الكاتب جورج عربجي: الدراما المعاصرة يجب أن تعكس حياتنا اليومية

دمشق-سانا

يحقق مسلسل إمراة من رماد حضورا جيدا في الساحة الدرامية لهذا الموسم ويحظى بمتابعة واسعة من الجمهور بحسب الاستطلاعات وهذا يحسب لكاتبه جورج عربجي الذي يقدم عبره تجربته الكتابية الأولى للدراما.

وعن هذا العمل يقول عربجي في حديث لـ سانا إن تقديم شخصية جهاد المركبة في مسلسل إمراة من رماد والتي تعاني من مشاكل نفسية تتطلب في بعض الأحيان الاستعانة بأصحاب الخبرة في المجال النفسي لكتابة تفاصيلها ورصد ردود أفعالها لأن الشخصيات المثيرة للجدل والمعقدة تحتاج عادة لمختصين نفسيين للوقوف على معالمها وتصرفاتها وهي “كثيرة” في الوقت الحالي بسبب “ترسبات الأزمة والواقع الصعب الذي نعيشه”.

ويؤكد كاتب إمراة من رماد ضرورة وجود ضوابط شخصية ومهنية لأي كاتب للقيام بمهمته الإبداعية ولذلك عليه ألا يكتب عملا بعيدا عن شخصيته وقناعاته في حال طلب منه ذلك من جهة إنتاجية ما لافتا إلى أن النص الناجح هو الذي يتمتع بالصدق وإلا تحول الكاتب إلى “مستكتب” لفكرة لا تنتمي إليه مع تدخلات من قبل أصحابها بكل مجرياتها وهو ما يرفضه بشدة على حد تعبيره.

ولا يمانع عربجي من كتابة فكرة درامية تطلبها منه جهة إنتاجية ما على أن تكون متوافقة مع أفكاره وقناعاته وقابلة للتحويل إلى سيناريو مع عدم تدخل أي جهة بهذا النص الدرامي ليكون العمل تحت مسؤوليته الكاملة من الناحية الكتابية.

ويقوم عربجي حاليا بكتابة عمل بمحورين مترابطين تدور أحداثه بين سورية ولبنان بطريقة واقعية ومنطقية مبينا أنه “لا يوجد اقحام لوجود فنانين من كلا البلدين بدون مبرر درامي في هذا العمل الذي يقدم حبكة حكاية جديدة كليا عما طرح بالمسلسلات المشتركة مؤخرا”.

ويشدد الكاتب السوري على ضرورة محاكاة الواقع المعاش في الأعمال المعاصرة التي تنتج في هذه الفترة والتي يجب أن تعكس حياتنا اليومية وان لا نتجاهلها وهذا يتطلب ذكاء من الكاتب لتضمين هذه الأحداث والرواسب ضمن سياق العمل دون مباشرة “فجة” مع محاولة اعطاء أمل بمستقبل افضل عبر ملامسة ألم الإنسان السوري ومشاركته همومه.

ويقول إن مهمة الدراما وبالأخص في هذا الوقت هي أن تبعث رسائل إيجابية للمشاهد السوري وتعطيه بعض الأمل بالغد الذي “إفتقدناه جدا” في الظروف الحالية الصعبة إلى جانب مواجهة بعض الأفكار الخاطئة والدخيلة على مجتمعنا.

ويوضح عربجي أنه اعتمد “الامتاع والسلاسة” لايصال فكرته عبر امرأة من رماد عبر عدة خطوط حملت مواضيع مهمة مثل غريزة الأمومة والتحدي الذي تواجهه مع الواقع الصعب المفروض نتيجة الأزمة وهو موضوع لم يتم التطرق إليه بهذه الطريقة في الدراما سابقا “إلى جانب بعض القضايا التي نعاني منها نتيجة الأحداث الجارية كالخطف والتعصب والاستغلال.

