فيينا-واشنطن-سانا
أدان البرلمان النمساوي بجميع أحزابه الممثلة أمس الجرائم التي اقترفها العثمانيون ضد الأرمن في عام 1915 معترفا بأنها “إبادة جماعية وجريمة بحق الشعب الأرمني”.
وقال بيان صادر عن جميع أحزاب البرلمان النمساوي وعددها ستة “إن ما قامت به قوات السلطنة العثمانية آنذاك إنما هو إبادة جماعية وجريمة بحق الشعب الأرمني والتي أدت الى مقتل نحو مليون ونصف المليون أرمني على يد القوات العثمانية في فترة وقوع الحرب العالمية الأولى”.
ونقلت صحيفة دي بريسه عن رئيسة البرلمان النمساوي دوريس بوريس قولها إن “الامبراطورية النمساوية الهنغارية كانت تقاتل آنذاك إثر اندلاع الحرب العالمية الاولى إلى جانب الامبراطورية العثمانية والامبراطورية الألمانية وعليه تشعر بتحمل جزء من المسؤولية الأخلاقية للاعتراف بالإبادة والتنديد بالجرائم العثمانية ضد الأرمن” لافتة إلى أن الوقت حان “للاعتراف بإبادة السلطنة العثمانية للشعب الأرمني”.
وأشارت إلى أن انعقاد جلسة البرلمان النمساوي اليوم ستبدأ بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا المجازر العثمانية بحق الأرمن سنة 1915.
وكان رؤساء كتل الأحزاب النمساوية الحاكمة والأحزاب المعارضة في البرلمان وجهوا انتقادات قوية للحكومة النمساوية الاتحادية والرئاسة والخارجية بسبب موقفهم غير الواضح من مجازر العثمانيين ضد الأرمن موضحين ان المستشارية والخارجية تتحاشيان إصدار أي بيان أو الإعلان عن موقف من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات التركية النمساوية رغم إقرار الحكومة النمساوية بجرائم القوات العثمانية الشنيعة دون الاعتراف أو الإفصاح علناً بأنها إبادة جماعية.
يشار إلى أن مجلس النواب الألماني أعلن أول أمس مناقشة مشروع قرار يندد بالمجازر التي ارتكبتها السلطنة العثمانية بحق الأرمن قبل مئة عام مبينا أن مشروع القرار يؤكد أن “ما تعرض له الأرمن مثال صارخ يندرج في إطار تاريخ الجرائم الجماعية والتصفيات العرقية وعمليات طرد السكان والإبادات التي حصلت في القرن العشرين” في حين طالب خبراء دوليون خلال مؤتمر علمي في موسكو أول أمس بضرورة اعتراف تركيا بجرائم الإبادة التي ارتكبت بحق الأرمن والتي تصنف بالقانون الدولي في حقل الجرائم التي لا تسقط بالتقادم مشددين على وجوب قيام أنقرة بتعويض الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الجرائم.
وفي السياق ذاته انتقدت صحيفة دي بريسه بشدة موقف النظام التركي المتعنت والمتعصب إزاء رفضه المستمر إنكار حقيقة المجازر والمذابح العثمانية ضد الشعب الأرمني عام 1915 مشيرة إلى أن هذا النظام برئاسة رجب طيب اردوغان يتهرب من مسؤولياته الأخلاقية والسياسية عبر اتهامه المجتمع الدولي بأنه يحيك له مؤامرة دولية.
وأوضحت دي بريسه أنه من السخرية أن تهجر وتقتل وتعذب وتحرق وتجوع أكثر من مليون ونصف مليون أرمني وترفض الاعتراف بحقيقة أن ما جرى هو إبادة شعب جماعية داعية حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا إلى استغلال الفرصة والاعتراف بالحقبة السوداء من تاريخها وطي صفحة مرعبة بالرغم من تشكيكها في الوقت نفسه من أن يصغي نظام أردوغان إلى أصوات الخارج .
وتحيى أرمينيا هذا العام الذكرى المئوية الأولى للإبادة الأرمنية ضمن سلسلة احتفالات تحت شعار “أنا أتذكر وأنا أطالب” معتمدة رمز زهرة الانموروك البنفسجية التي تعيش كل أيام السنة وتزهر تحت الثلج لاستذكار المأساة.
البيت الأبيض يتهرب من وصف مجازر الأتراك العثمانيين بحق الأرمن بـ “الإبادة”
تهربت الإدارة الأمريكية مجددا من وصف المجازر التي تعرض لها الأرمن على يد الأتراك العثمانيين إبان الحرب العالمية الأولى “بالإبادة”.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن البيت الأبيض طالب أمس بما سماه “اعترافا كاملا وصريحا وعادلا بالمجازر التي ارتكبت بحق الأرمن” ولكن دون استخدام مصطلح /الإبادة الجماعية/ لوصف هذه المجازر التي راح ضحيتها نحو مليون ونصف المليون أرمني.
وقالت الرئاسة الأميركية في بيان إن “دنيس ماكدونو كبير موظفي البيت الأبيض وبن رودس مستشار السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما التقيا وفدا من الأرمن الأميركيين وتباحثا معه في الذكرى المئوية الأولى للمجازر موضحة أن المسؤولين الأميركيين أكدا على أهمية هذه المناسبة لتكريم 5ر1 مليون أرمني قضوا خلال تلك الفترة المروعة”.
في المقابل التقت مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي سوزان رايس وزير خارجية نظام رجب طيب أردوغان مولود جاوش أوغلو الذي يزور واشنطن حاليا وحضته على تحسين العلاقات بين انقرة ويريفان وعلى اطلاق حوار مفتوح في تركيا حول ما سمته “فظائع العام /1915” وذلك في تهرب واضح أيضا من وصف المجازر التي تعرض لها الأرمن بـ الإبادة.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وعد خلال حملته الانتخابية الأولى للسباق الرئاسي في عام 2008 بأن يعترف بالابادة الجماعية بحق الأرمن من قبل السلطنة العثمانية إلا أنه لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس هذا اللفظ طوال سنوات حكمه ولا سيما في البيانات التي تصدر سنويا في ذكرى المجازر التي يحييها الأرمن عبر العالم في الـ 24 من نيسان.
وضمن محاولاته للحفاظ على علاقته بنظام أردوغان اكتفى أوباما بوصف المجازر التي تعرض لها الارمن بأنها “واحدة من اسوأ فظائع القرن العشرين”.
ويصر البيت الأبيض على عدم استخدام وصف الإبادة على الرغم من أن الكونغرس الأميركي اعترف بـ /الإبادة الأرمنية/ منذ وقت طويل وذلك بموجب قرارين اصدرهما مجلس النواب في عامي 1975 و1984.
يشار إلى أن أرمينيا ستحيي بعد يومين الذكرى المئوية للابادة وذلك للتذكير بما جرى في عام 1915 حيث تم اعتقال مئات الأرمن قبل ذبحهم لاحقا في اسطنبول وهو ما شكل بداية للمجازر بحق الأرمن على يد العثمانيين والتي أودت بحياة نحو مليون ونصف المليون شخص الأمر الذي يشكل ابادة جماعية وفق التصنيفات القانونية وهو ما يرفض نظام أردوغان الاقرار به.