دمشق-سانا
حشد فني وإعلامي شهدته قاعة أمية مساء اليوم في فندق الشيراتون بدمشق حيث أقامت وزارة الإعلام “المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني” ندوتها التي تستمر حتى مساء غد الخميس.
وزير الإعلام عمران الزعبي افتتح برنامج هذه الندوة بكلمة وجهها لكل صناع الدراما التلفزيونية من كتاب ومخرجين وفنانين وفنيين فقال “هذه الورشة هي حصيلة تفكير وحاجة كون الدراما السورية بأمس الحاجة اليوم لوقفة مراجعة كل فترة وأخرى نناقش فيها الاحتياجات والقضايا العالقة ونضع الخطط التي تحقق الأهداف الحقيقية في هذا الإطار فالعاملون في الدراما الغائبون منهم والحاضرون يدركون طبيعة الهموم التي يعيشها هذا القطاع سواء فيما يتعلق بالأجور أو النصوص أو التسويق والترويج والإنتاج وغيرها”.
وتابع عمران بالقول “إن بعض الأخوة العرب الذين تعاملوا مع الدراما السورية لم يكن تعاملهم أخلاقيا بل ماديا وتجاريا مع فارق واضح في الهدف والهوية الوطنية والقومية حيث تم استدراج الدراما السورية إلى أماكن ومواقع في الإنتاج والتسويق والنص والسيناريو كان يجب ألا تذهب إليها وهي أماكن لا تتوافق مع هويتنا وقضايانا الاجتماعية والسياسية”.
وأضاف وزير الإعلام في معرض حديثه عن شجون الإنتاج الدرامي أنه “يجب أن تخلص هذه الورشة إلى نتائج تحدد فيها بدقة ما تعانيه الدراما السورية اليوم من مكامن الضعف والاحتياجات للفنانين والكتاب وكل مكونات قطاع الدراما فعلى هذه الورشة أن تقدم للدولة خلاصة يمكن التعويل عليها لتصويب مسار الفن التلفزيوني في سورية”.
وأوضح الزعبي أن الدراما السورية حاجة عربية لا بديل عنها فالعرب أدمنوا درامانا فأصبحت هذه الدراما جزءا من حياة كل أسرة عربية بطريقة أو بأخرى ومهمتنا أن نعودهم على إدمان نوع فني راقٍ هادف لا سوقي مبتذل ويجب ألا نتنازل عن الاعتداد بالدراما السورية بعد الذي وصلت إليه من نجاح محلي وعربي والتضحيات التي قدمها فنانون كبار صنعوا هوية حقيقية للثقافة السورية فالدراما السورية مركز إشعاع وطني يشبه أكبر مراكز الأبحاث والدراسات في دول العالم.
وأشار وزير الإعلام الى أنه “يمكن أن تكون الدراما السورية هوليوود العرب لكن هذا يحتاج إلى تنظيم وتنسيق ومتابعة وإيمان وتضحيات وهذا موجود لدى الكثير من الفنانين الذين اضطر بعضهم إلى تقديم بعض التنازلات في موضع ما أو بلد بسبب ظروف الحياة”.
وأوضح الزعبي أن ما نريده اليوم ليس العودة إلى إنتاج كم كبير من الأعمال بل التركيز على النوع وحبذا لو اجتمع الاثنان “إذ علينا منح فرص عمل للفنانين والفنانات الشباب وهذا ما توفره مؤسسة الإنتاج التلفزيوني المنفتحة على العمل والشراكة الفنية والإنتاجية وهذا العمل يجب أن يكون لديه مرجعيات ما يتطلب مجموعة عمل تحقق تواصلا بين الشركات الفنية والفنانين من جهة وبين المؤسسة بهدف تحقيق التنافس الذي لا يخلو من السجالات الفكرية والثقافية والتي بدورها لا يجب أن تكون على قاعدة “المناكفة والعصابية الفكرية” بل العمل بعقلية منفتحة تحقق نتائج ملموسة وتعود بالفائدة على الوطن والمواطن”.
