دمشق-سانا
دوالي الغمام للشاعر عز الدين سليمان مجموعة شعرية صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب تقع في 184 صفحة تضمنت عددا من القصائد بمواضيع مختلفة اقتصرت على رؤى نفسية وفكرية تكونت في خيال الشاعر وذاكرته من واقعه الاجتماعي بسلبياته وإيجابياته.
وتبدو الموسيقا الشعرية الداخلية وافره بشكل دقيق لكنها ابتعدت عن العاطفة نظرا لاتجاه الشاعر الفكري في كتابة نصوصه ما يستدعي التأمل لتحديد حركات النغمة الموسيقية وتلاؤمها مع المعاني التي يذهب إليها الشاعر.. يقول في قصيدة “ولادة”..
“يا للضياء.. في النجوم المطفأة كأنه انفاس طفل خائف ينهض من رقاده .. يا للضياء هل غدت اطياره حجارة .. اي رماد في يديه خبأه.. ومن حكايا الموج لواحدة تقول .. ما أشقى الذي قد باع للقرصان يوما مرفأه”.
ويعتمد الشاعر في منظومته الكتابية على أدوات ذات دلالة موجودة في الكون والحياة دون أن يربطها بالإنسان بل يكتفي للتعبير عنها بما توحيه العبارات التي حملت مكنوناته الفكرية والشعورية والنفسية كما جاء في نص الأغاني الخالقة..
“في لغة الصباح.. من العيون العاشقة تأكل عشب صوتكم.. تشرب من جراحي هذي الاغاني الخارقة” ويغرق سليمان في الرمز وصولا الى الضبابية والتي تكون ايجابية في بعض الاحيان لكن صعوبة المعاني تأبى أن تخفف من حدتها من دون أن يسمح لعاطفته أن تساهم في تكوين الحدث لان العمل الفني لديه تكون بفعل ارادي يعتمد على القصد في تكوين العبارة كقوله في قصيدة “اه ياحفار في محيط الذاكرة .. جثة الارض بقايا فانتفض يا شاعر الجرح .. ارى الافق غيوما ماطرة
هذه المحنة ما درت سوى الوحل.. انفض فالليل شكوى عابرة”.
ويبدو أن الحب تختلف الكتابة عنه لدى الشاعر فتتدخل مشاعره وتتداعى الذكريات وتأخذ العاطفة دورا ليس قليلا برغم اصراره على الاغراق في الحداثة حتى في النص العاطفي كقوله في قصيدة “وياريح خذني اليها .. ومازال رمحك في الخاصرة تسافر كل الغوايات من خاطري وتبقين وحدك في الذاكرة”.
ويفعل الشوق احيانا فعلته في دفع الشاعر ليختلق روءاه التي يقبض عليها ويتمسك بها فتظهر في عباراته تدفقات الحنان ومكنونات اللهفة ويبدو الحب كأنه سيد الموقف غير ابه بمواقف الشاعر واصراره يقول في قصيدة “خمس غيمات”..
حين مدت كفها .. رفت على اغصان روحي .. كل اطيار النهار كنت ظمان الى ماء يديها.. حين رفت فوق يدي خمس غيمات صغار.
وفي قصيدة دوالي الغمام التي جاءت المجموعة باسمها يندفع الشاعر إلى عدم الوضوح ومحاولة الإبقاء على اللغة الشعرية الحديثة محاولا أن يتجاوز البيئة والزمان والمكان حيث اقتصر على أسلوب تعبيري يراه ملائما لبيئات وتحولات زمنية مختلفة شرط أن يتحلى الناس الموجودون بثقافة معرفية قادرة على فك مقاصد الشاعر يقول ..”دالية الغمام .. تطعم من عنقودها .. عصفورة الكلام في نعنع الاحلام تخفي جانحا واخرا في دوحة الغرام”.
واقتصرت المجموعة الشعرية على نمط شعري واحد في مختلف النصوص ولعل الشاعر كان متعمدا أن يظل في عالم حداثوي برغم أن أسلوبه التعبيري يرتكز على موهبة واضحة قادرة على التعامل مع العاطفة والموسيقا والانسان اضافة الى وجود التفعيلة الشعرية المختطفة من بحور الخليل في كل القصائد.
محمد الخضر