إرهابيو آل سعود يحاولون استهداف تدمر، كي يحيطوا بإرهابهم آثار زنوبيا، استكمالاً لمخطط المسح الممنهج للذاكرة والهوية والتاريخ، وقد طالوا سابقاً آثاراً وكنائس وأيقونات، حدّثت كثيراً عن عمق الحضارة وأصالتها في تاريخ هذه المنطقة.. والأخبار مازالت تنقل عنهم وهم يستهدفون معلماً أثرياً له قيمته الحضارية في التاريخ والذاكرة اليمنية «مسجد حمراء علب الأثري»، كما بثت وكالة «سبأ» للأنباء اليمنية، وأن هذا العمل يمثل مؤشراً خطيراً لحجم الخسائر التي يخلّفها العدوان السعودي على اليمن، إذ لم تعد تنفع المناشدات لكل منظمات الآثار حماية التراث من الفناء، ولاسيما أن تلك العملية الممنهجة في مسح تاريخ المنطقة، واستراتيجية إسرائيلية مبرمجة انتقامية من وجود هذه الأمة الحضاري العريق، والممتد عبر الحقب.
آل سعود في واجهة فعل التدمير، وأدواتهم التكفيرية الوهابية في الوجه الآخر، والحرص جلي وواضح من الوجهين ذاك الاستهداف الخطير في طمس الهوية العربية لحساب الصهيونية العالمية ومالف لفها، بما يجسد نكبة تاريخية حديثة، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً قبل سني التقويم أو بعده.
والذي لم يعد غريباً، ذاك التمدد الإرهابي على البنية الحضارية والتراث لمحو آلاف السنين من الذاكرة فيه، والذي طال العراق، وليبيا، واليمن، وسورية بيت القلب من أعرق وأقدم مدينة مأهولة في التاريخ.
والمفارقة المفضوحة أن الوهابية التكفيرية ورعاتها باتوا حريصين كل الحرص، على تنفيذ أجندات أسيادهم لقتل الحرف التاريخي، المحفور على الأعمدة والجدران، المحدّث عن أصالة هذا التاريخ، في وجه من لا تاريخ لهم، وهم يقومون «بدراسة» الأوابد الشامخة شموخ ساكنيها الأقدمين، وتسويتها بالأرض في آلية محو متجذرة للتاريخ الذي لا تريد له الصهيونية العالمية أن يحيا وأن يظهر في مشروعها الذي هيأت فيه للسيطرة على العالم.
معاول آل سعود وطائراتهم، وحفاتهم، وعراتهم من التنظيمات التكفيرية العاملة تحت جنح المظلة الوهابية تعرف سلفاً أن مؤسس كيان آل سعود مازال السعوديون ينظرون إلى «نعليه» المعلقتين في متحف الجنادرية، يبكون فيه الوهابي الأكبر، يحنون في فعله إلى الإنسانية الموصوفة في وهابيته، والتي جعلت من ثيابه الداخلية عنوان التراث المنتظر الذي سيحدث هوية المنطقة في مستقبلها القادم..
إذاً، يريدون لنعل سعود الأول «وسرواله الداخلي» وأدواته الشخصية من «أيقونات» البغاء التراثي أن تكون هي الباقية للتاريخ، وهم يمسحون التاريخ ويطمسون ما عداه، بمعاولهم ومريديهم ومرتزقتهم من أبناء الوهابية المؤسسة.. وعلى أيديهم هدمت أغلى نفائس العراق التراثية، وليبيا، واليمن، وسورية اليوم، وهم يتطلعون إلى تدمرها في حلقة جديدة وفصل جديد من فصول المسح التاريخي. الخادم لـ«إسرائيل» مباشرة، وأمريكا في مخططهم التقسيمي الطائفي للمنطقة.
أي دور، وأي أجندة، وأي أهداف، أخذ آل سعود العهد على أنفسهم لأسيادهم بتحقيقها، وقد مسحوا منزل «النبوة» وآثار الرسول الكريم..؟ وأي نكبة تاريخية، علقت في رقابهم ليوم الدين الذي يدّعون أنهم حماته، وهم يقصفون عمر التاريخ النبوي؟ وأي دور مرسوم في تحويل هذه المنطقة، وسورية، إلى رماد يشتعل،؟ وبماذا تنفع الاستغاثات المطلقة لحماية هذه المقدسات التاريخية من براثن هؤلاء الوحوش، الذين بات رأسمال تراثهم نعل سعود المؤسس وسرواله وهم ينقضّون على زنوبيا التي سطرت للتاريخ القديم ملاحم وعبراً.. وتنتظرهم لتدفنهم تحت أسوار أعمدتها الشامخة اليوم.
بقلم: رغداء مارديني