ولفت الزعبي في حديثه عن الدراما إلى ضرورة مناقشة القضايا الكبرى في الأعمال الدرامية بعيدا عن الجزئيات.
بدورها قالت ديانا جبور مدير عام المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني إن الدراما السورية ليست بخير والبعض يقول إنها في حالة تدهور وآخرون يقولون إنها في حال انحسار المتفائلون فقط يقولون إنها ما زالت تحتفظ بمكانتها السابقة فالدراما العربية اليوم تنافسنا بتقنيات بصرية وفنية عالية والدراما مركبنا جميعا يستطيع أيا كان أن يقفز منه وقد ينجو بيولوجيا لكنه سيخسر دوره ولن يكون فاعلا في مجتمعه كما يجب أن يكون أي فنان سوري.
وأوضحت جبور أن الندوة تعمل على توضيح ما هو مطلوب من الجهات كافة لتلبية ما تطمح إليه الدراما السورية وهذه الورشة تأتي تحت مظلة وزارة الإعلام التي ترعى هذه الفعالية لكنها لا تمارس دور الوصاية بقدر ما تشجع وتحمي وتدعم دور الإنتاج الفني في القطاع العام وتحرص على رعايته فأي منتج وطني بحاجة إلى بيئة تشريعية وآفاق تسويقية وهو ما تؤمنه الدولة ولذلك نحتاج إلى هذه التشاركية بين القطاعين العام والخاص.
وأضافت مدير عام المؤسسة أنه إذا سمحنا بتدهور الدراما السورية فإنها لن تستطيع النجاة إلى مدى طويل.
ولذلك إننا في هذه الورشة نحاول الوقوف في الجلسة الأولى على العقبات التي أعاقتها دون الحديث عن الأسباب التي قد توقعنا في بكائيات لا طائل منها بل نريد آفاقا للحل أما في الجلسة الثانية تناولت السلبيات التي وسمت المنتج الدرامي السوري فجميعنا لدينا ملاحظات حول هذه السلبيات لكن علينا عدم الوقوع في مطب جلد الذات أو تبادل التهم.
وقالت جبور إن الجلسة الثالثة تناولت الرسائل والقيم التي يفترض ويمكن للدراما السورية أن تسوق لها وأن تقدمنا كسوريين كما نحن مع مراعاة خصوصيتنا السورية المطلوب أن تكون حاضرة في هذه الدراما وترسخ هويتنا الوطنية التي تشكلت نتيجة تفاعل مكونات عدة فنحن متنوعون في إطار من الوحدة الشاملة لذلك ترى جبور أن الدراما السورية عليها أن تركز على الاختلاف السياسي دون الاختلاف على الوطن.
وقالت جبور إن هناك من يقدم الإنسان السوري كمتطرف باتجاه المتشدد أو الانحلال وهذه صورة مخالفة لحقيقة المجتمع السوري فالتشتت حول أعداء مختلفين وعداوة وهمية هو خطيئة كبرى ولابد من إعادة التموضع نحو العدو الأساسي فهناك محاولات لضرب المؤسسات والملكيات العامة ما يدفعنا اليوم إلى ضرورة إظهار أن الإساءة لهذه الملكيات ستعود سلبيا على ملكياتنا الخاصة والتي ستتأثر قيمتها بحال تقويض المؤسسات العامة الداعمة للمجتمع.
وأكدت جبور على أهمية تصدي الدراما للآلية التي تودي بالمواطن السوري إلى حالة التطرف فنحن معنيون بإصلاح هذه الصورة لأسباب براغماتية وتقديم اقتراحات تكون كفيلة بدعم الدراما السورية شرط أن تكون مقرونة بزمن محدد لأنه دون معايرة زمنية قد نقع في مطب الإنشاء كما علينا إعادة صياغة المقترحات لرسم خطة طريق عمل؛ وتحديد المهل بقياس زمني لتحقيقها فإن استطعنا تنفيذ أربعين إلى خمسين بالمئة منها فهذا إنجاز كبير.
