الكاتبة شذى الابراهيم في مجموعتها القصصية همسات قدر.. النزعة الذاتية والموهبة الشعرية

دمشق-سانا

تقدم شذى الابراهيم نفسها ككاتبة صاحبة شغف في القص الشعري وعبر أعمالها تنسج حكايات نساء في تداعيات مختلفة يعانين من أوضاع اجتماعية قاسية.

وفي مجموعتها همسات قدر تتخطى فيها مؤلفتها الابراهيم الأسلوب المألوف لتكون مفرداتها وألفاظها بأسلوب متماسك لا يخلو من الشعر والمشاعر عبر همسات تبوح بالغربة وألم الناس الذين أوجعهم الفراق.

همسات الابراهيم تركت آثارا لقارئها مجسدة كل ما يعيشه الإنسان من تحولات تطرأ على عواطفه بعد مواجهته الغربة فواجهت الواقع وعبرت عما فعله القدر الذي تابع الآمال والآلام والطموح فترك المجتمع في خضم الوجع وجعل الوحدة ألما قائما مليئا بالعجائب والغرائب.

برغم ظهور النزعة الذاتية عند الكاتبة تجلت قدرة فائقة في سردها وتكوينها لنسيج متكامل الأسس وحذر التشكيل عبر ألوان شعورية تركت القصة في بناءين الأول هو الحدث وموضوعه والثاني هو الشعر العجيب الذي كان واضحا في كل اتجاهاتها وتوجهاتها.

وعبر قصص المجموعة تمكنت الكاتبة من مشاركتنا بشكل عفوي مع كل ما تريده ولا سيما أن استخدامها للضمير في مجريات الأحداث وصل إلى حد الإبداع والابتكار وحضور الإنسانية الشفافة كما جاء في قصة “وكان سرابا”.

تتميز المجموعة بترادف الصور الجمالية الرقيقة التي جاءت على موهبة شعرية دلت عليها تلك الذائقة الإنسانية المتفقة مع أحاسيس الكاتبة بألفاظ عذبة رقيقة مسبوكة بحذر وباستخدام متوافق للأدوات والحروف.

لا تخفى الأنثى في قصص المجموعة مع محاولة الكاتبة لإظهارها بين كل الرموز والإيحاءات في مكونات الزمان والمكان لتعبر عن رقيها الإنساني وحضورها الوجداني إضافة إلى رغبتها في تغلبها على الأوجاع ومكنونات البيئة المفروضة من الجهل والتخلف.

الكاتبة فرضت علينا الحزن وهذا حقها كمبدعة طالما امتلكت أدواتها في تقديم مشروعها القصصي الشائق والذي أعادنا إلى ذكريات تداعت وأوجاع امتزجت بتلك الذكريات لم يتمكن الزمن من دفنها فظلت متوالدة موجودة في حياتنا.

في جميع القصص تريد الكاتبة أن تظهر الظلم وما يخلفه من آثار وتظهر الموت الذي يأتي فيتمكن من حفر جراحات بمخلب مسموم لتبقى الذكريات مريرة وليصل الحدث إلى رقي الإنسان ومدى أهمية وجوده ففي قصة “شرقي بنكهة التحضر” تدفع الكاتبة بالمرأة كي تتمرد على الظلم حتى ولو كان الظالم هو الزوج وتطرح خريطة تحد لتنتقم المرأة لكرامتها دائما فتدفع بالبطلة لتواجه زوجها لكنها سرعان ما تعود إلى البيت الذي تركته معبرة عن نقاء جوهرها الإنساني.

على حين جاءت قصة “أضغاث خيانة” صارخة التركيب عن بقية القصص فتأتي بانفعالات نفسية وقلق وتوتر عبر طرح يدل على معالجة نفسية للحدث ثم تذهب في نسيجها القصصي إلى رؤى حالمة تقصد منها أن يبقى الأمل مشرقا ومضيئا.

وفي أسلوب سابق تنوع الكاتبة طرائق ووسائل التعبير القصصي فأحيانا تأتي بمكونات قصصية تبدأ بالموضوع الذي يتحرك به الحدث إلى العقدة والخاتمة وأحيانا تدخل القارئ بالحدث منذ البداية إلى النهاية ثم تكتب بطريقة الخطف خلفا كما جاء في قصة “النصف الآخر” التي بدأتها بولادة الحب وفشله ثم تستمر بشكل متناسب مع الموضوع المتوازن إلى نهاية القصة.

تتفوق الكاتبة في أغلب قصصها لتدل على حضور موهبة حقيقية ونضج تعبيري يحمل ثقافة متنوعة تتمكن من الوصول بالمشاعر إلى مكانها الطبيعي فالكاتبة تنتقي مواضيعها بالدافع الوجداني أولا ثم تذهب إلى السيطرة على فكرتها لتأخذها إلى نهاية الحدث دون استطراد أو خلل.

يشار إلى أن شذى الابراهيم كاتبة شاركت في العديد من المهرجانات الأدبية على مستوى سورية ولها رواية بعنوان “امرأة من ركام” وتحت الطبع رواية بعنوان “ضجيج المدينة” وتنشر في عدد من الصحف والدوريات السورية.

محمد خالد الخضر