الناقد أديب مخزوم يستعرض مناخات اللون في اللوحة السورية المعاصرة

دمشق-سانا

ضمن سلسلة محاضراته المعنية بدراسة وتشريح الفن التشكيلي السوري المعاصر قدم الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم محاضرة بعنوان المناخ اللوني في اللوحة السورية المعاصرة مساء اليوم في قاعة المحاضرات بالمركز الثقافي العربي في المزة.

وقال الناقد مخزوم في محاضرته: إن إيقاعات المشهد الطبيعي والريفي السوري سجلت في منتصف أربعينيات القرن الماضي تحولات جذرية في الرؤى المناخية اللونية في لوحات بعض التشكيليين الرواد وهذا ما نجد بعض مؤشراته في تحولات ألوان فناني الانطباعية السورية الذين ساهموا بدور إيجابي وفعال في رصد اللونية المحلية وانعطافاتها وتحولاتها في الفصول الأربعة.‏ ‏

وأوضح مخزوم أن المناخات اللونية المحلية سرعان ما تحولت من التسجيل الانطباعي المباشر إلى الايحاءات غير المباشرة التي أخذت تطل في لوحات بعض فنانينا الرواد منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي كإشارات لونية لها علاقة بالذكريات المستعادة من وقائع العيش في القرى السورية مبينا أن الاتجاهات التعبيرية في تلك الفترة بدأت تفرض وجودها للإيهام بمدى مشروعية إلغاء واقعية الأشكال والإبقاء فقط على جوهر الحركة الضوئية البصرية التي تجسد روح المناخ اللوني المحلي.

وقال.. إن تأثيرات اللون المنتمي للبيئة لم تشمل الفن الواقعي أو الانطباعي فحسب وإنما تواصلت مع طروحات الاتجاهات التعبيرية كافة وصولاً إلى أقصى حالات التجريد اللوني المستمد من عناصر الواقع في تجلياته القادمة من أمكنة محلية مختلفة لافتا إلى أن الفنان الحقيقي امتلك بحساسيته البصرية والروحية النادرة قدرات غير عادية على اكتشاف ألوان الواقع وتبدلاتها الحية وكان قادرا على شحن لوحاته بهذا المناخ اللوني والضوئي الخاص القادم من الجلسة المباشرة أو من معطيات الذاكرة في خطوات تنقله من صياغة تشكيلية إلى أخرى.

وتابع مخزوم.. أن المناخ اللوني المحلي بدا بمثابة رمز لانفتاح العين والإحساس بنضارة ألوان وأضواء وأنوار الطبيعة السورية برموزها وعناصرها وأشكالها المختلفة مؤكدا أن العودة إلى بريق اللون المحلي كانت محاولة لإعادة اللوحة إلى منطلقاتها الأولى ليس فقط كتشكيل انطباعي وإنما أيضاً كفن تعبيري وتجريدي.

وأوضح المحاضر أن مناخات اللون كانت متوافقة مع جمالية التبسيط الغنائي والهندسي والقائم في جوهره على طريقة اختزال عناصر الواقع ضمن منطلق موسيقي وغنائي وشاعري مع انحياز واضح نحو الحركة والوهج وإيماءات الإيقاعات الغنائية اللونية المحلية المرئية بالعين الداخلية مشيرا إلى أن الإحساس باللون والنور شهد تصاعدا في اللوحة المعاصرة على أساس البحث عن جمالية حديثة تلغي القشور وتبقي فقط على إيقاعات الحركة المتواصلة لألوان الأشياء القادمة من نورانية المشهد في المنظر المحلي.

واشار مخزوم إلى ان الاحتمالات اللونية كانت غير متناهية في اللوحة السورية المعاصرة والتي يمكن الحصول عليها في رصد لتبدلات اللون مع الفصول الأربعة لافتا إلى أن اللون الواحد أخذ حركة تصاعدية أو تراجعية كلما اتجهنا من الغرب السوري إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب.

وعدل مخزوم بعض التصنيفات المعتمدة في النقد السوري على مدى أكثر من ستين عاما مصنفا اللوحة بمدى قدرة صاحبها على الإحساس بلونية وضوء المكان الجغرافي ومبينا أن النقد السوري خلال العقود الماضية كان يركز على إبراز خصائص التحول في الموضوع واظهار البنى التراثية والتشكيلية والأسلوبية ولم يلتفت إلى مسألة البحث عن خصوصيات المناخ اللوني المحلي في المكان الجغرافي المنتمي له الفنان وتحولاته في الفصول الأربعة.

وقدم مخزوم محاولة في تجاوز التصنيف التراتبي التقليدي لإعطاء اللوحة قيمة فنية مرتبطة بمدى قدرة صاحبها على تحقيق الخط التصاعدي الأسلوبي المفتوح على خصوصيات المناخ اللوني المحلي الخاص بالمنطقة التي يعيش فيها هذا الفنان أو الذي كان يغذي ذاكرته البصرية والروحية منه منذ أيام طفولته وحداثته ليترك في لوحاته البصمة الخاصة.

كما استعرض الناقد مناخات اللون في اللوحة المعاصرة عند الفنانين السوريين بحسب انتمائهم الجغرافي وما تتميز به مناطقهم من حالة لونية خاصة فرضت نفسها على ألوان لوحاتهم وحساسية الضوء المتفاعل مع الجغرافيا في رصد يفتح الباب على بحث عريض يغني المكتبة التشكيلية السورية ويرفد الحراك الفني في تحديد الانتماء النفسي للعمل الفني وفق الجغرافيا والارتباط بالأرض.

محمد سمير طحان

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

مخزوم: المراكز الثقافية عوضت غياب مثيلاتها الأجنبية والصالات الخاصة

دمشق-سانا يرى الناقد والفنان التشكيلي أديب مخزوم أن الفن التشكيلي السوري خلال العام 2017 شهد …