ودارت الجلسة الأولى من هذه الفعالية حول العقبات التي افتتحت بورقة عمل قدمها الكاتب والأديب حسن.م يوسف الذي تحدث عن ضيق السوق الوطنية لترويج الأعمال السورية إضافةً إلى ضعف القدرة المالية للمنتجين فالدراما أكثر تأثيراً وانتشاراً من الصحافة والإعلام وهذا يتطلب مؤهلات حرفية للدراميين وهذا الأمر لا يتوفر في صناعة الدراما فالصحف توزع محلياً أما الدراما فتدخل كل بيت عربي وتلعب دوراً مركب كونها سفيرنا إلى العالم كونها تلعب دوراً مركباً أهم أحياناً من دور وزارتي الخارجية والإعلام.
وأوضح السيناريست ميم يوسف أنه لا يوجد نظام داخلي لصناعة الدراما يضبط سلوك الشركات المنتجة ويضمن نقاء هوية إنتاجنا كجزء مهم من الثقافة الوطنية السورية ونتيجة لهذا الوضع المنفلت تجد الدراما السورية نفسها في أحيان كثيرة تحت رحمة التجار الذي يقدسون مصالحهم الخاصة.
ونوه يوسف إلى ضعف القدرة المالية للمنتجين الذين يقومون بفرض رغباتهم على العمل وهذا ما أدى إلى بحث الأعمال السورية إلى طرق تمويل أخرى مما أدى إلى تسلل البترودولار مما أدى بدوره إلى وقوع الدراما السورية تحت رحمة أبطال السوق؛ وأضاف الكاتب يوسف أن الدراما فن وصناعة وتجارة لكن بعض المنتجين حولوها إلى مجرد تجارة مع الأسف ما زاد ويزيد من تفاقم هذا الوضع سيطرة بعض التجار على جل مفاصل العملية الإنتاجية وعلاقات بعضهم المريبة بالجهات القائمة على شراء الأعمال الدرامية في المحطات العربية.
وأضاف صاحب “أخوة التراب” إن المنتجين يعملون على ما يضمن لهم تسويق منتجهم الدرامي بغض النظر عن سويته في بعض الأحيان وهذا الوضع أدى ويؤدي إلى تهميش الإبداع وانحسار حضور الفنانين والفنيين الجادين لصالح سواهم فعندما تفرض التجارة قوانينها على الفن يكون من الطبيعي أن تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة من السوق وقال يوسف أنه من أبرز التحديات التي تواجه الدراما ولادة جهات إنتاجية محلية في مختلف أنحاء الوطن العربي مما قلل الطلب نسبياً على الدراما السورية وهذا التحدي يمكن التغلب عليه من خلال التركيز على تقديم الأعمال النوعية التي لا يمكن إنتاجها إلا في البيئة السورية ومن قبل المبدعين السوريين.
الباحث محمد أبو معتوق تحدث عن الترابط بين الدراما والإنسان السوري فالدراما السورية عليلةً كانت أم صحيحة هي كائن متصل بنا وقد أصيبت بزلزال تماماً كما أصيب به الإنسان السوري شابهته وتماثلت فيه وعندما كان الإنسان السوري مستقر في وطنه كانت الدراما مستقرة في سورية وتابع إنتاجها بجهدٍ وإخلاص بأن استشهد بعض فنانيها وهجرت الدراما نصف هجرة بأن أنجزت بعضاً من إنتاجها داخل الوطن والبعض الآخر خارجه وهجرت نهائياً إلى أماكن بعيدة كما هجر الكثير من السوريين وهذا ما يؤكد الترابط بين الدراما والإنسان العميق والعظيم.
