الحرب تحدث بين طرفين أو أطراف ولها «هوية وعناوين وأهداف»، وشاء القدر أن تكون الحرب السورية متعددة الأطراف غير الميدانية إذ تشمل القوى النافذة في «الكرة الأرضية»، ولكن التدقيق العلمي فيها يؤدي إلى أنّها بين طرفين ميدانيين (الدولة السورية ـ الإرهاب المتعدد الجنسيات ومتعدد التنظيمات والتسميات)، وارتباطاً بهذين الطرفين تتحدد هوية الحل السياسي ومساره السوري.
من يحاجج أو يسوّق أطراف الحرب السورية بغير التصنيف وفق المعيار الميداني المذكور فإنّه يتعامل مع هذه الحرب بسطحية أو بانخراط في صف الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر، لأنّه ما من عاقل يتابع الحرب الشرسة بين الجيش العربي السوري بحاضنته الشعبية وتنظيمات (داعش والنصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام وغيرها من تسميات لفيالق وألوية وتنظيمات) يمكنه قبول تصنيفات أخرى من وزن (حرب أهلية- حرب حكومة ضد معارضة -ثورة شعبية -حرب دولة ضد ثوار.. إلخ من التصنيفات).
أي حرب أهلية سورية إذا كان التونسي والتركي والسعودي والليبي والبريطاني والشيشاني والأردني وغيره من متعددي الجنسيات يقاتلون ويتحاربون ويقتلون في سورية؟!
أي معارضة سورية تقودها ميدانياً أذرع «القاعدة» وشخصيات من متعددي الجنسيات؟!
أي «ثورة» سورية شعبية وهي مزحومة قيادة وأفراداً بمتعددي الجنسيات؟!
أي «ثوّار» تعلّموا «الثورة» في حمامات وجامعات الوهابية وتتكفل أنظمة النفط القمعية بنفقاتهم وأنظمة التآمر العالمي بتسليحهم لرسم الخرائط التنفيذية للجغرافيا العربية المتبدلة؟!
«هوية» هذه الحرب محددة بهوية أطرافها، وأطرافها معروفة من هوية أسماء المتحاربين وعناوين الحرب صريحة بأنّها صراع على الجغرافيا السورية وأيضاً صراع على مستقبل وحياة المواطن السوري، لذلك هي صراع وجود لوجود، متعددو جنسيات يغزون سورية وجيش وشعب يدافعان عنها.
أي حل سياسي يُحكى عنه، وأي جنيف يُحكى عنه، وأي جهد في مجال تحجيم أو إنهاء الحرب في سورية يكون مضيعة للوقت إذا لم يرتكز على فهم صراع الدولة السورية والإرهاب.
ما من حل سياسي يقفز فوق (إرهاب متعددي الجنسيات وأولوية ترحيلهم من سورية) إلاّ ويقفز من السياسة إلى حصة دعم الإرهاب..!
عندما يرحل متعددو الجنسيات من سورية وبشتى تنظيماتهم وألويتهم وفيالقهم، يصبح الحل السياسي منتجاً ويصبح أيضاً الحدث السوري بسيطاً ومفتاح حلّه بحوار سوري- سوري وإصلاح داخلي في بيئة تضمن حسن الإصلاح طالما رحل الإرهاب عنها.
بقلم: ظافر أحمد