نفي الاستراتيجية يفضح النوايا المبيتة- الوطن العمانية

لم يكد يمضي الكثير من الوقت على اعتراف المحفل الباريسي للمحاربين المتحالفين ضد تنظيم “داعش” الإرهابي بالفشل في مواجهة التنظيم وغياب الاستراتيجية الحقيقية أو بالأحرى الرغبة الحقيقية لإنهاء “داعش”، حتى تلا هذا الاعتراف إقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن ليس لدى بلاده استراتيجية واضحة لمواجهة تنظيم “داعش”، مثيرًا بذلك ردود فعل مختلفة حول تصريحاته، وعلامات استفهام كثيرة.

من حق من لا يدري عن واقع الإرهاب في بلداننا العربية بعنوانه البارز “داعش” و”النصرة” الذي يدار ويدعم من قبل قوى باتت معروفة ومكشوفة بمواقفها وتصريحاتها وبأموالها وأسلحتها أن يضع علامات استفهام ويبدي استغرابه، إلا أن هذا الإقرار الباريسي ثم الأميركي تحديدًا جاءا ليكشفا ما عمل المحاربون لـ”داعش” و”النصرة ” على إخفائه واستغباء الكثير من مغيبي الفكر والوعي والمعزولين عن الواقع منذ إعلان الاستراتيجية الإعلامية والتحالف الاستعماري، وهو أن هناك ما هو أكبر وأعمق بدأ يتكشف بعد أن تم دسه بدءًا من مرحلة إيجاد الذريعة بإنتاج تنظيم “داعش” الإرهابي ليكون الخليفة أو البديل أو الرديف لتنظيم القاعدة الإرهابي، وتقديم ما يلزم من دعمه من العناصر التكفيرية والإرهابية والمرتزقة والمغرر بهم، ومن الأموال والسلاح، والدعم الاستخباري الكبير، وتمكينه ليتمدد على رقعة شطرنج المنطقة من العراق إلى سورية ولبنان واليمن وبعض دول الخليج إلى ليبيا ومصر وتونس وهلم جرا، مرورًا بمرحلة توظيف الذريعة بإعلان المواجهة عبر استراتيجيات إعلامية وتحالفات عسكرية يمكن وصفها بأنها تحالفات هلامية، حيث أخذ “داعش” تحت مظلة هذه الاستراتيجيات والتحالفات يتمدد ويتم تحديد مساراته، فلم يكن من قبيل المصادفة أن يوجه التنظيم الإرهابي إلى السيطرة على آبار النفط وحقول الغاز، وليس من قبيل المصادفة أن يزود التنظيم بمختلف الأسلحة وبالمؤن الغذائية والدوائية من قبل طائرات المحاربين، وليس من قبيل المصادفة أيضًا أن يتم تحريك راجلات التنظيم الإرهابي وعناصره من جغرافيا إلى جغرافيا استنادًا إلى التغطية المسحية للأقمار الصناعية التابعة للمنتجين والرعاة لإرهاب “داعش”، ولكن ذلك يتم وفق مخطط ما يسمى “مشروع الشرق الأوسط الكبير” لإعادة رسم خريطة المنطقة وحدودها بما يتناسب وحجم والدواعي الأمنية وضرورات البقاء الدائم لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

لذلك يبدو واضحًا أن التصريح بالفشل في مواجهة “داعش” وبعدم وجود استراتيجية واضحة لذلك، راجع إلى المنجز المتحقق على أرض الواقع، سواء في العراق وسورية أو في ليبيا ومصر واليمن وغيرها بحيث يمكن المراهنة عليه والمباشرة بعمليات التنفيذ المصحوبة بعمليات الابتزاز.

فإعلان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي أن الولايات المتحدة “تبحث تكرار تجربة قاعدة الأنبار الجديدة في محافظات عراقية أخرى، وأن ذلك يحتاج إرسال مزيد من القوات”، بعد يوم من إصدار الرئيس باراك أوباما أوامر بإرسال 450 جنديًّاً أميركيًّا إضافيًّا كمستشارين إلى العراق، في حين تنوي الولايات المتحدة إقامة قاعدة جديدة في الأنبار بزعم تقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية، ثم قيام محطة “سي أن أن” الأميركية ببث تحليلات ترويجية ودعائية عن “داعش” وأنه “ليس مجرد تنظيم بل هو بنية تحتية كاملة يتمتع برؤية سياسية ولديه خليفة منصب من قبلها”، كل ذلك ـ مع الدعم الضخم لـ”داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التابعة للقاعدة” في سورية‏ ـ يعطي دلالة واضحة على أن قوى الشر والعدوان المتحالفة ضد المنطقة انتقلت إلى طور الإفصاح عن نواياها وأهدافها الحقيقية العدوانية، وهي تقسيم المنطقة وإعادة استعمارها وفق ثرواتها بين قوى الاستعمار القديم والجديد. ولذلك ليس مستبعدًا أن يشاهد الجميع قوى الشر وهي تنقل مسار تحركاتها للسيطرة على المنطقة في المرحلة النهائية إلى الاعتراف بـ”داعش” ليس كتنظيم وإنما كـ”دولة” ومن ثم مفاوضتها لتثبيت ركائز التقسيم والتفتيت والتدمير والإبقاء عليها بجعلها في عهدة “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وفي المقابل الاعتراف بدولة “النصرة” التي يجري دعمها والترويج لها باعتبارها معارضة معتدلة!

انظر ايضاً

قائد شرطة إدلب: التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات حادث وفاة مواطنين قرب مدينة بنش

إدلب-سانا أعلن قائد شرطة محافظة إدلب المقدم ماهر هلال أن التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات حادث …