الفلسطينيون في ذكرى النكبة: حقنا في العودة لا يسقط بالتقادم

القدس المحتلة-سانا

رسم خارطة لقريته برير وأحيائها وشوارعها وسهولها الواسعة التي تبلغ مساحتها 67 ألف دونم، وكتب عليها أسماء عائلات القرية حتى لا تنسى الأجيال المتعاقبة حقها في العودة إلى أرضها التي هجرت منها قسراً عام 1948 فهو عاش طفولته كاملة في قريته، وحلم العودة إليها لا يفارقه رغم مرور 75 عاماً على النكبة.. هذه هي حكاية حسن الكيلاني 89 عاماً الذي يقطن هو وأحفاده في مخيم للاجئين في قطاع غزة المحاصر.

الكيلاني الذي أجبرته العصابات الصهيونية على مغادرة قريته حين كان طفلاً لا يتجاوز عمره الـ14 عاماً تحدث لمراسل سانا عن قسوة التهجير القسري قائلاً: ارتكبت العصابات الصهيونية في قرانا مجازر وحشية بمساعدة بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين، وقتلت الآلاف وهجرت أكثر من 950 ألفاً، مبيناً أن أهالي قريته برير التي تبعد عن مدينة غزة نحو 25 كم قطعوا الطريق الواصلة بين مدينة المجدل وجنوب فلسطين لمنع العصابات الصهيونية من الوصول إليها، كما شهدت كل القرى مقاومة شرسة للمحتل لكنها كانت لا تملك الأسلحة والعتاد المتطور الذي كانت تملكه تلك العصابات التي جرى تسليحها وتدريبها من قبل القوى الاستعمارية.

وأضاف الكيلاني: تلقيت تعليمي الابتدائي قبل النكبة في مدرسة القرية الوحيدة، وكنت أحلم باستكماله في مدارس القدس لأن أعلى مستوى دراسي في مدرسة القرية كان حتى الصف الخامس فقط.. العذاب والخوف الذي عشته مع أهالي القرية إبان النكبة، وخاصة مع استمرار عمليات القتل لأهالي القرى المحيطة لم يمح من القلب حقول القمح والذرة والكروم وبيتنا الذي كان يقع في سهول القرية الواسعة، وما زلت أتذكر تفاصيل حارات القرية الأربع، وسوقها الوحيد الذي كان يفتح يوم الأربعاء من كل أسبوع ويأتي أهالي القرى المجاورة إليه لبيع أو شراء حاجياتهم، حقنا في العودة مقدس طال الزمن أم قصر فالكبار يموتون والصغار لا ينسون.

من جانبه وصف عودة عيد 85 عاماً بيته الذي كان يقع في منطقة وادي الشريعة في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، وهجر منه قسراً هو وعائلته حين كان طفلاً في العاشرة من عمره، قائلاً: أتذكر تفاصيل بيتنا والأراضي الواسعة المحيطة به، كان والدي يمتلك نحو ألف دونم من الأراضي يزرعها بالحبوب والكروم، ورغم مرور 75 عاماً على نكبتنا ومعاناتنا وتهجيرنا ما زلت أحتفظ بأوراق ملكية الأرض لأن هذا حقي وحق أحفادي، وسيتحقق حلمنا بالعودة لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم.

وبمناسبة الذكرى الـ75 للنكبة أطلق الفلسطينيون سلسلة فعاليات وطنية في قطاع غزة والضفة الغربية ودول العالم تحت شعار “النكبة جريمة مستمرة.. والعودة حق”، تأكيداً على التمسك بحق العودة طبقاً للقرار الأممي 194 ورفضاً لكل المخططات التي تهدف إلى تصفية هذا الحق باعتباره حقاً أبدياً غير قابل للمساومة أو التنازل.

بدوره أوضح منسق اللجنة المشتركة للاجئين محمود خلف أن الشعب الفلسطيني يجدد في ذكرى النكبة إصراره على التمسك بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها قسراً مهما بلغت سنوات التهجير، فهو حق تتوارثه الأجيال ولا يسقط بالتقادم، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الأمم المتحدة تحيي هذا العام لأول مرة ذكرى النكبة الفلسطينية داخل أروقتها، وهذا اعتراف دولي بمأساة الشعب الفلسطيني والتهجير الذي يعيشه وإقرار بضرورة عودة الحقوق لأصحابها الحقيقيين، وفي مقدمتها عودتهم إلى ديارهم، مطالباً الأمم المتحدة بالعمل على تنفيذ القرار 194.

وناشد محمود خلف أحرار العالم بالاستمرار في مساندة الشعب الفلسطيني لضمان حقه في العودة بعد أن تم تدمير 531 قرية فلسطينية وتهجير أهلها إبان النكبة التي لم تنته بعد، لافتاً إلى أن سلسلة من الفعاليات الوطنية انطلقت في كل أماكن الوجود الفلسطيني للفت انتباه العالم إلى مأساة اللاجئين ومعاناتهم وحقهم في عودتهم لأرضهم، والتأكيد على رفض المخططات الهادفة لتصفية قضيتهم.

من جهته أشار الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إلى أن 75 عاماً من عمر النكبة كانت مليئة بالألم والمعاناة جراء القتل والتهجير، لكن رغم ذلك يزداد الفلسطينيون تشبثاً بوطنهم، ولا يمكن للاحتلال أن ينجح في تصفية القضية الفلسطينية، مطالباً المجتمع الدولي بالتوقف عن سياسة المعايير المزدوجة ووقف جرائم الاحتلال فالعالم بأسره يعرف وحشيته ويدرك معاناة الفلسطينيين جراء النكبة، ويعرف كذلك أن لهم حقوقاً مشروعة لا يمكن التنازل عنها.

ولفت البرغوثي إلى أن ذكرى النكبة تأتي هذا العام في ظل فشل الاحتلال في كسر إرادة المقاومة بقطاع غزة، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني سيستمر بالمقاومة حتى دحر الاحتلال وانتزاع الحقوق، وفي مقدمتها حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة.

محمد أبو شباب

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency