لم يعد الحديث عما يسمى «تحالف» محاربة الإرهاب بقيادة واشنطن مثيراً أو لافتاً، رغم ما قيل فيه وعليه وعنه، لكن هناك نقطة تستوجب التوقف عندها في تشكيلة هذا «التحالف» هي هذا الوجود العربي الذي لا يمكن القول عنه غير أنه يدعو للأسف ويثير من الأسئلة والمواجع ما يفوق عدد هذه الدول المشاركة وفي مقدمتها: هل وضعت واشنطن هذه الدول في صورة تفاصيل استراتيجيتها الطويلة الأمد والأهداف والنهايات المتوقعة أو المرسومة؟ بلا شك واشنطن لا تقدم على مثل هذا في تحركاتها، ولا تريد من مشاركة الآخرين لها غير العدد والحضور الدولي والعربي من زاوية محاولة إضفاء نوع من الشرعية على تحركها.
ومن باب التساؤل أيضاً، لو أن مشكلة اندلعت في أوروبا «على شاكلة الحرب في صربيا والبوسنة» أو في الولايات المتحدة، هل كان الطرفان يطلبان النجدة من العرب أم إنهما يحلان المشكلة بأسرع وقت ولا يسمحان بأن تهدد أمن واستقرار الدول والإقليم؟.
لا شك في أن «داعش» تنظيم إرهابي على غاية من الخطورة وأن وأعضاءه من جنسيات مختلفة لكنه ليس تحالفاً دولياً أو محوراً لكي تتطلب مواجهته هذا الحشد الدولي، ولو أن العرب جادون ولديهم الإرادة الحرة لمواجهته وإنهائه لاستطاعوا ذلك من دون اللجوء إلى الغير والعمل كـ«جنود حرب» تحت المظلة الأمريكية، فهم لا ينقصهم العديد والعتاد ومخازنهم مملوءة بالأسلحة والذخائر الصدئة؟.
المنطقة العربية اليوم تُجر نحو مزيد من الاقتتال والاشتعال يكفي «داعش» وأمريكا و«إسرائيل» والغرب شر القتال، فما يحدث في الساحات العربية ليس وليد المصادفة كما ظهور وقوة «داعش» وغير بعيد عن الأيدي العربية المرتهنة، ولا شك في أن محاولات التآمر ومحاولات التفتيت مازالت على نار حامية من قبل الكثير من الأطراف التي تنخرط اليوم في مكافحة الإرهاب، اعتقاداً منها بأنها بهذه المشاركة سوف تكون بمنأى عن التداعيات أو وصول الأزمات إليها، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على قصر نظر، فالدول العربية على اختلافها لا يمكن أن تنجو إلا من خلال استشعار الأخطار المحدقة بكل الأشقاء كخطر يهدد وجود ومستقبل وسيادة الجميع.
العرب مطالبون اليوم أكثر من أي وقت آخر بأن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم وألا يبقوا كـ«القُصَّر» يطلبون الإنقاذ من غيرهم لأن هذا له مصالحه وحساباته التي تتعارض وقد تتناقض مع المصالح العربية وهذا ما يشهد به التاريخ والواقع والمنطق الذي يرى الأمور كما هي ومن دون تلميع.
فماذا قدّم العرب لخروج الصومال من أزمته؟ وماذا قدموا للعراق وسورية وليبيا واليمن وتونس ومصر والسودان وقبل كل هذا لفلسطين..؟ الإجابة بطعم المرارة والخزي وهم اليوم يحاربون كـ«جنود» لتنفيذ مخططات الآخرين من دون أن يعوا بعد أنهم لا يمكن أن يحظوا بالاحترام ماداموا لم يتخلصوا من داء التآمر وعقد النقص ورداء التبعية.
بقلم: شوكت أبو فخر