ممارسات السلطات الأمريكية تكشف زيف ادعاءاتها في حرية الصحافة ومحاربة التمييز العنصري

ميسوري-الولايات المتحدة-سانا

عاد موضوع “محاربة التمييز العنصري” وحرية الصحافة إلى الواجهة في الولايات المتحدة بعد الممارسات القمعية التي ارتكبتها السلطات الأمريكية بحق المظاهرات المتصاعدة في ولاية ميسوري احتجاجا على مقتل “شاب أسود” يدعى مايكل براون 18 عاما بنيران ضابط شرطة إضافة إلى اعتقالها عددا من الصحفيين خلال تغطيتهم الاحتجاجات التي امتدت لتصل إلى 90 مدينة أمريكية.

وفجر الموقف السلبي واللامبالي للسلطات الأمريكية غضبا هائلا في اوساط الشارع الامريكي إثر ارتكاب الجريمة العنصرية التي حاولت الشرطة الأمريكية تبريرها في وقت لاحق بأنها قتلت الشاب أثناء محاولته سرقة علبة سيجار ما زاد من حدة الأزمة حيث أعلن حاكم الولاية حالة الطوارئء وحظر التجول في مدن الولاية مساء أمس.

وأثارت الممارسات القمعية حفيظة الشارع وأجج تستر الشرطة الامريكية عن هوية الفاعل الذي لم يعرف عنه بداية سوى أنه أبيض البشرة موجة عارمة من السخط بين الامريكيين وتحولت المظاهرات اليومية منذ مقتله قبل اسبوع الى مواجهات عنيفة قابلتها السلطات الامريكية بالغاز المسيل للدموع .

وذكرت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية أن شرطة مكافحة الشغب الامريكية اطلقت قنابل مسيلة للدموع واخرى دخانية لتفريق مئات المتظاهرين الذين احتشدوا فى مدينة فرغسن بسانت لويس الليلة الماضية احتجاجا على مقتل الشاب براون .

وتؤكد تقارير إعلامية أمريكية أن السلطات فشلت في تطويق الازمة وزادت الطين بلة عندما قامت باحتجاز الصحفيين أثناء تغطيتهم للاحتجاجات لكن دون جدوى حيث بدأت كرة الثلج تكبر اكثر فاكثر لتعم الاحتجاجات اكثر من 90 مدينة بينها لوس أنجلوس وسان دييغو وأتلانتا وسياتل وميامى وفيلادلفيا وواشنطن وبدات تطرق أبواب نيويورك نفسها.

وأثار اعتقال الصحفيين على يد الشرطة الأمريكية حفيظة وسائل الاعلام العالمية والصحافة الامريكية حيث انتقدت صحيفة واشنطن بوست ووكالة أسوشيتد برس قرار إلقاء القبض على الصحفيين وقالت “إنه يعيد الولايات المتحدة إلى عقود سحيقة من القمع”.

ونقلت واشنطن بوست عن أحد المعتقلين وهو الصحفي ويزلي لاوري يعمل بالصحيفة نفسها قوله “يبدو أنه يمكن للشرطة الأمريكية في عام 2014 أن تعتقلك وتودعك السجن ومن ثم تتركك وكأن شيئًا لم يكن”.

واضطر الرئيس الأمريكي باراك اوباما للتدخل لتهدئة الشارع إلا أن لون بشرته واصوله الافريقية ومعاناة اجداده من افة التمييز العنصري لم تشفع لسلطاته جريمتهم غير المبررة حيث رفض المتظاهرون دعوة اوباما لهم “للعودة الى منازلهم”.

واتسعت رقعة التظاهرات لتمتد الى نيويورك حيث خرج عدة آلاف في مظاهرة حاشدة انطلقت من ساحة التايمز سكوير ووصلت إلى شوارع مانهاتن رافعين أيديهم لأعلى ومرددين شعارات “ارفعوا أيديكم لا تطلقوا النار” و”عزيزي أوباما لن نصمت بعد الآن”.

ووصل تخبط الشرطة الامريكية وعجز قوات الامن امام الحشود الغفيرة الى حد اعلان حاكم ولاية ميسوري جاي نيكسون حظر تجول وفرض حال الطوارئء واصفا المحتجين بأنهم “لصوص” مبينا أن “الدولة لن تسمح لهم بتهديد المجتمع وأنه يجب تحقيق الهدوء كى تتحقق العدالة وان الغرض من هذا الاجراء ليس ترهيب السكان وإنما السيطرة على اولئك الذين بأعمالهم يطمسون صوت الناس” دون أن يحدد من الذي يطمس صوت الناس او هل يقصد بذلك احتجاز سلطاته للصحفيين الذين كانوا يرصدون الحقائق في بلاد اعتادت التشدق بالعدالة وحرية الرأي وحاربت العنصرية بل ذهبت ابعد من ذلك بكثير فهي من يهب الجوائز لرموز مكافحة التمييز العنصري.

ولم تقنع مبررات الحاكم المتظاهرين وقاطعت الحشود الغاضبة كلمته مرارا حيث خاطبته احدى المتظاهرات “النوم ليس خيارا ايها الحاكم نيكسون.. نحن نطالب بالعدالة” لتضيف متظاهرة أخرى “أيها الحاكم يجب اتهام الشرطة بهذه الجريمة” بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.

وأثارت المعلومات التي اعلنتها الشرطة مشاعر غضب واستياء في بلدة فرغسن واتهمت عائلة الشاب براون المتحدر من اصل افريقي الشرطة الامريكية بانها تحاول الاساءة الى سمعته اثناء التحقيقات في الجريمة.

ويرى مراقبون أن آلاف الكتب والمدونات والخطابات والدراسات والافلام التي انفق عليها مليارات الدولارات اثبتت فشلها في الدور المنوط بها بنشر الوعي والرقي الفكري والاخلاقي لمحاربة التمييز العنصري وضاعت سدى فالجهل والافكار المتخلفة مازالت تعشعش في روءوس رجال السلطة الامريكيين الذين تغزو جيوشهم بلدان العالم بذرائع نشر الحرية والعدالة والمساواة.. فهل ستعود لافتات “ممنوع دخول الكلاب والزنوج” لتعلق على ابواب المنتديات الامريكية مجددا.

شادي إبراهيم