وقال أبو معتوق إنه بما أن الأزمة أصابت الإنسان والمكان فإن بعض الدرامات في الحقيقة لم تخلص لهذا الزمان والمكان فحولته إلى عباءة أو قميص ملأته بكائنات وأفكار لا تشبه المكان والزمان واستسلمت هذه الدراما إلى تمويل خارجي وهذا التمويل ضخ فيها قيماً ومثلاً لا تشبه السوريين رغم أن البيئة سورية والمعطيات متصلة بروح الكائن السوري لكنها غريبة عن طبعه وعن كينونته من مثل مسلسل باب الحارة.
أبو معتوق أوضح أن هناك دراما سورية وبسبب العقبات هجرت عن المكان فهناك أعمال ممثليها وموءلفيها ومخرجيها سوريين كجزء من سورية هذه الأعمال لكنها طرحت موضوعات هوليودية ضئيلة الحجم ومطها وشدها ليملأ بها ثلاثين حلقة فاغتراب الدراما عن منشأها عقبة عظيمة لا يمكن إنكارها وهناك عقبة أخرى أمام النص وهناك نصوص مهمة تهمل وأخرى سطحية تؤخذ واقترح أبو معتوق أن تقوم مؤسسة الدراما بتكوين قراء يقدمون قراءة عن النص بعشر صفحات لدراسته دراسة جيدة وموضوعية.
بدوره الفنان زهير رمضان قدم سردا تاريخيا عن بديات الدراما متحدثا عن جيل الرواد وفترة الثمانيات مستشهدا بمسلسل “عريس الزين” كأول مسلسل دق أبواب المحطات العربية النفطية محققا ريوع مالية عالية ليفكر بعدها الكثير من الفنانين والمنتجين بالتصدي لهذه الصناعة ما أدى إلى مغادرة الكثير من هؤلاء وطنهم إلى أحضان الخليج لينال جعالته من أمواله كمنتج منفذ على أرض وطنه.
وأضاف صاحب شخصية “المختار بيسه” إن هذه الطفرة أدت إلى ظهور أكثر من 600 تجمع فني إنتاجي في سوري وما يقارب 500 تجمع نقابي فني يخص نقابة الفنانين وحدها مما أدى إلى تعزيز حضور الدراما السوري؛ لافتةً إليها الأنظار؛ ولكن يبقى على رأس هؤلاء آنذاك التلفزيون العربي السوري شيخ الإنتاج الفني والوطني بامتياز.
وأوضح رمضان أن كل ما خرج وقتذاك من إنتاج درامي محترم كان تحت عباءة التلفزيون؛ لتبدأ بعد ذلك المشاكل وكانت وزارة الإعلام في كل مرة تحاول جمع أهل البيت للوصول إلى صيغ منطقية من أجل الحفاظ على هذا المولود الجديد الذي اسمه الدراما السورية دون إغفال أعمدة وخامات وطنية نفتخر بها من مثل علاء الدين كوكش غسان جبري شكيب غنام ومحمد فردوس أتاسي من رواد هذه الدراما.
وقال الممثل السوري رمضان إن المشاكل الأساسية في صياغة حضور الدراما كانت بين تجاذب أدوار بين عدة مؤسسات كانت كل منها تريد أن تأخذ دور الآخر فبين نقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما ومديرية الإنتاج مما حدا بوزارة الإعلام للتدخل والتنسيق بين هذه المؤسسات الأمر الذي أدى إلى توحيد جهود هذه المؤسسات لتجابه الدراما السورية بعد ذلك مسألة الرساميل العربية التي لم تكن على الإطلاق بريئة فجاءتنا الكثير من الإنتاجات العربية بلبوس سوري ودخلت إلى الوطن وهنا حدثت المشكلة والمصيبة أنه تحت شعار الوطنية قدمنا مسلسلات مسفة ومسيئة ولا تعبر عنا كسوريين ولا بشكل من الأشكال.
