دمشق-سانا
الفنان التشكيلي عبد الرحمن مهنا صاحب قدرة إبداعية جاءت من موهبة فطرية أغناها بثقافات متنوعة وأرفقها بخيال مجنح قادر على الامتداد صوب الاتجاهات المختلفة فأغنى فنه وجعل اللون حالة متوالدة لتقدم للإنسان قيمته الوجودية.
وفي حديث خاص لسانا قال مهنا “الفن موهبة وهي معيار قدرة الفنان على العطاء شرط أن تثقل بالثقافة حتى تكون مليئة بالمعرفة وتعتمد على حضور الخيال وقوته في عملها وليس على النقل البصري فالخيال يسبح في ملكوت الأشياء ويجوب الأرض وهنا تكمن خصوصية الفنان الذي يستنطق الأشياء حوله ويتفرد بخيال مبدع كان صاحب اليد الطولى في صناعة كنوز البشرية على الأرض”.
وحول دور كل من الوعي والإلهام في العمل الفني أوضح مهنا أن الخيال الذي يسانده الوعي أساس العملية الإبداعية بما يحتويه من إلهام وأسس جمالية على أن يبتعد عن الماديات وأن يلتزم بالألق الإنساني الذي يكون مادة الفن الأساسية.
ورأى الفنان مهنا أن الثقافة الفكرية التي تعتمد على الخيال هي الأهم وهي التي تصل إلى الجوهر أكثر من اللغة البصرية لأنها تبدأ من المشاعر والإحساس ليصبح العقل عند مهنا رابطا يوحد بين الأشياء وهذا ما يسميه بقوة البصيرة التي ترقى عن البصر وتتجاوزه.
ويطرح مهنا مصطلح التوالد الفني الذي يعني أن كل عمل يبدعه الفنان يجب أن يكون ابن وقته وزمنه ويعبر عن الحالة التي تلازمه ثم يأتي العمل الذي يليه ليختلف عنه تماما وبذلك يكون لكل لوحة دهشتها الخاصة بها وجمالها المختلف متضمنة المشاعر والأحاسيس المتحولة والمتبدلة وفق تحولات الإنسان وتبدلاته.
وأوضح الفنان مهنا أن جيله من الفنانين التشكيليين السوريين “لم يتمكن من صنع هوية فنية تخصه لعدم الثقة بالنفس لدى البعض ونزوع الثقافة الفنية عند آخرين باتجاه الغرب” الذي ما برح يصادر أفكارنا ورؤانا ومنهجنا ويعمل على تهشيم حضارتنا ووجودنا ليخلص إلى فكرة مفادها بأن الجيل الذي لا يبدأ من وطنه تبقى هويته بعيدة عن الإبداع الذي من المفترض أن يكون انعكاس الإنسان لوطنه ومكونات هويته.
ويرفض مهنا تصنيف الفنان التشكيلي الحقيقي إلى مدارس لأن إرادة الفنان برأيه وجمال لوحته يفرضان القالب الذي يجب أن يكون كما حصل في الشعر تماما فالقصائد التي أبدعها شعراء العصر الجاهلي بما فيها من أنغام وتنظيم وصور وبهاء وجمال ولم يكن دور الفراهيدي فيها إلا توضيح ماهية الهيكل الذي اتبعه أولئك الشعراء فابتدع علم البحور وهذا ينطبق بدوره على الفن.
وأكد أن المبدعين الحقيقيين في الغرب يعانون من حملات شديدة ضدهم تحاول تهميشهم والتقليل من شأن أفكارهم وهذا ما حصل مع جورج غالوي وروجيه غارودي مما يدل على انحطاط إنساني وتهميش أصحاب الشأن والإبداع لأنهم يحاربون الكذب والتضليل ويرشدون إلى النور ويواجهون الفكر الصهيوني والماسوني الذي كان وراء الحروب والشرور في العالم.
وعن طموحاته وأحلامه التي حملها معه منذ شبابه وما تحقق منها قال “جئت من حلب إلى دمشق أوائل سبعينيات القرن الماضي وفي داخلي يعيش جمال كبير أردت أن أحققه كطموح فني فرسمت الطبيعة والفاكهة والجمال وتحملت منغصات كثيرة يمر بها أصحاب المواهب الشابة حتى يتمكنوا من فرض أنفسهم”.
ودعا الفنان مهنا المؤسسات الثقافية بمختلف أنواعها إلى الابتعاد عن المحسوبيات التي تؤثر على مكانة الفن والأدب والتاريخ مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بالشباب الذين يمتلكون مواهب حتى يكون حضورهم شاهد عصر على أمة كانت وستبقى موئل الحضارات ومنبت الأخلاق والقيم.
والفنان عبد الرحمن مهنا من مواليد حلب عام 1950 تخرج من مركز الفنون التشكيلية بحلب عام 1969 ودرس في قسم الإعلان بكلية الفنون الجميلة في دمشق وله أكثر من 30 معرضاً فردياً داخل سورية وخارجها كما شارك في معظم المعارض الرسمية محليا وخارجيا وهو عضو اتحادي الفنانين التشكيليين السوريين والعرب وحاصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير من جهات سورية ودولية.
محمد الخضر
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).