نفاق لا حدود له-صحيفة البعث

لم يكن اعتراف “جون كيري” يوم السبت الماضي بصعوبة التفريق بين الإرهابيين و”المعارضة” في سورية، في الوقت الذي حاول فيه التسويق لتقسيم سورية فعلياً -مناطق نفوذ مبطّنة تحت يافطة اقتراح لإقامة نظام جديد لمراقبة الهدنة- سوى دليل جديد على حجم النفاق الأمريكي، فيما كان كلام المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن سعيها لإقامة منطقة آمنة لاحتواء المهجّرين السوريين، رغم التلاعب والتراجع الكلامي اللاحق عنه، دليلاً جديداً بدوره على النفاق الأوروبي بخصوص الحرب على سورية.

والحال فإن النفاق، بما هو طريقة عالمية معروفة في ممارسة السياسة، لم يكن له أن يثير هذا القدر من الامتعاض لدى المراقبين الحياديين، إلا لأنه سبب رئيس في الحالة السورية من أسباب إطالة أمد الأزمة، وبالتالي إسالة المزيد من الدماء البريئة، وتدمير المزيد من البنى التحتية والموارد الاقتصادية الخدمية والاستراتيجية السورية.

فاعتراف “كيري” العلني، والذي زاد عليه بالإشارة الحرفية إلى “تحوّل المنطقة في حلب إلى معقل لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي المتصل بتنظيم “القاعدة”، لم يدفعه للسير في منطقه هذا إلى نهاياته الطبيعية والمنطقية أيضاً، والتي تعني إعلان الحرب على الإرهاب في هذه المنطقة ومباركة جهود من يقوم بذلك، أو الصمت في أضعف الإيمان، بل إنه، وبكل صفاقة، عبّر عن قلقه لما وصفه بـ”تعجل” موسكو ودمشق في سعيهما إلى القضاء على المجموعات الإرهابية في أراضي سورية..!!، وكأن الرجل يقول إنه يريد من الطرفين إعطاء من يصنعهم هو ذاته بالإرهابيين وقتاً أطول لإسالة الدم السوري..!!.

ويبدو أن “ميركل” شعرت أن حفلة النفاق هذه ستفوتها إذا لم تسارع للإدلاء بدلوها في الموضوع، فبدل أن تسعى نحو الحل الطبيعي والمجدي لقضية المهجّرين والمتمثّل بجعل سورية كلها آمنة عبر احترام قرارات الشرعية الدولية التي طالبت بإيقاف كل صور التدخل الخارجي، تمويلاً وتسليحاً وتحريضاً وتسهيلاً لمرور الإرهابيين إلى سورية، أكّد تقرير أمني ألماني جديد وجود “قوافل مساعدات مالية في ألمانيا، تقدّمها أسر غنية وأصدقاء لمجموعات إرهابية”، وبدل أن تعترف أيضاً بدور العقوبات الاقتصادية في زيادة ظاهرة المهاجرين، وبلادها تشارك بهذه العقوبات خارج إطار الشرعية الدولية، عادت إلى النغمة الممجوجة لقصة المناطق الآمنة، في غزل واضح ورضوخ مهين لرغبات “السلطان العثماني” التي لم ينكرها يوماً.

وبالطبع لم يتوقف النفاق عند ذلك، فلا “كيري” ولا “ميركل” أدانا انسحاب “وفد الرياض” من محادثات “جنيف3″، التي يفترض أن بلديهما يرعيانها بحكم وجودهما في مجموعة العمل الدولية حول سورية، وبالطبع أيضاً فإن الطرفين صمتا، بل يبدو أنهما يباركان، ما تجلى لاحقاً لهذا الانسحاب وكنتيجة طبيعية له، بخرق فاضح للهدنة في حلب ودمشق واللاذقية من قبل من يرفض كيري وميركل وإدارتهما تسميتهم بالإرهابيين.

النفاق ذاته تجلى أيضاً بالصمت الدولي المطلق عن اعترافات “بن جاسم” بدوره، وبلاده، في تسعير الحرب على سورية وتسليح الإرهابيين فيها، والسبب هنا واضح لكل ذي عينين فـ “الضوء الأخضر” الذي تسلّح “بن جاسم” به بحسب اعترافه لصحيفة غربية، صدر عن الإدارة التي يقوم جون كيري بدور وزير خارجيتها، وعن مجموعة “أصدقاء سورية” سيئة الذكر التي كانت، ولازالت، ميركل وبلادها طرفاً فاعلاً فيها.

والأمر، فإن النفاق هو دين وديدن ساسة العالم المعاصر، وتلك قضية لا تحتاج إلى برهان وبيان، لكن الدم السوري الذي أريق بسبب نفاق لا حدود له، هو الوحيد المؤهل للتفرقة بين الإرهابي والمعارض الوطني، وقد فعل دون انتظار “كيري” أو غيره، وستكون له كلمته المسموعة والفاصلة في المستقبل القريب، بـ “جنيف” أو بدونها، والميدان السياسي والعسكري شاهد على ذلك.

بقلم: أحمد حسن

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency