حمص- سانا
يواصل أهالي حمص القديمة جهدهم ومبادراتهم مدفوعين بإرادة الحياة والحق لتغيير مشهد مر عليه عاما كاملا ولا يزال عالقا في أذهانهم مشهد الأحياء والبيوت ودور العبادة التي دمرها الإرهابيون قبل خروجهم منها وإعادة الأمن والاستقرار إليها.
حمص اليوم تنهض من جديد بفضل بطولات الجيش العربي السوري وإصرار ابنائها الذين رفضوا الوقوف متفرجين بل انطلقوا كل في موقعه لإعادة الحياة لمختلف القطاعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
ويتذكر شماس كنيسة أم الزنار ابراهيم بركات اللحظات الأولى لخروج الارهابيين من حمص القديمة وحجم الركام والدمار الذي خلفوه في كل حي وبيت وشارع مبينا أن الشباب توافدوا بالمئات إلى الاحياء من القرى التي هجروا إليها للمشاركة بجهود إعادة التأهيل.
يقول بركات “من يرى اليوم الأحياء والبيوت ودور العبادة يلمس فرقا شاسعا من حيث النظافة والترتيب والمشهد الجمالي لقلب حمص الذي كان ولا يزال ينبض بالسلام والامان”.
وفي شارع قصر الشيخ شرقي كنيسة أم الزنار بأمتار قليلة افتتحت الصيدلانية رندة فركوح أول صيدلية في الحي بعد إعادة الأمن له واستأنفت عملها في أيار ماضي تقول فركوح “لدينا ثقة كاملة أن الحياة ستعود لطبيعتها في أحياء حمص وهذا يتطلب جهود الجميع من مختلف مواقعهم”، مشيرة إلى قلة الطلب على الدواء نظرا لوجود جمعيات خيرية واهلية كثيرة توزعه مجانا على المحتاجين من أهالي الأحياء.
أمل ديوب ابنة حي الحميدية التي عادت مع أسرتها منذ الساعات الأولى لإعلان حمص القديمة خالية من الإرهابيين زينت جدرانها برسومات ولوحات تدعو للأمل والعيش المشترك ونقلت أثاث غرفة الضيوف إلى زاوية شارع عيسى أسعد قرب ساحة الملجأ حيث اعتاد أهالي الحي التنزه فيه لتعود له الحياة ويعود لاستقبال الناس.
وتبين ديوب أنها وثقت بالصور حجم الدمار والخراب الذي خلفه الإرهاب ثم المشهد بعد عودة مئات الاهالي إلى بيوتهم وعمليات إعادة التأهيل بفضل جهود مجموعة أشخاص تنادوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطي صفحة من مرارة التهجير مشيرة إلى تصاعد وتيرة عودة مئات العائلات الى بيوتهم مع الاستمرار بأعمال الصيانة والتأهيل للعديد من المنازل والأبنية المخربة.
حنان عثمان التي تعمل في المجال التربوي منذ 38 عاما تؤكد أنها عادت مع أسرتها منذ إعلان حمص القديمة آمنة وقضت ليلة 9 أيار من العام الماضي مع عائلتها في منزلهم رغم عدم وجود أبواب ونوافذ معربة عن أملها بعودة جميع السوريين المهجرين إلى منازلهم وعودة سورية آمنة.
يذكر الدكتور أكرم نصار عضو لجنة حي الحميدية أنه بعد مرور عام على خروج الإرهابيين عاد أكثر من 800 عائلة إلى منازلهم متوقعا عودة متسارعة مع انتهاء العام الدراسي خلال الصيف القادم بالتزامن مع اعمال الصيانة والتأهيل للعديد من المنشآت الخدمية والتعليمية وافتتاح المزيد من المحال التجارية ومحال بيع الخضار والفواكه.
ويشير نصار إلى أكبر المشاريع التي تم البدء بها في حي الحميدية وهو مشغل خياطة البسة في شارع الاظن الذي يوفر عددا من فرص العمل لأبناء الحي.
وفي دير الأباء اليسوعيين أكد مجموعة من الشباب مواصلتهم للأعمال الاغاثية وتقديم كل ما من شأنه توفير الاستقرار وعودة الحياة الطبيعية لإحياء حمص القديمة في الحميدية وبستان الديوان وحي جمال الدين ووادي السايح وحي الورشة.
وترافق مع عودة الأهالي إلى أحيائهم وبيوتهم مبادرات محلية كثيرة منها مبادرة بصمات ملونة حيث قام عدد من الشباب برسم لوحات على الجدران لتنظيف وإزالة الآثار السوداء التي تركها الإرهاب في كل زاوية وشارع من أحياء حمص القديمة وذلك بهدف “اضفاء الفرح الى نفوس اتعبتها قسوة الأيام الماضية”، كما تقول رولا سيوفي مسوءولة المبادرة.
بينما فريق حكايا الحميدية الذي يضم مجموعة من أبناء حمص انطلق في عمله بعد إعلان المدينة آمنة يعمل وفقا لمسؤول الفريق المهندس زياد كاسوحة على ثلاثة محاور الأول الاتصال بالمديريات وموءسسات الدولة للإسراع بتقديم الخدمات لإعادة تأهيل البنية التحتية والثاني إنشاء صفحة تواصل اجتماعي لمد جسور التواصل بين المقيمين وغير المقيمين في حمص القديمة أما المحور الثالث فيتمثل بتنفيذ مبادرات منها مسابقة رسوم الميلاد لأطفال حمص القديمة ووقفة تضامنية مع أهلنا في الحسكة.
ويشير المهندس كاسوحة إلى أن فريق حكايا الحميدية دعم أول مشغل ألبسة افتتح في شارع الاظن عبر ارتداء منتوجاته والمساهمة في توزيعها بالسوق.
ومن شارع الصدي احد تفريعات شارع الاظن بالحميدية حيث رحلت الانقاض وخدم بالكهرباء والماء والهاتف وعادت له أكثر من عشرين عائلة يثق دانيال ديب أحد سكانه ب ” أن سورية لن تكون إلا لأبنائها الطيبين والصادقين الذين يحافظون عليها حرة كريمة”.
وتؤكد هلا الكوسا من أهالي حي الزهراء ثقتهم بأن الجيش العربي السوري الذي استطاع التصدي لاعتى حرب كونية سينتصر بقوته وتضحياته ويعيد لسورية ألقها وعافيتها.
ويشير نبيل إبراهيم صاحب أحد المحال التجارية بشارع الحضارة إلى حالة الاستقرار والأمان التي سادت أحياء مدينة حمص بعد خروج التنظيمات الإرهابية منها حيث أصبح بإمكان أي شخص التنقل في جميع الشوارع دون خوف أو قلق ما أثر بشكل كبير على حركة النقل والتسوق وشجع العديد من أهالي الريف للقيام بزيارة المدينة وشراء حاجياتهم من أسواقها ومحالها التي تشهد ازدحاما ملحوظا حتى ساعات متأخرة.
وكانت مدينة حمص القديمة أعلنت في التاسع من أيار عام 2014 آمنة وخالية تماما من التنظيمات الإرهابية بفضل تضحيات وبطولات بواسل الجيش العربي السوري وباشرت بعد الإعلان الجهات المعنية أعمال إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنى التحتية.