وأوضح الفنان رمضان أن اللغة البصرية الراقية في الأعمال السورية تحولت إلى لغة الجسد الإغوائية ومسلسلات سفاح القربى والخيانات الزوجية لتخرج الدراما من منمنمات باسل الخطيب ونجدت أنزور إلى مسلسلات ما أنزل الله بها من سلطان لتتحول الدراما من حالة ننتمي إليها وتنتمي إلينا إلى حالة نخجل منها وتخجل منا.
الإعلامي منصور ديب من قناة سورية دراما قدم ورقة حول الإعلام والدراما فقال إن الإعلام السوري لم يكن على مستوى الدراما المنجزة في كثير من محطاته فبات الإعلام الفني السوري أكثر سوءاً إضافةً إلى ما شهدناه في الأزمة كإعلاميين من صعوبة التواصل مع شركات الإنتاج ونجوم الصف الأول للحضور على الشاشات الوطنية ناهيك عن دخول الكثير من الصحفيين المتكسبين من خلال المواقع الإلكترونية التي تتعاطى مع صحافة النسخ لصق والسطو على المقالات الفنية والتغطيات.
وأضاف ديب أن شركات الإنتاج لا تعي دور المؤسسات الإعلامية ودورها القادم في توثيق عجلة الإنتاج الفني؛ فتراجع التغطية أعطى مشهداً أكثر سوءاً؛ فهناك شركات تصل ميزانيتاها إلى ملايين الدولارات وليس عندها مسؤول إعلامي ما جعلها تخضع بكل بساطة لرغبات الممثل والمنتج بعدم الظهور الإعلامي بحجة أن الوضع لا يحتمل.
المخرج زياد جريس الريس قال في مداخلة له أن الألم كبير فهناك دم فاسد في الدراما السورية وقتل لروح الاندفاع والحماس عند الشباب وابتعاد واضح عن الشارع السوري فالأزمة كشفت الكثير من هذه الأدوار فهناك عدم الاستفادة من الفنانين الأكاديميين لبناء الدراما السورية فلم تؤسس لمدرسة حقيقية لها جذور رغم وجود قرار حكومي صريح وواضح وصارم بإزالة جميع العقبات أمام الدراما السورية لتصبح في مستوى عالٍ ورفيع.
وأضاف الريس أن سلطة الدولة يجب أن تكون فاعلة حتى على الإنتاج الخاص ويجب عدم الخلط بين المال والإبداع والمال والأخلاق وأيه لها الأولوية فعلى المنتجين في القطاعين العام والخاص التفكير في هذه النقطة فالقيم والأخلاق والإبداع هي الرسالة وتحت هذه العناوين كل الأمور ستكون متاحة فيما لو توفرت مقترحاً التوجه إلى داخل المجتمع السوري ومن يريد أهلا وسهلاً به فلن نركض خلف أحد.
وأكد الريس على ضرورة زيادة دعم المؤسسة العامة للإنتاج مالياً وإبداعياً ومهنياً وفنياً بشكل مطلق لتفرض هيمنتها على قطاع الإنتاج السوري إلى جانب ترسيخ القطاع المشترك وهي تجربة إذا ما تحققت ستكون ناجحة في المستقبل.
الفنان رفيق سبيعي قال لنا إن نفخر بانطلاقة الدراما السورية التي عبرت عن أصالتها في السنوات الماضية بل استطاعت أن تجد لها مكاناً بارزاً على مساحة الوطن العربي كأعمال كرست مجموعة من الكتاب والمخرجين والفنانين والفنيين كرواد حقيقيين ولولا ذلك لما انتشرت هذه الأعمال وعرضت على جميع قنوات الناطقين بالضاد.
