اللاذقية-سانا
لسنوات عديدة أعقبت تخرجها من كلية التربية في جامعة تشرين بقي حلم الشابة لورين سليم عيسى بتأسيس روضة نموذجية للأطفال في قريتها في ريف اللاذقية هاجسا ملحا يراودها ورغم ضيق الإمكانات المادية اللازمة للنهوض بمشروع من هذا النوع إلا أن الشابة الطموحة لم تتنازل عن رؤيتها المستقبلية بل جاهدت طويلا لتكريسها كواقع مهني متسلحة بالإرادة والمثابرة والتخطيط الدقيق لتنطلق في هذا العمل الذي ما لبث أن تطور سريعا بفضل مجموعة من الأفكار المتميزة التي أضفتها عليها.
الشابة عيسى تحدثت عن قصة نجاحها لنشرة سانا الشبابية موضحة أنها طالما انتظرت الوقت المناسب للبدء بمشروع روضة للأطفال إيمانا منها بأن هذه المنشأة هي الركيزة الأساسية في حياة الطفل وهي مرحلة الخبرات والانطباعات الأولى في حياته خاصة وأن قريتها بستان الباشا والقرى المحيطة بها تفتقد لمؤسسة تقوم بهذا الدور وهو ما عزز من ارادتها للانطلاق بهذا العمل ولو ضمن إمكانات متواضعة بادئ الأمر.
وقالت: “سعيت إلى تدبير مبلغ مالي يساعدني على إطلاق المشروع ولأن التمويل ليس بالامر السهل فقد قررت بيع ما املكه من بعض الحلى الذهبية بالاضافة إلى حصولي أنا وزوجي على قرضين ماليين من البنوك المحلية بهدف تمكيننا من الانطلاق في هذا العمل الذي يحتاج بطبيعة الحال كأي مشروع خاص إلى هامش من المغامرة وبذلك توفر لدي ما يكفي لبداية متواضعة حيث بدأت رحلة البحث عن مقر مناسب تتوفر فيه المعايير الصحية السليمة وبالفعل وقع الاختيار على مكان جيد وسط مساحات واسعة وبيئة آمنة تتوفر فيها شروط التهوية والإضاءة الجيدة وهي مسورة بحديقة مشجرة بأشجار الليمون والورود الجميلة حيث قمت باستئجار المكان الذي شهد انطلاقة المشروع في العام 2012 “.
وأشارت إلى أن المنشأة تضمنت عددا من الشعب الصفية الصحية والمضاءة والمجهزة بوسائل التدفئة وبأجود أنواع الأثاث والتجهيزات والأشكال والألوان الزاهية المحببة للطفل والمناسبة لعمره بالإضافة إلى قاعة خاصة بأجهزة الحاسوب ووسائل إيضاح مختلفة كما خصصت امكنة للعب الحر في الحديقة ومسرحا للعرائس ومواقع للرسم والأعمال الفنية بالإضافة إلى صالة مناشط خارجية متعددة الأهداف.
كذلك قامت عيسى باثراء الروضة بكل الوسائل التعليمية الحديثة والوسائل التربوية والترفيهية التي من شأنها إغناء عقل الطفل ومخيلته كألعاب مسرح الدمى التي تنمي الخيال عند الطفل وألعاب الرمل والماء التي تقوي العضلات الدقيقة إضافة إلى القصص المصورة والمكعبات الكبيرة والأدوات المنزلية وألعاب الفك والتركيب وهو ما يطابق الرؤية التي حملتها في مخيلتها لسنوات.
أكثر من ذلك رفدت الشابة مشروعها بكادر تعليمي وتربوي متخصص مؤلف من 8 معلمات جميعهن خريجات جامعيات ومعاهد متخصصة مؤكدة أن البداية كانت مشجعة للجميع حيث شهدت الروضة إقبالا واسعا من أهالي المنطقة نظرا للمعايير المثالية المطبقة فيها والبيئة المناسبة التي توفرها.
ونوهت إلى أن الإقبال الكبير على الروضة حدا بالكادر العامل إلى بذل جهود مكثفة ليكون الناتج التربوي على قدر المسؤولية الكبيرة التي القيت على عاتقه وخاصة أن المشروع بدأ يؤتي ثماره المادية خلال أشهر ما ساعد الطاقم المتخصص على تطبيق معايير تعليم نموذجية كان أهمها اعتماد المنهاج القائم على عمل المجموعات ونظام الأركان المتخصصة لاستثمار طاقات الأطفال الكامنة وتنمية مواهبهم وتشجيعهم على العمل الجماعي وإكسابهم مهارات التعلم الذاتي وقدرات التفكير والابتكار.
وقد تم اعتماد منهاج تعليمي خاص بكل فئة عمرية يجاري أحدث المناهج التربوية المنفذة في أحدث رياض الاطفال حيث أوضحت مديرة الروضة انها اعتمدت في مشروعها أساليب التعليم عن طريق اللعب والاستنتاج بعيدا عن التلقين المباشر لكل الفئات العمرية لافتة إلى أن الروضة تقوم بتعليم مناهج اللغة العربية والإنكليزية والرياضيات والفرنسي والعلوم والرسم والأشغال اليدوية كما أدخلت مادة البالية للفتيات بالإضافة إلى دروس الحاسوب والموسيقا والرياضية والفنون والفنون القتالية.
وأكدت عيسى أنه خلال ثلاث سنوات من عمر المشروع تم تحقيق عوائد مادية جيدة عادت بالنفع على جميع العاملين ووفرت لهم مزيدا من الاستقرار الاقتصادي والراحة النفسية مشيرة إلى أن المرحلة القادمة من المشروع تتضمن شراء مقر جديد للروضة ورفده بمزيد من الوسائل والتجهيزات التي تخدم العملية التعليمية للطفل وهو ما تعتبره استكمالا للحلم الذي سعت خلال سنوات إلى تجسيده على أرض الواقع بكل أبعاده النموذجية.
من ناحيتها أبدت المعلمة ربا سلهب رضاها الكامل عن الفرصة التي حظيت بها من خلال العمل في هذا المشروع مؤكدة أن دراستها الأكاديمية تتماشى وطبيعة المهمة التي تقوم بها بالاضافة إلى ما وفرته هذه الفرصة لها من أمان اقتصادي وقدرة على الإنتاج والمشاركة في خلق نشئ جديد وفق مفاهيم تربوية ترفع من قدرة الجيل الصاعد على مواجهة التحديات و الظروف المختلفة انطلاقا من ترسيخ انماط فكرية وسلوكية ناجعة في بناء الانسان والمجتمع.
كذلك لفتت المعلمة لمى علي إلى أنها انتظرت طويلا فرصة عمل تساعدها على تلبية متطلباتها المعيشية المتزايدة إلى أن حالفها الحظ بالالتحاق بالكادر التعليمي في الروضة وختمت المعلمة علي بالقول.. إن مرحلة الروضة ضرورية لما تحققه من تأهب عقلي ونفسي وجسدي للطفل فهي تشكل حلقة الوصل ومرحلة الإعداد ليتكيف الطفل مع المدرسة الابتدائية.
بشرى سليمان