وينوه كاتب إمراة من رماد بأداء الفنانة سوزان نجم الدين “التي أثبتت قدرتها على لعب دورها الذي يعتبر من أصعب الأدوار التي من الممكن أن تلعبه فنانة ضمن مسيرتها الفنية والمهنية” مبينا أن شخصية جهاد هي كاركتر مركب سيكولوجي معقد ومتذبذب بين الخير الأصيل في تكوينها والشر الدخيل على نفسها.

ويلفت عربجي إلى أداء الفنانة ندين تحسين بيك بشخصية مايا والذي جاء مميزا كما هي عادتها في تادية أدوارها الى جانب باقي نجوم العمل وخاصة الشباب منهم كروبين عيسى وعلي بوشناق اللذان أديا دورهما بكثير من الحساسية والتميز مؤكدا على السوية الإخراجية العالية لما قدمه المخرج نجدة انزور لقدرته الكبيرة في إدارة الكاميرا والممثلين.1

ويقول “إن المبدع أنزور كان أمينا على الورق لأبعد الحدود وتعاملنا سوية على مدى ما يقارب الشهرين ونصف الشهر وكان في التعامل معه متعة كبيرة لأنه يتعاطى مع ما يقدمه بمتعة وشغف أكثر من كونه مهنة”.

ويلفت عربجي إلى أن التعامل مع المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني كان مريحا ولاسيما أن ادارة المؤسسة قدمت تسهيلات كبيرة وجهدا واضحا لإنجاح هذا العمل وإبصاره الضوء من خلال تأمين كل مستلزمات الانتاج حافظت من خلاله على مستوى عال للعمل واظهاره بمستوى لائق لينافس بقية الأعمال السورية في الموسم الرمضاني الحالي.

وعن ظاهرة تحويل الروايات العالمية لأعمال درامية يرى عربجي إمكانية ذلك بشرط أن تكون هذه الاعمال في مستوى الرواية مبينا في الوقت ذاته أن هذه الفكرة تضع المشاهد بموضع المقارنة بين العملين العربي والعالمي وطبعا تكون المقارنة لصالح الأخير لامتلاكه إمكانات انتاجية وفنية ضخمة غير موجودة لدينا.

وعن مستوى الأعمال الدرامية في هذا الموسم يقول عربجي إن البصمة السورية موجودة بقوة في كل الأعمال الدرامية العربية المشتركة منذ أكثر من عشرة أعوام وهذا دليل على تميز الفنان والكاتب والمخرج السوري و لتثبت درامانا هذا الموسم قوتها وقدرتها على التحدي والمنافسة رغم قوة الانتاجات الدرامية العربية الأخرى من جميع النواحي الفنية والإنتاجية لكن الأعمال السورية” تراوحت سويتها الفنية بين المميز والعادي والذي لا يوجد له مبرر كي لا يقدم مستوى أفضل”.

وحول الأجور التي يتقاضاها الكتاب الدراميون السوريون يجد عربجي أن هذه الأجور كانت مقبولة قبل الأزمة ولكنها “تدهورت بعدها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والتي بدأت تؤثر على كل مناحي الحياة في سورية” مبينا أن أغلب الكتاب يلجؤون اليوم لبيع إنتاجاتهم إلى الشركات الفنية العربية ليتقاضوا عنها أجورا جيدة تتوازى مع العمل الابداعي الذي يقدمونه.

ويبدي الكاتب عربجي تفاؤله بمستقبل الدراما السورية لمتانة أساساتها وأسسها ويقول إن الفنان السوري يستطيع تقديم أصعب الأدوار وبكل اللهجات العربية على عكس اي فنان عربي آخر إلى جانب تميز المخرجين والكتاب السوريين ما يعتبر الورقة الرابحة للدراما السورية وعاملا اساسيا في تطورها وازدهارها المستمرين.

محمد سمير طحان

انظر ايضاً

السيناريست جورج عربجي: على الدراما أن تحمل مقولة ورسالة

دمشق-سانا يقوم مسلسل ورد أسود من تأليف جورج عربجي واخراج سمير حسين على فكرة أنه …