اللاذقية-سانا
أثناء نزولك الدرج الحجري المؤدي الى المغارة الواقعة تحت الأرض في كنيسة القديسة تقلا للروم الأرثوذكس في اللاذقية سيحضر في ذهنك تاريخ عمره آلاف السنين ليحكي لك قصة هروب القديسة تقلا التي آمنت بالمسيح عليه السلام وحاربها ذووها والمقربون منها فكانت تلك المغارة ملجأ وملاذا آمنا لها في رحلة هروبها من آسيا الصغرى متجهة الى مدينة معلولا السورية.
المغارة الكائنة في حديقة حي مارتقلا في مركز مدينة اللاذقية اكتشفت بالصدفة عام 1849 أثناء حفر بعض المزارعين بساتين تابعة للمنطقة فعثروا على مغارة طولها ثمانية أذرع رسمت على جدرانها الأربعة صور نافرة بعضها لرؤوس بشرية وأخرى لحيوانات وفي إحدى الزوايا سرج كثيرة من الخزف مما يدل على أن هذا المكان كان كنيسة في الماضي على حد قول المهندس ابراهيم خير بك مدير آثار اللاذقية الذي أشار الى أن كثيرا من الدراسات والأبحاث بينت أن هذه الكنيسة كانت قد تعبدت فيها القديسة تقلا أو ظهرت بها فحملت اسمها حتى الآن.
ولم يأخذ المكان حقه من الاهتمام عند اكتشافه فبقي مهملا حتى اندثرت معالمه وخلال عام 1946 تألفت لجنة أهلية لجمع التبرعات لتنظيف المغارة ورفع الأتربة عنها وقام أعضاء اللجنة بإصلاح ما يمكن إصلاحه وبناء حائط السلم المؤدى اليه.
ويشير خير بك الى أنه في “عام 1967 تم ردم المغارة بعد إشادة الحديقة المحيطة بها لكن في العام 2000 قامت مديرية الآثار في المحافظة وبالتعاون مع أعضاء مجلس المدينة والمجتمع الأهلي في إعادة الكشف عن المغارة التي تعتبر مدفنا عائليا أثريا يعود للفترة الكلاسيكية”.
وأوضح خير بك أن المغارة عبارة عن غرفة واسعة محفورة بالصخر الذي يشكل الأساس الجيولوجي لمدينة اللاذقية منوها بأن هذه القبور كانت تستعمل في قرون المسيحية الأولى لاجتماعات المؤمنين أو لاختبائهم بعيدا عن الأنظار.
وأضاف..أن مديرية آثار اللاذقية قامت بإجراء تنقيبات طارئة في الموقع قبل إقامة الكنيسة الحالية وجرى تسجيل وجود مدافن عائلية تعود للفترة الكلاسيكية بما فيها المقبرة المذكورة وتشير روايات كبار السن الى أن هذه المقابر كانت تستخدم في عصور سابقة لتخزين المؤن.
ولم يتوقف العمل عند هذا الحد حيث تعاون الجانبان الأهلي والحكومي لفتح المغارة مجددا عام 2004 وأوضح الأب فيليب فضول كاهن كنيسة مارتقلا للروم الأرثوذكس أن “المواطن عادل الياس توما تبرع بما يلزم لإنشاء كنيسة صغيرة قربها لتكون جاهزة في عام 2008 لاستقبال الزوار”مشيرا الى أن هذه المغارة هي الوحيدة من نوعها ضمن مدينة اللاذقية التي تضم معالم أثرية كثيرة تعود للقرن الخامس الميلادي.
وتظهر في المغامرة معالم واضحة لمدافن رومانية اختبأت فيها القديسة تقلا كما روى الأب فضول وتبدو كغرف صغيرة يصل عددها الى 12 غرفة تضم أماكن لوضع قناديل الزيت للإنارة بالإضافة لمساحات لوضع النذر والقرابين الجنائزية السائدة في ذلك الوقت.
وأشار الأب فضول “الى وجود آثار لانحناءة هيكل قديم وجرن معمودية يبدو بشكل واضح في الحوض الذي تتجمع فيه المياه الراشحة من سقف المغارة والذي تقول الروايات انه نتج عن معجزة ظهرت لإرواء القديسة العطشى وما زالت المياه تقطر من السقف حتى يومنا هذا”.
وتبقى المغارة المضاءة بأنوار متلألئة والمزدانة بصورة القديسة تقلا في صدر المكان عامل جذب مهما لجميع الزائرين من مختلف الشرائح الاجتماعية الذين يأتون لزيارتها من داخل وخارج سورية للتعرف على تاريخها ورؤية تفاصيلها عن قرب لتزيد الشموع ورائحة البخور المكان قدسية وخشوعا تكلله صلوات وترانيم صادرة من الكنيسة المجاورة تدعو لأمن سورية واستقرارها وعودة السلام اليها.
ياسمين كروم
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: