(في السيمياء.. مباحث بالأدب العربي) دراسات في إشارات لغوية بأدبنا العربي

دمشق-سانا

جاء كتاب “في السيمياء … مباحث في الأدب العربي” للدكتورة وسام قباني جديدا في طرحه الإبداعي حيث تناولت فيه علم العلامات والإشارات والدلالات اللغوية والرموز والمؤشرات وارتباطها في الأدب العربي من خلال دراستها لبعض النصوص والرؤى في تاريخ عربي حافل بالثقافة والأدب والفلسفة.

ووجدت قباني أنه رغم التطور الهائل الذي شهدته السيميائية “علم يبحث دلالة الإشارات في الحياة وأنظمتها اللغوية” في مجالها النظري إلا أنها لا تزال تسير بخطى وئيدة في مجالها التطبيقي بقيود المنهج السيميائي النظري دون محاولة للتحليق في فضاءات جديدة تستند على دعائم سيميائية.

وتطرقت المؤلفة إلى اسم هند في الشعر العربي الذي ارتبط بالرقة والعذوبة وبالحرب والقوة فهند برأيها اسم لهو مدلولات عدة وواسع المجال يمكن أن يستخدمه الشاعر في كثير مما يذهب إليه من معان مختلفة وهذا ما كان في كثير من قصائد الشعراء كعمر بن أبي ربيعة وعبد الله بن عجلان وغيرهما.

وفي مبحثها الثاني “سيمياء اللون في شعر عنترة العبسي” جاءت بتوصيف القوة البنيوية لشاعر عربي شغل الأدباء والنقاد بخصوصيته وتجربته معبرة عما أتى به اللون الأسود وهو لون عنترة من جماليات ودلالات وإشارات ورموز في نصوصه التاريخية مستشهدة بكثير من أبياته ومنها “ومن قال أني أسود ليعيبني .. أريه بفعلي أنه أكذب الناس”.

كما يدل الكتاب على البنية الفنية الجمالية التي لا نظير لها والتي ساهمت في تكوين البنية التربوية الشعبية على مر التاريخ ومنها أبيات شعر في الحكم الجميلة التي يستخدمها الكثيرون دون أن يدرك أحدهم شيئا عن صاحب الأبيات كقول عنترة أيضا.. “سيذكرني قومي إذا الخيل أقبلت.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر”.

أما المبحث الآخر في الكتاب فجاء بعنوان “قراءة في أدب نزار قباني” وتطرقت خلاله لأهمية الوطن في أسرار حياة الشاعر قباني وقصائده حيث ارتسمت صورته في شعره وفق مستويين الرمزي الذي تجلى بالأنوثة والسياق الاجتماعي والثقافي والتاريخي فبينت المعاني والروابط البنيوية التي تربط بين المرأة والوطن بكل مكونات شعره إلى أن تصل لأهمية الوطن بصفته يشكل الحياة المطلقة والوعي والمسؤءولية عند نزار ثم ذهبت إلى انتقاد الشاعر لكثير من السلبيات الاجتماعية.

أما في مبحث “جدلية التكامل والتنافر وإيقاع البياض والسواد” فبينت أن البياض يرمز إلى الخير والصفاء والحياة في حين يرمز السواد إلى الشر والحزن والموت وهذا ما دلت عليه بدلائل مختلفة مرتبطة بالحالات النفسية التي تنتاب الإنسان حيث بسط اللون كثيرا من سطوته على صور شعراء العربية ووشى بمقاصدهم الشعورية وهذا يختلف من شاعر لآخر بناء على تفكيره وبيئته وقدرته على الصياغة.

وتحدثت المؤلفة في مبحث “صورة الجنة في الشعر الأندلسي” عن اقتصار مفهوم الجنة عند الشعراء الأندلسيين في مستويات رمزية فسلطت ضوءها على الجنة وصورة كل من المرأة والأسرة والوطن والجن فيها ثم تطرقت للاغتراب النفسي بكامل تنوعاته لدى هؤلاء الشعراء ولا سيما بعد سقوط الأندلس مستشهدة بكثير من الشعراء ومكابداتهم في الاغتراب والغربة وتحملاتهم للألم.

الكتاب الصادر عن مؤسسة تموز للطباعة والنشر والتوزيع والذي يقع في 129 صفحة من القطع الكبير وثيقة منهجية تناولت محاور في الأدب العربي من العصر الجاهلي إضافة إلى العصور الأخرى في العصر الأندلسي والعصر الحديث معتمدة على رؤى نقدية ثقافية متعددة ومتنوعة في تجديد جمع بين الأصالة والحداثة في وقت واحد.

محمد خالد الخضر