دمشق-سانا
تحت عنوان “قراءة في الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر نزار بريك هنيدي” أقام فرع اتحاد الكتاب العرب في ريف دمشق بالتعاون مع المركز الثقافي العربي في جرمانا ندوة نقدية استضافتها قاعة المحاضرات بالمركز أمس شارك فيها عدد من النقاد والشعراء.
وفي قراءته التي حملت عنوان “الشاعر والإنسان في المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر نزار بريك هنيدي” رأى الناقد طاهر مهدي الهاشمي أن هذه الأعمال تكاد تخلو من الابهام والتجريد والغموض ليتشرب الكثير من شعره بالغنائية بالإضافة إلى براعته بالتقاط الصور الفنية وملامستها للواقع وتحليقها في أجواء الخيال.
ويلاحظ الهاشمي غياب الأنثى ومتلازمة الغزل الصريح ويعزو ذلك إلى اكتفاء الشاعر هنيدي في دمج الأنثى في نسيجه الروحي والفكري من خلال إنسانية ترشح بالجوهر الواحد للذكر والأنثى في وحدة روحية مستشهدا بقوله في “ومضة كمين”..
“نصبوا للورد كمين .. طلبوا أن يبتسم الورد المصفوف على اسوار
القصر .. أمام جهاز التصوير الفوري ولكن .. في الصورة لم يظهر
غير السكين”.
بدوره بين الناقد أحمد هلال “أنه يمكن القول إنها ستشكل بمرجعياتها الفكرية والجمالية والرؤيوية إضافة جديدة للشعر السوري على مستوى التجاوز والسعي للاختلاف نظرا لما يفيض به معجمه بما يجعل قوله الشعري متعددا وثريا فضلا عن انفتاح ذلك القول على أزمنة وأمكنة تنتج شرطها الجمالي الذي يعيد للشعر ألقه وحضوره ولا سيما في أزمنة مختلفة”.
ويعتقد هلال أن إضافة الشاعر هنيدي على التجديد والانفتاح وقيم المغايرة تخلق حوافز في النص الشعري العابر والمخترق واستراتيجياته المختلفة أيضا.
أما الناقد عماد فياض فاعتبر أن الأعمال الشعرية الصادرة للشاعر هنيدي تجعلنا نلمس فيها ولعا بكتابة لون من الشعر يطلق عليه الشاعر تسميته الخاصة “القصيدة المنمنمة” وذلك ابتداء من ديوانه الرحيل عند الصفر ثم لا وقت إلا للحياة بينما يختلف شكل القصيدة في ديوانه حرائق الندى تحت مسميات عدة كالومضة والتوقيعية والرسالة والقصيدة المشفرة.
على حين أشار الشاعر منهال الغضبان إلى وجود تراكم تراثي في الفكر والأدب الذي جاء خلاله كثير من الظواهر الشعرية المرتكزة على أفكار دينية مثل الحلاج وابن عربي وغيرهما لافتا إلى أن هنيدي كهؤلاء قدم عبر رؤاه وهمه الوجودي معتمدا على الشعارتية والمباشرة والأيديولوجية دون أن يضيع شعره أهدافه.
وبين الغضبان أن المناهج والرؤى التي تربى عليها الشاعر منذ نعومة أظفاره ظاهرة في قصائده برغم هيمنة المد الحداثوي في خطابه الشعري كما أن هناك ظهورا لملامح التمرد والحرية والرومنسية أيضا إضافة إلى إيديولوجية واضحة عند الشاعر تبحث دائما عن الهدف وتتجنب المظاهر.
وعن رأيه في الندوة النقدية قال الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة “على الرغم من تنوع القراءات النقدية وغناها الثقافي إلا أنها بقيت ضمن دائرة أحادية لم تتعرض لكل جوانب الأعمال الشعرية التي ترصد الجميل والقبيح في المنجز الأدبي وهي ضرورة موضوعية ومنهجية فالناقد يتعامل مع الكتلة الأدبية ككل ويوسع دائرة الحوار التفاعلية التي تتطلبها الحالة الأدبية والثقافية في فتح سواقي إبداع متجددة”.
وكانت الهيئة العامة السورية للكتاب أصدرت الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي في حزيران الماضي والتي ضمت الدواوين الشعرية الثمانية للشاعر المنشورة بين عامي 1977 و2010 وهي البوابة والريح ونافذة حبيبتي وجدلية الموت والالتصاق وضفاف المستحيل وحرائق الندى وغابة الصمت والرحيل نحو الصفر والطوفان ولا وقت إلا للحياة.