موسكو-سانا
أكد باحثون روس أن تنظيم “داعش” الإرهابي مرتبط بالإرهاب الدولي الذي يشكل تحديات محتملة لروسيا ولبلدان رابطة الدول المستقلة مشددين على أن هذا التنظيم هو صناعة أمريكية تبرر عودة الولايات المتحدة عسكريا إلى منطقة شرق المتوسط وحوض قزوين.
وفي مقابلات مع مراسل سانا في موسكو وصف نائب رئيس جمعية الدبلوماسيين الروس أندريه باكلانوف سياسة البلدان الغربية تجاه الإرهاب الدولي والتنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية منذ بدايتها بأنها “مناقضة للمنطق” مؤكدا عدم وجود موقف موحد لدى هذه الدول تجاه مسألة الإرهاب “إذ إن كل تيار سياسي فيها ينظر إليها وفق تصوراته لها” معتبرا في الوقت ذاته أن “القيادة السياسية الحالية في الدول الغربية قد تغير موقفها في المستقبل القريب”.
وأكد باكلانوف أن الرئيس بشار الأسد أوضح منذ بداية الأحداث في سورية أن “المواقف المتذبذبة في الوقوف تارة في هذا الجانب وتارة أخرى في الجانب المعاكس لن تفيد أحدا لذلك يجب اعتماد مبادئ واضحة وثابتة في المواقف السياسية” لافتا إلى أن توقعات الرئيس الأسد في هذا الصدد “نراها اليوم تتحقق على أرض الواقع ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل وعلى النطاق العالمي أيضا”.
ونوه باكلانوف بالموقف الموحد بين سورية وروسيا إزاء مكافحة الإرهاب مؤكدا أن موقفهما في ضرورة أخذ موافقة الدولة السورية عند محاربة إرهابيي “داعش” على أراضيها هو “حقيقة بديهية في القانون الدولي ويجب أن تلقى الاحترام من كل الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة”.
وعبر باكلانوف عن أسفه حيال تجاوز متطلبات الشرعية الدولية من قبل بعض الدول التي تعتبر أن مصالحها فوق كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية وتقوم بشن العدوان على الدول الأخرى كما جرى في العراق معتبرا أن هذه الدول “تغرس رأسها في الرمال بعد الإعلان عن نتائج التحري والبحث عن أسباب العدوان التي لا تخدم التوجهات الغربية”.
ووصف باكلانوف هذه المعايير المزدوجة بأنها باتت “مقرفة” داعيا إلى رفع الصوت ضد هذه الممارسات وكذلك حث بقية دول العالم للحصول على دعمها وإخبارها بأنها لن تسلم من العدوان في حالة الانزواء جانبا تجاه ما يجري لأن ما يتم اليوم من خرق لسيادة دولة ما سيجري غدا مع دول أخرى.
وألقى باكلانوف باللوم على الغربيين في استخدامهم للمعايير المزدوجة وذلك عبر الابتعاد عن الاتفاقيات المتصلة في هذه المسائل مشيرا إلى أن مصيبة الدول الغربية هي في أنهم “لدرجة كبيرة محكومون بمواقف الولايات المتحدة وخاصة أنهم يعلنون موقفا ما تجاه أي طارئء في البدء ثم يعيدون النظر به ثانية وهذا ما ينطبق أيضا على موقفهم من الإرهاب الدولي”.
وأشاد باكلانوف بتمسك مجموعة كبيرة من دول العالم بقواعد محددة في قضية الإرهاب الدولي وغيرها من القضايا مستندة بذلك إلى مبادئ منظمة الأمم المتحدة والقواعد الأخلاقية في العلاقات الدولية ومنها روسيا الاتحادية والصين الشعبية وبلدان منظمة شنغهاي للتعاون وغيرها مؤكدا أن “هذه الدول متقاربة في مواقفها وبالتالي ينبغي في تقييمنا للعلاقات الدولية الأخذ بالمواقف المعلنة من قبل هذه البلدان وليس بما تعلنه الدول الغربية”.
وتطرق الدبلوماسي الروسي إلى موضوع استخدام شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان مشيرا إلى أنها ذرائع تخفي خلفها أهدافا خبيثة ما يدل بوضوح على صحة الموقف الروسي منذ تحرك ما تسمى “ثورات الربيع العربي” كما أنها تؤكد الموقف الروسي المعلن من “تحول السياسة إلى ديماغوجيا وعبث”.
وسخر باكلانوف من العبارات “الجميلة” لـ “الديمقراطية وحقوق الإنسان” والتي تلفظ غالبا بغية تبرير ممارسات وأفعال خبيثة مطالبا القوى العاقلة والسليمة في الشرق الأوسط وروسيا بتوحيد موقفها والتعاون من أجل تفنيد هذه المزاعم وعدم تكرارها لاحقا.
وبالنسبة لموضوع اختطاف التنظيمات الارهابية المسلحة 43 جنديا من قوات الامم المتحدة لمراقبة فصل القوات فى الجولان السوري “اندوف يوم الخميس الماضي أعرب نائب رئيس جمعية الدبلوماسيين الروس عن إدانة بلاده لممارسات هذه التنظيمات ضد الجنود الأمميين المختطفين واستخدامهم كدروع بشرية ورهائن للمطالبة بتحقيق رغباتها معتبرا أن المجتمع الدولي يلقى اللوم في ذلك إذ كان عليه أن يردع هذه التنظيمات بحزم وقوة منذ البداية وألا يكون متساهلا معها أبدا.
من جانبه أكد كبير الباحثين في معهد قضايا الأمن الدولي التابع لأكاديمية العلوم الروسية ألكسي فينينكو أن العلاقة بين تنظيم “داعش” الإرهابي والولايات المتحدة ليست سرية بل هي أبعد من ذلك لأن وجود هذا التنظيم الإرهابي على الأرض يساعد بشكل موضوعي الولايات المتحدة في تحقيق جملة من المهام وأولها خلق ذريعة لتواجدها العسكري المطول في المنطقة.
ورأى فينينكو خلال مقابلة مماثلة أن التدخل الأمريكي الجديد في المنطقة سيكون بحجة أنه موجه ضد تنظيم “داعش” الإرهابي تحديدا وليس ضد غيرها ما قد”يشكل ضغطا مباشرا على سورية بعد أن فشلت تهديدات العام الماضي بالعدوان عليها بذريعة السلاح الكيميائي”.
وحذر فينينكو من أن عودة الأمريكيين إلى العراق بداعي محاربة الإرهابيين من تنظيم “داعش” ستقدم لهم بشكل مباشر إمكانيات لتحقيق هدفهم في تقسيم العراق كما ستوفر لهم فرص الضغط المستمر على إيران وغيرها من دول المنطقة في سبيل مصالحهم.