة برنامج الأدب المهجري تلاه رحلة البث المباشر وسلسلة من البرامج الثقافية في صوت الشعب منها “قلم وقضية-قضايا معرفية-محطات ثقافية” وأخيرا كلام الأقلام كما كتب في التعليق السياسي بالإذاعة بعنوان رأي سياسي وأعد الكثير من الندوات الثقافية والسياسية تبعا للأحداث الجارية ويعمل على استخدام الحالة الشعرية بصورة جلية في عمله الإعلامي.