دمشق-سانا
يجد الشاعر العراقي دريد الشاروط في دمشق قبلة للثقافة والإبداع فانطلق من حاراتها وتراثها الجميل لرسم صور شعرية تختلف في روحها تماماً عن تلك الصور المكبلة والمتصحرة فهي ليست بالنسبة له مجرد عاصمة عربية ولا مكانا عابرا بقدر ما هي حبيبة تداعب خيالاته وتلهمه أجمل الصور.
ويعتبر الشاعر العراقي في حديث لـ سانا أن دمشق من أهم عواصم الثقافة العربية لما فيها من مؤسسات تمارس فعالياتها بنشاط مستمر على مدى العام ودور نشر ومؤسسات طباعة منتشرة على نطاق الوطن العربي والعالم ما شجع كثيراً من الشعراء العراقيين على طباعة نتاجهم الأدبي والفكري فيها لما لها من ثقل وتواجد واسع يشهد له الجميع.
والحركة الثقافية في سورية وفقا للشاروط ناشطة على مستوى الوطن العربي فهي لم تتأثر مطلقاً بظروف الحرب الارهابية المفروضة عليها حيث لا يزال اتحاد الكتاب العرب يمارس مهامه ونشاطاته بمستوى أكبر من المعهود إلى جانب مواصلة المراكز الثقافية مهامها عبر دعم الأنشطة المتنوعة من أمسيات شعرية ومعارض تشكيلية وحفلات موسيقية تحظى كلها بحضور إعلامي منوع.
وعن بداياته الشعرية تحدث الشاروط انه حرص في مرحلة مبكرة من عمره على تكثيف قراءاته في الموروث العربي فطالع كثيراً من دواوين الشعر الجاهلي والعباسي ما أسهم في إنماء تجربته الشعرية وإثراء مخزونه اللغوي وتأصيل وعيه الثقافي.
وأشار الشاروط إلى أنه تأثر بداية بالنمط التقليدي الجاهلي ليتعرف لاحقا على التجارب الشعرية الحديثة والمعاصرة والحركات النقدية نتيجة لدراسته الجامعية في اللغة العربية فظهرت عنده فكرة تصحيح مسيرته الشعرية بعد الاطلاع على دواوين الشعر الحديث والمعاصر سواء العربية منها والأجنبية.
وأكد الشاروط أنه ليس للشعر شكل أو نمط كتابي محدد بقدر ما تكون له قدرة التأثير في المتلقي وإيصال الفكرة الشعرية بتقنية فنية عالية تحقق رغبة الشاعر في تأدية رسالته على أتم وجه فالكلمة المصاغة بطريقة فنية مؤثرة ومنتجة هي شعر في كل أحوالها سواء نظمت في قوالب الشعر العمودي أو شعر التفعيلة أو كتبت بنمط ما يعرف بقصيدة النثر معتبرا أن ما هو بعيد ومتطفل على الشعر يمكن أن نجده في كل أنماطه.
وتابع.. أنه فيما يتعلق بالبحث المعاصر في قضايا الشعر فمنه ما هو امتداد طبيعي لحركات النقد العربي التي ظهرت على يد كثير من علماء العرب من أمثال ابن سلام وقدامة بن جعفر والآمدي وغيرهم ومنه ما كان متأثراً إلى حد ما بحركات النقد الغربي الذي شاع على يد طه حسين والبهبيتي وشوقي ضيف وغيرهم ليصل إلى نتيجة بأن البحث حقق شيئاً كبيراً من أهدافه وطموحاته أواسط القرن الماضي وأثرى المكتبة الأدبية بدراسات غنية بالمادة العلمية.
وبالنسبة لتعدد الاجناس الادبية على الساحة الثقافية لفت الى انها حالة تستحق التشجيع لأن مثل هذا التعدد برأيه يخلق ميادين جديدة للتنافس ويكشف عن رغبة الذائقة العربية في التنوع ومواكبة التطور والطموح إلى التجديد في وسائل التعبير وهو فرصة للطاقات الشبابية التي تمتلك الحس الشعري وتعجز عن امتلاك زمام القصيدة العمودية.
والنص العمودي عند الشاروط يبقى نصاً جماهيرياً طاغياً ومهيمناً على الذائقة العربية وعصي المنال وذا نكهة تختلف كثيراً عن غيرها من الأجناس الأدبية فهو يحمل التقنية العالية ويعبر عن قدرة الشاعر على توظيف فكرته في إطار محدد وهو صورة تعكس ثقافة الشاعر اللغوية وخبرته الصوتية والنحوية والصرفية والبلاغية.
والشاعر دريد الشاروط حاصل على شهادة الدكتوراه في علم أصوات اللغة العربية يعمل أستاذا مساعدا في كلية التربية بجامعة القادسية بالعراق شغل العديد من المناصب الأكاديمية والأدبية هناك وهو عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين له كتابان “القرينة النحوية في الأسماء المعربة” و”بنية المقطع في القرآن الكريم دراسة صوتية دلالية”.
محمد خالد الخضر