ليس بجديد القول إن الولايات المتحدة تعتمد سياسة الأرض المحروقة في حروبها وعملياتها العسكرية والأمنية على مستوى العالم، وهيروشيما ونكازاكي وفيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا وغيرها تشهد على الإجرام والتوحش الأميركي.
والمقصود بالحروب الأميركية ليس فقط ما تقوم به القوات الأميركية بل أيضاً الحروب بالوكالة عبر منظمات إرهابية اجرامية، والمثال المستمر لهذا الإجرام هو الدعم الأميركي للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق على مدى أكثر من سبع سنوات تحت مسميات تبريرية هدفها في نهاية المطاف تحقيق المصالح الأميركية.
كل ذلك يأتي مقدمة للسؤال: أين الإعلام الغربي والأميركي والإقليمي مما يرتكبه التحالف الأميركي المزعوم لمكافحة تنظيم داعش في سورية من جرائم وحشية بحق المدنيين في مدينة الرقة السورية؟.
من المؤكد أن أي وسيلة إعلامية لم يعد باستطاعتها تبرير علاقة واشنطن بإنشاء داعش، فهذا السجال انتهى بعد المناظرة الرئاسية بين المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون والرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي فضح دور بلاده في إنشاء هذا التنظيم الإرهابي والإشراف على تسليحه عبر وسطاء إقليميين يأتي في مقدمتهم السعودية.
لكن ما هو سر غياب عمليات تحالف واشنطن وقسد في الرقة عن الإعلامي العالمي، وكأن هذه العمليات العسكرية تحل برداً وسلاماً على أهالي الرقة؟.
المعلومات الواردة من الرقة من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير ممنهج للبنى التحتية والخدمات الأساسية تؤكد أن واشنطن أجرت تحسينات لسياسة الأرض المحروقة واستفادت من تجارب حروبها السابقة، وأن آخر ما يهمها هو حياة المدنيين.
إن ما أعلنه الهلال الأحمر العربي السوري عن استهداف تحالف واشنطن المباشر والمتعمد كل مرافق الحياة في الرقة يؤكد أن ما يجري ليس تحريراً بل تدمير، حيث لم تسلم مدرسة أو مسجد أو مخبز بالإضافة إلى المباني الحكومية وآبار المياه التي يتزود منها المدنيون من التدمير المتعمد، وهذا كاف للقول إنه لا فرق بين المنشئ والمنشأ إلا من حيث القوة التدميرية، حيث تتفوق الولايات المتحدة على تنظيم داعش في ذلك الشأن، أما الفكر والتوجه والأهداف فهي واحدة ومشتركة، وكلها تصب في خانة الإرهاب والإجرام ضد البشرية.
ولعل السؤال هنا في ظل الصمت المطبق لوسائل الاعلام الأميركية والغربية تجاه جرائم وإرهاب تحالف واشنطن هو : هل المدنيون في الرقة من صنف رابع أو خامس؟ وماذا يختلف هؤلاء المدنيون عن أشقائهم في حلب أو غيرها من المدن السورية التي أقامت وسائل الإعلام الغربية الدنيا عندما قام الجيش العربي السوري بتحريرها من براثن تنظيمات واشنطن الإرهابية.
إن غياب التغطية الإعلامية لجرائم واشنطن وميليشيات قسد ضد المدنيين في الرقة والتي تتجاوز جرائم تنظيم داعش غير بعيد عن سياسات التحكم الإعلامية الغربية الأميركية، فهناك شبكة تحكم تدير وسائل الإعلام الدولية بشكل مضبوط وقمعي، لدرجة لا نرى أي تغطية إعلامية لما يجري في الرقة في قنوات حولت بثها بالكامل لفبركة الفيديوهات والصور والأخبار والتقارير عندما بادر الجيش العربي السوري إلى تحرير حلب من أدوات واشنطن الإرهابية.
من محاسن الحرب الإرهابية على سورية أنها عرت أدوات واشنطن العسكرية والإرهابية والإعلامية والنفسية، وكشفت استخدام البنتاغون الحرب العسكرية والذكية والناعمة لإنجاز أهدافها في المنطقة، وأصبحت الولايات المتحدة مضطرة للبحث عن سبل ووسائل جديدة لحروبها المستقبلية مع الانكشاف الكبير لكل مقدراتها الخبيثة، وخاصة في الحرب الناعمة والسيطرة الإعلامية.
صحيفة الثورة