لا شك في أن قرار مجلس الأمن 2170 جاء نتيجة لكفاح الشعب العربي السوري، وكذلك الشعب العراقي في مواجهة إرهاب منفلت من عقاله ما فتئت سورية تحذر من مخاطره منذ ثمانينات القرن الماضي، وقبل عام فقط لم يكن أحد يحلم بصدور مثل هذا النص –ذي اللهجة السورية في أغلبه- عن المجلس العتيد.. لكن!..
استخدام القرار: لو أن أوباما أراد فعلاً تطبيق القرار لاكتفى بمكالمة هاتفية قصيرة جداً لأردوغان وأمير قطر وغيرهما في المنطقة فمواد القرار بكاملها تتحدث عن تجفيف منابع الإرهاب أما المادة 43 من الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة والتي تطالب باتخاذ تدابير عسكرية ضد المعتدي فهي لا تخول أي دولة بذلك وإنما هذا من حق المجلس مجتمعاً.
مكالمة قصيرة من كلمة واحدة فقط: كفى ينتهي أكثر من ثلاثة أرباع المشكلة وهي الأداة السريعة وغير المكلفة لتطبيق «2170»، فالمواد 7-8-9 تطالب الدول وقف تدفق الإرهابيين إلى سورية والعراق، ومن المعروف أن أرض العبور الرئيسية هي تركيا بالدرجة الأولى، المادة -10- تمنع جميع أنواع التسليح والتدريب «تركيا – الأردن وغيرهما»، المواد 11-12-15 تمنع تمويل الإرهابيين سواء من مصادر حكومية أو أهلية «قطر – السعودية»، المادتان 14-15 تمنع شراء النفط أو التجارة بوجه عام مع الإرهابيين «تركيا»، المادتان 19-20 تمنعان تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للإرهابيين «المخدمات الأساسية موجودة في الولايات المتحدة ويمكن وقفها بكبسة زر».
إن استخدام القرار بغرض تحقيق غاياته سهل لو أرادت واشنطن ذلك، حتى من دون إطلاق رصاصة واحدة، لكن القضاء على الإرهاب سوف يسهم في إعادة الاستقرار إلى المنطقة وخاصة إلى سورية والعراق، وهل هناك عاقل واحد يصدق أن الولايات المتحدة تريد ذلك؟..
إساءة الاستخدام: على الرغم من أن القرار يؤكد ضرورة احترام سيادة سورية والعراق إلا أن إساءة استخدام الحدث بكامله يشير إلى مخاطر جديدة: 1-تحاول واشنطن إساءة استخدام القرار لدعم شيء كانت قد اعترفت بعدم وجوده وهو ما يسمى «المعارضة المعتدلة» من سكان الفنادق الذين لا يعرفهم حتى أقرباؤهم.
2-تحاول الولايات المتحدة ابتزاز سورية والعراق سياسياً بذريعة محاربة الإرهاب.
3-يمكن أن يكون القرار مدخلاً لعودة الولايات المتحدة إلى المنطقة عموماً والعراق خصوصاً.
4-وما هو أخطر من كل هذا أن الولايات سوف تعمل في المستقبل فيجعل هذا القرار سابقة وتطالب مجلس الأمن كما حارب إرهاب «داعش» أن يحارب «إرهاب» المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
5- اتخاذ القرار ذريعة لانتقاص مبدأ الاستقلال وحرية الشعوب في تقرير مصيرها إذ سوف تحاول الولايات إيجاد سياسة ضاغطة في العالم بأن قضايا دول المنطقة لا يمكن حلها إلا عبر توافقات ومساومات دولية..
صحيفة تشرين