أتى اللقاء الذي جمع وزراء خارجية سورية وروسيا وإيران في موسكو في وقت مفصلي ليس فيما يتعلق بالوضع في سورية فحسب، وإنما بما يرتبط بمستقبل المنطقة ومحيطها الإقليمي وصولاً إلى روسيا وأوروبا وشرق آسيا والأهم بالنسبة للعالم.
كان يتوقع الكثير من السياسيين والمراقبين أن ينتهي الاجتماع بقرارات تصعيدية توازي أو تصد اللهجة الصلفة للغرب الذي يستغل مأساة المدنيين في سورية والعراق والمنطقة عموماً لتحقيق مصالحه وأطماعه، إلا أن ذلك لم يحصل وحدث العكس تماماً، حيث خرج المجتمعون بلغة هادئة تروج لصيغ التعاون في مكافحة الإرهاب الذي يهدد الجميع والتأكيد على شرعة الأمم المتحدة والتخلي عن الازدواجية في التعامل على مستوى الدول، والتي يشكل عصبها احترام سيادة واستقلال البلدان وترك شعوبها ترسم مستقبلها وفقاً لتطلعاتها وتقاليدها، وليس على شاكلة وصفة أميركية أو أوروبية.
بالتأكيد ليس كل ما يبحث في الاجتماعات يقال أو يباح به للإعلام، ولكن ما صرح به الوزراء الثلاثة يحمل رسالة حضارية وتعاوناً للعالم، مفادها بأنه لا يمكن عبر الإرهاب والضغوط والعقوبات تحقيق مصالح الدول، وأنه يجب على الغرب بالقيادة الأميركية التسليم بأن عالم اليوم ليس كالعالم الذي أعقب سقوط الاتحاد السوفييتي السابق، وأن هذا العالم لا يمكن أن تسيره في الوقت الحالي قوتان أو ثلاث أو حتى مجموعة قوى، وأن الاستمرار بانتهاج خيار التفرد والغطرسة من شأنه تدمير العالم برمته.
كما وجه اجتماع موسكو رسالة أعتقد ستكون الأخيرة للدول التي تقود الحرب الإرهابية على سورية، مفادها بأننا جاهزون للتعاون لإيجاد حل سياسي ينهي هذه الحرب ويفيد الشعب السوري ويسهم في إنتاج منظومة دولية قوامها تعاون الجميع للقضاء على الإرهاب والتطرف الذي يعد التهديد الأكبر للبشرية وللدول والقوى التي تغذيه وتموله.
لا شك أن الوزراء الثلاثة لم يكتفوا فقط بتدوير زوايا «الفرصة الأخيرة» للدول التي تقود الحرب الإرهابية على سورية، وأنهم بحثوا الخيارات البديلة المفترض تظهيرها في حال استمرت الدول الغربية في تعنتها ليس في سورية فحسب وإنما في العالم أجمع.
الثغرة في اجتماع موسكو هي بصيص الأمل المتبقي لدى موسكو وطهران في أن تعود الحكومات الغربية المسيرة بالإرادة الأميركية إلى رشدها أو تفقد الأمل بنجاح مشروعها في سورية، ولكن التصرفات السياسية الغربية والزج بالملف الإنساني على أوسع نطاق في الاستثمار السياسي كله يوحي بتعنت الغرب وعدم رغبته في التسليم بالتحولات الجديدة على الساحة الدولية، الأمر الذي لا يصب في مصلحة الدول والقوى والشعوب التي تنشد عالماً أفضل والأهم من ذلك أنه يبقي على النشاط الإرهابي وإمكانية توسعه وتمدده في أنحاء مختلفة.
على مدى السنوات الست الماضية استجابت سورية وإيران وروسيا لكل المبادرات الدولية الهادفة ولو نظرياً لإيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب على الشعب السوري، ولكن الدول الغربية أفشلت كل هذه المبادرات لأنها لم تضمن تحقيق أطماعها.
كل الأمل بأن تستجيب الحكومات الغربية سريعاً لرسالة التعاون السورية الإيرانية الروسية لإنهاء الحرب الإرهابية على سورية، وأن تكون رسالة اجتماع موسكو في حال لم يفتح الغرب أذنيه الأخيرة أيضاً.
صحيفة الثورة
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: