فجأة ودون مقدّمات، عاد الحديث عن “إحياء المبادرة العربية للسلام” مع “إسرائيل”، التي أطلقها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز عام 2002، من خلال “مبادرة فرنسية” مهّد لها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أسبوعين بالقول: “توجد فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق سلام على أساس مبادرة الملك عبد الله والمبادرة الفرنسية القادمة على الطريق”، واستتبع ذلك بتصريح لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال فيه : “إن مبادرة السلام العربية توجد فيها عناصر إيجابية يمكنها أن تساعد على إصلاح المفاوضات البنّاءة مع الفلسطينيين”، والسؤال ما فائدة مثل تلك المبادرة وقد استبقها نتنياهو بالتشديد على أن “القدس ستبقى موحّدة تحت السيادة الإسرائيلية ولن نقبل بتقسيمها”!؟.
لاشك أن الحديث عن السلام مع الكيان الصهيوني يأتي في سياق مشروع استراتيجي غربي لصياغة توازنات إقليمية جديدة على خلفية الانقسامات الحادة التي خلفها “ربيع الخراب” لتحقيق أحلام طالما راودت الغرب لدمج الكيان السرطاني في جسد الأمة، وتنفيذ مشروع ما يسمى الشرق الأوسط الجديد، من خلال إعادة المسار التفاوضي لمجرد التفاوض، مستفيداً بذلك من التماهي بين المشروعين الصهيوني والتكفيري الوهابي، بدعم الإرهاب لضرب محور المقاومة وفي مقدّمته سورية، دللت على ذلك تصريحات رئيس الموساد الأسبق إفرايم هاليفي “بأنّ الوضع في سورية يسمح بأن تقوم إسرائيل حالياً بما لم تستطع القيام به في أي وقت مضى.
ما يعني أن جملة ما يحدث جرى التخطيط له بعناية خلف الكواليس وفي الغرف المظلمة في البيت الأبيض والكيان الصهيوني للاستفادة من انشغال سورية في محاربة الإرهاب لسلق اتفاقات على عجل يحصل بموجبها كيان الاحتلال على تنازلات جديدة دون مقابل، حيث أن المبادرة الفرنسية تستثني عودة اللاجئين، ولا تأتي على ذكر القدس، وهما بندان يشكلان عصب المبادرة التي تقدم بها الملك عبد الله، بالمقابل يجد حكام الخليج في ذلك ذريعة لإقامة علاقات كاملة وعلى رؤوس الأشهاد مع كيان الاحتلال بعدما بقيت سرية لأمد طويل، والدليل على ذلك توارد معلومات عن شراء النظام السعودي أرضاً لبناء سفارة له في “إسرائيل”.
لقد شكلت “مبادرة الملك عبد الله” طوق نجاة لكيان الاحتلال كلما استشعر الخطر من ارتفاع وتيرة المقاومة، وسبيلاً للهروب من أزماته الداخلية بعد أن أصبحت حكومته من لون واحد لا يؤمن أحد من أركانها بالتفاوض لتسوية النزاعات، وهاهي اليوم تصبح طريقاً لنتنياهو لإحلال السلام مع الفلسطينيين؟!.
إذن، ما يجري طبخه في باريس لعبة خبيثة، وهو باختصار محاولة لتصفية القضية الفلسطينية من جهة، ومن جهة ثانية تلميع صورة فرنسا التي شوّهتها سياسة قادتها جراء مواقفها الخاطئة تجاه ما يحدث في سورية، وذلك على حساب العرب، وخاصة الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر، وبمساعدة من حكام الخليج الذين أمنوا الغطاء “الشرعي” لمواصلة معاناة الفلسطينيين.
لذلك وفي ضوء الهجمة الشرسة على العرب، وفي مقدمتهم سورية وفلسطين، بات لزاماً على كل الشرفاء والتيارات والأحزاب القومية تحريك الشارع العربي وشرح حيثيات المؤامرة الجديدة لإجهاضها قبل أن تصفي ما تبقى من قضية العرب الأولى.
عماد سالم
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: