حمص -سانا
قرية حوارين الواقعة على بعد 80 كم إلى الجنوب الشرقي من حمص جوهرة ترصع البادية السورية وتختزن كنوزا حضارية و تاريخا أثريا مهما في ظاهرها وباطن أرضها .
تمتلك حوارين الكثير من الآثار التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن بسبب وجود مساكن الأهالي في المنطقة الأثرية للقرية ويوضح المهندس فريد جبور مدير الآثار بحمص أن المديرية العامة للآثار و المتاحف قامت في السنوات السابقة ببعض أعمال المسح للمنطقة و بعض أعمال التنقيب.
ويقول “إنه عند القيام بأعمال حفر لتخديم القرية بالبنى الأساسية من صرف صحي و مياه و كهرباء تصطدم الأعمال بوجود أبنية ومواقع أثرية فوق الأرض وتحتها” مشيرا إلى أنه تتم دراسة اقتراح يتضمن نقل سكن الأهالي إلى منطقة أخرى في القرية لأن بيوت القرية حاليا هي في المنطقة الأثرية وبالتالي لايمكن الكشف عن هذه الآثار”.
وأشار جبور إلى أن حوارين تضم اليوم عددا من الآثار منها الدير الذي تحول إلى قصر زمن الأمويين و يسمى حاليا بـ حصن حوارين كما يوجد فيها سبع كنائس قديمة لا تزال اثنتان قائمتان منها واحدة يسميها أهل القرية كنيسة جعارة ربما كانت هيكلا وثنيا في عهد الرومان ثم حولوها إلى كنيسة و هي عبارة عن حجر كلسي كبير الحجم و منعزل عن بيوت القرية للشمال بمسافة نحو500 متر و هو لا يقل سعة عن الكنيسة الثانية التي تعرف بكنيسة الرهبان.
وأشار إلى أن كنيسة جعارة تتألف من صحن مركزي مستطيل ورواقين جانبيين وهيكل من الشرق وغرفتين على جانبي الهيكل استخدمت من الجانب الشرقي من البناء قواعد و تيجان ذات قطر 120 سم وارتفاع الجدران اربعة أمتار وقد قامت دائرة آثار حمص بترميمها وفق مخطط مدروس.
أما كنيسة الرهبان فهي مبنية من الحجر الكبير الحجم والمستطيل الشكل و تضم فناء واسعا في وسطها و مداخل من الغرب والجنوب والشمال وهي كنيسة كبيرة جدا يقوم بجانبي صحنها المركزي رواقان ومن الشرق الهيكل الكبير استعملت في بنائها تيجان بديعة من الداخل والأعلى.
وأوضح مدير الآثار أن جدران الغرف الجانبية للمدخل لاتزال قائمة إضافة إلى الحنية التي تتوضع على ارتفاع خمسة أمتار مرجحا أنها كانت برجا أطلق عليه الحصن لافتا إلى وجود الحرم بمدخل الحصن المتجه للشمال حيث أن شكله مستطيل ويقوم سقفه على صفين من القناطر المحمولة على ثلاثة أعمدة في كل صف كما في الباحة حجر مزخرف أيضا.
وأضاف جبور إنه قامت في وقت سابق لجنة من دائرة آثار حمص بلحظ الكنائس والمواقع الأثرية المكتشفة على المخطط التنظيمي للقرية بالتنسيق مع مديرية الخدمات الفنية بالمحافظة واقترحت تضمين حدودها الاثرية والوجائب اللازمة لحمايتها بالإضافة إلى قيام دائرة آثار حمص بإعداد الكشوف التقديرية اللازمة لترميم المواقع القديمة كنيستي الرهبان و الجعارة المسجلتين أثريا و التنسيق مع المديرية العامة للآثار للحظ ترميمها في خطط الترميم المقبلة.
ونظرا لأهمية القرية أثريا أكد جبور أن المديرية العامة للآثار والمتاحف دأبت على كشف معالمها عن طريق تشكيل بعثة تنقيب وطنية منذ أكثر من عشر سنوات ولاتزال تعمل بشكل دوري ومنهجي في حوارين ومدينة القريتين أيضا.
ويقول محمد الملحم من أهالي القرية وله من العمر نحو الثمانين عاما “إن ما يعرفه عن قريته أنها تأتي بالأهمية بعد تدمر و بصرى الشام لما تختزنه من آثار تم اكتشافها و منها لم يكتشف بعد” لافتا إلى أن الناس قبل ستينيات القرن الماضي كانوا يزرعون مختلف محاصيلهم من القمح و البقول و الشعير إلى الأشجار المثمرة من الكرمة و الرمان و التين سقيا من ثلاثة أنهار وعيون إلا أن عوامل الجفاف دفعت العديد من أبنائها للهجرة طلبا للرزق منوها بوجود العديد من الأقنية الرومانية بالقرية منها قناتا البراك و المزرعة.
ويلفت الملحم إلى تمسك السكان منذ القديم و إلى الآن بالعادات العربية الأصيلة من كرم الضيافة والشهامة والنخوة والتسامح ولا زالت الكثير من العائلات تحتفظ ببيوتها الطينية الباردة صيفا و الدافئة شتاء والمصنوعة من الحجارة والطين إضافة إلى القدد الخشبية و قصب الزل و تزينها من الداخل التقسيمات الهندسية التي تلائم مختلف مكونات البيت الريفي.
تمام الحسن