الشريط الإخباري

لجنة أممية لتقصي حقائق جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة تطرح تساؤلات حول مدى الجدية بالمحاسبة

القدس المحتلة-سانا

في محاولة جديدة لتوثيق ورصد الجرائم والمجازر الشنيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها المتواصل على قطاع غزة منذ ثمانية وثلاثين يوما اكتفى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالاعلان عن تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في هذه الجرائم.

وأوضح المجلس في بيان له في جنيف أن رئيس المجلس السفير بودلير ندونغ إيلا “عين وليام شاباس وأمل علم الدين التي اعتذرت لاحقا عن المشاركة في اللجنة ودودو ديين بتكليف من المجلس لبحث تدهور حقوق الإنسان في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة” مشيرا إلى أن “اللجنة الدولية ستقوم بالوقوف على الحقائق وظروف الانتهاكات والجرائم المرتكبة وتحديد المسؤولين عنها وتقديم توصيات وخاصة بشأن تدابير المساءلة بهدف تجنب وإنهاء الإفلات من العقاب وضمان تقديم المسؤولين للمحاسبة وكذلك بحث طرق ووسائل لحماية المدنيين ضد أي اعتداءات أخرى”.

وعلى الفور رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار حيث قال ابراهيم خريشة ممثل فلسطين لدى مجلس حقوق الانسان إن “رئيس اللجنة وأعضاءها أشخاص مهنيون ونزيهون ولهم باع طويل في مجال حقوق الانسان” فيما دعت الفصائل والقوى الفلسطينية إلى “الإسراع ببدء عمل اللجنة”.

وفي المقابل واستمرارا لاستغلالها للدعم الامريكي والغربي اللامحدود ولخروجها عن الشرعية الدولية وللقرارات الاممية كررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي حملاتها المعادية لأي قرار بهذا الصدد ولم تكتف بالرفض بل واطلقت فور الاعلان عن تشكيل اللجنة مجموعة مواقف مسبقة مقللة من نتائج عمل اللجنة وسط صمت وتواطؤ دوليين.

بدورها هاجمت صحف الاحتلال الإسرائيلي رئيس اللجنة الدولية وليام شاباس معتبرة أن مواقفه “الناقدة” لكيانها معروفة مسبقا حيث ذكرت صحيفة هآرتس بمواقف شاباس المتخصص في قضايا الإبادة الجماعية الرافضة لعدوان الاحتلال على قطاع غزة في عام 2008 والمشيدة بتقرير لجنة غولدستون التي شكلها المجلس الدولي حينها كما دعا في الماضي لمقاضاة نتنياهو ورئيس الكيان الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في المحكمة الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وفي موقف فظ جديد كشفت وثائق جديدة عن قيام مسؤولي الكيان بمحاولة التأثير على قرار مجلس حقوق الإنسان وتشكيلة اللجنة حيث توجهوا إلى الولايات المتحدة واستراليا وألمانيا وبريطانيا ودول حليفة أخرى لحثها على الضغط من أجل أن تكون تشكيلة اللجنة مختلفة.

ووفقا لمراقبين ومتابعين فإن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين على امتداد الأرض الفلسطينية وخلال العقود السبعة الماضية واضحة وجلية للعيان وليست بحاجة إلى شهود أو اثباتات او لجان استقصائية ولكن المحاباة الامريكية والغربية للكيان الاسرائيلي وانتهاكات واشنطن وحليفاتها لابسط قواعد حقوق الانساني والقانون بتغطيتهم جرائم ربيبتهم /اسرائيل/ على مدى العقود الماضية ومنع أي إجراء لمحاسبة مجرمي الحرب الاسرائيليين على الاقترافات والانتهاكات التي ارتكبوها دفعت هذا الكيان إلى الايغال في ارتكاب المزيد من المجازر دون أي تخوف من حساب أو عقاب او رادع والذهاب ايضا الى حد تحدي المسؤولين الامميين ويكفي الاشارة هنا إلى أن بعض الدول الغربية التي أقيمت دعاوى قضائية فيها ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين قامت بتغيير قوانينها بشكل يوفر الحصانة لهؤلاء المجرمين.

وليس بعيدا عن الأذهان المصير الذي لقيه تقرير لجنة غولدستون والتي تشكلت للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال عدوانها على قطاع غزة نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 حيث مارست الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ضغوطا هائلة لمنع تنفيذ أي من توصيات اللجنة والتي اقرت بوضوح بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الانسانية المرتكبة خلال العدوان الصهيوني مشددة على أن حالة الإفلات من العقاب لفترات طويلة تسببت في أزمة “غياب للعدالة” في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وبحسب المراقبين فإن ما سجل من وقائع ومعطيات خلال يوميات العدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة يعطي أدلة قاطعة على حجم الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين وخصوصا مع سقوط أكثر من 1950 شهيدا و10 آلاف جريح غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء والشيوخ إضافة إلى استهداف صواريخ وقذائف الاحتلال خلال هذا العدوان المستمر لنحو 90 عائلة فلسطينية بشكل كامل ما يوءكد ارتكاب الاحتلال جرائم ابادة وحشية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.

كما زادت قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائمها مستهدفة المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /الأونروا والتي كانت تؤوي النازحين المهجرين من منازلهم ما أسفر عن استشهاد أكثر من60 فلسطينيا بينهم 11 موظفا من الأونروا عدا عن تدمير المستشفيات والمساجد ودور العبادة والمؤسسات المحلية والدولية والبنى التحتية ومقتضيات الحياة كافة في غزة.

كل هذه المعطيات لابد وأن تثير تساوءلا كبيرا حول مدى جدية المجتمع الدولي في ملاحقة ومحاسبة مجرمي الحرب من مسؤولي كيان الاحتلال الاسرائيلي لوضع حد لجرائمهم أم سيبقى الأمر حبرا على ورق ومجرد تقرير جديد تصدره لجنة أممية يضاف إلى سلسلة التقارير الدولية المتعلقة بهذا الكيان الاستيطاني التي تعمدت الادارات الامريكية المتعاقبة بابقائها حبيسة الأدراج والغرف المظلمة دون أن تجد أي سبيل لتنفيذها والالتزام بها واتخاذ موقف دولي رادع لامعان الكيان الاسرائيلي بتماديه بالجرائم.