وقال سبيعي أنه في عهدنا الحالي كرست نظرية إعطاء المناصب الإدارية الحساسة كمكافأة لكل من قدم ويقدم خدمات خاصة لدوائر معينة في الدولة مما جعل التخصص في العمل الفني الحقيقي لا قيمة له وكذلك هناك من نذر نفسه ليكون فناناً ملتزماً وترك أهله لسنوات عديدة ليعود ويحمل العلم والمعرفة مما يؤهله لتولي منصب مع العلم الذي تلقاه الذي أصبح لا قيمة له أيضاً كل ذلك أصبح ليس ضرورياً للحصول على منصب مؤثر في هذا المجال لقد كانت بدايتنا في الدراما السورية مشرفة واستطعنا في زمن قياسي أن نقطع شوطاً كبيراً مما أهل الدراما السوري أن تحصل على موقع الريادة وبتنا نفخر بذلك.
وأضاف فنان الشعب إن الدراما الشعبية التي استطاعت فيما مضى حيازة قصب السبق في الدراما العربية انحدر مستواها؛ حيث كنا نتمنى الصعود المستمر التي حصلت عليه الدراما الشامية لولا دخول الأصابع السوداء التي استغلت هذا النجاح وحولته بأموال البترول إلى ميدان مسيء لصورة الأصالة التي كنا بدأنا مسيرتنا فيها بنجاح متواصل.
الفنان مصطفى الخاني قال إنه من الصعب إيجاز ما تحتاجه الدراما السورية في كلمتين وإلا لما كنا احتجنا إلى كل هذه الورشة وإلى كلمات كل هؤلاء الأساتذة لكن بالموجز نحن بحاجة أولاً بأن نعي ما لدينا من مشاكل فنصف الطريق لحل المشكلة هو إدراكها والاعتراف بها ثم العمل على حلها؛ فهناك أسباب للتراجع التي أعاقت تطور الدراما السورية ومثل هذه الورشات يجب ألا تكون فقط لكي نظهر في الإعلام ونتكلم أننا بلد حضاري بل يجب أن تكون هناك خطوات عملية لتنفيذ ما تخرج به ورش العمل هذه.
المخرج باسل الخطيب قال في إجابة عن إمكانية نقل تجربة سينما المؤلف إلى الدراما السورية أن أي عمل فني هو في النهاية عمل مؤلف ولا أقصد هنا بعمل المؤلف الشخص الذي كتب النص بل الشخص الذي تبنى هذا المشروع بكل ما فيه من أفكار وقيم وطروحات وبالتالي سينما المؤلف هي ليست فقط سينما المخرج الذي كتب السيناريو بل هي سينما مخرج لديه مشروع فكري متكامل يريد أن يعمل عليه ويمكن أن يكون معه شركاء في عملية الكتابة.
وأضاف صاحب فيلم “مريم” وهذا ما يمكن أن يتحقق في الدراما التلفزيونية ولو أن الخيار سيكون أصعب فإذا كنا في الفيلم أمام عمل فني مدته ساعة ونصف فإننا في العمل التلفزيوني أمام ثلاثين حلقة فإذا كانت السينما تجنح لتقديم موضوعات تعني فئة قليلة من الناس فإننا في التلفزيون نتوجه إلى شريحة واسعة ومعقدة فلابد للمؤلف أن يعرف كيف يتوجه لها.
وتأتي هذه الفعالية التي تنظمها المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني تحت عنوان “مستقبل الدراما السورية” الاستحقاقات والاحتياجات على ضفتي استجابة” وتتضمن عدة محاور يشارك فيها كوكبة من نجوم ومنتجي ومخرجي وكتاب الدراما السورية أملاً بالوصول إلى دراما سورية معافاة ومتحررة مما يعيق قدرتها على تقديم الواقع السوري والتأثير به إيجابياً.
وتمحورت الورشة في جلساتها حول العقبات التي اعترضت الدراما وأعاقت تقدمها إضافةً للسلبيات التي وسمت المنتج الدرامي خلال الفترة الأخيرة والرسائل والقيم التي يفترض ويمكن لهذه الدراما أن تروج لها فضلاً عن الاقتراحات الكفيلة بدعم الدراما السورية لتصبح أوسع حضوراً وأعمق تأثيراً.
سامر إسماعيل
تقرير: طلال ماضي