جورج نحاس.. فنان وباحث في الفنون والآثار والتاريخ

دمشق-سانا

الدكتور جورج نحاس مؤرخ وباحث في الفنون والآثار والتاريخ والتراث مؤلفاته تدرس في خمس كليات في جامعة الكسليك بلبنان وهي كليات هندسة العمارة والآثار والتاريخ والفنون والتعليم الديني وهو ابن مدينة حماة الخبير بآثارها وكنائسها وجوامعها ومتحفها الذي بادلته مدينة النواعير الحب بتخليد اسمه وفنه وعلمه درس نحاس الفن بشكل حر ثم تابع دراسته في روما وحصل على اجازة في الفلسفة وتخصص في ترميم الآثار وبعدها درس الفن لمدة 14عاماً في مركز الفنون التشكيلية بحماة ليحوز على دكتوراه في تاريخ الفن وعلم الآثار 1999من جامعة الكسليك بلبنان.

توجه منذ صغره إلى تعلم الصناعات بإشراف والده وابدع في حبه للفن متأثرا بوالدته وأعمالها وإشغالها اليدوية وبطبيعة حماة الساحرة ونواعيرها وطبيعتها الخلابة.2

لم يدرس الرسم في مدارس ومعاهد خاصة وانما تعلم فن الصياغة عند جميل جبيلي وهو أشهر صائغ ومخترع لبعض لوازم المهنة في حماة وفي أوقات الفراغ كان جبيلي يعلمه الرسم والنقش والحفر الفني وصقل المجوهرات وتشذيبها وقصها والتعريف بخصائصها ونوعياتها وهذا أثر فيه لاكتساب المهارات والتفتيش عن أسرارها وتسجيلها والشغف بالفن والتعلق به.

كان لطبيعة حماة الساحرة بنواعيرها وأقبيتها وأزقتها وبيوتها الاثرية كالجامع الكبير في حماة والجامع النوري عشق وأثر ومحبة طبعت موهبته وأثرت فيه كثيراً.

وعندما افتتح مركز الفنون التشكيلية في حماة سنة 1961 كان نحاس أحد رواده الدائمين وفي عام 1962 تأثر بالفنان “محمود حوا” الذي بقى لسنوات كظل لا يفارق صاحبه فاقتبس منه الأفكار والرؤى والتوجيهات القريبة والبعيدة التي بدأت تنمو مع أعماله الفنية والثقافية وأثر حوا في نظرته نحو حضارات بلاده.

محمود حوا هو الذي وجه نحاس لاعتماد فن النحت كمرافق اساسي للرسم والتصوير لصقل موهبته وتنميتها وهنا بدأ العمل بالصلصال والجبس لرفع مستوى الرسم لديه حيث بدأت شخصيته الفنية تتبلور أكثر وتظهر فيها ملامح جديدة بتأثيرات نحتية وبائت أعماله تتسم بالنور والحركة وقوة اللون وفي عام 1963 بدأت مرحلة جديدة تحاول الجمع بين عدة أساليب فنية.3

أقام نحاس معرضا فنيا في دمشق برعاية وزارة الثقافة عام 2011 تضمن العديد من اللوحات الفنية التي تمثل الأرض والخصب ومنها لوحة الشهيد المقاتل التي عبر عنها بروح طائر له أجنحة ملائكية ومن خلال هذه الأجنحة تسير خطوط العمل الفني ففي الوسط وأعلى اللوحة يمتشق الشهيد حسامه بيد والبندقية باليد الأخرى وفي الثالثة تحتها يقبض على قرص الشمس ليوقف حركتها وتكلل رأسه هالة من نور.

وعن اللوحة التي حملت اسم “بعد الحمام” قال إن هذا العمل وضع على جذع شجرة وهذه اشارة إلى الإله تموز وولادته على جذع شجرة في بداية الألف الثالث قبل الميلاد ونزوله إلى العالم السفلي لافتداء عشتار فقبض عليه وعذب وصلب على جذع شجرة.

وقال المؤرخ السوري إن للفنون الشعبية والحرفية والزخرفة العربية تأثيرا واضحا على الفن التشكيلي العالمي المعاصر فالفنانين الغربيين تاثروا بحضارتنا عبر رسوماتهم ولوحاتهم كرسم اطباق القش عند الفنان ماتيس أما الزجاج المعشق فهو مأخوذ من الحضارة العربية مثلما لجأ الفنان العالمي بول كريه لرسم الشبابيك وصور أطباق القش .4

أما المرأة ودورها في ابداعاته بين نحاس بأن للمرأة حضورا واضحا في حياتي ولوحاتي فهي ملهمتي الأولى وحبيبته ومعشوقته والحب الأول كان لوالدته التي تأثر بفنها وأعمالها ومنسوجاتها واشغالها التي نمت في وجدانه الدقة والإبداع والجمال وحب الفن.

وردا على سؤال حول دوره في إصدار التقويم السنوي لعام 2015 عن الآثار في وسط سورية “محافظتي حمص وحماة” قال نحاس أعددت التقويم لصالح بنك الشرق بدمشق من خلال تقديمي لصور للمواقع الأثرية وكافة المعلومات التاريخية والعلمية عن الآثار في هاتين المحافظتين ووضع صور ملونة لكل موقع أثري مع أهم اللقى منه بمعدل صورتين في بداية التقويم لكل شهر معتبرا أن هذه المبادرة جميلة وفريدة كونها تروي فصولا من حضارة هذا البلد الموغلة في القدم وطباعة ألف نسخة وزعت مجانا.

وعن آخر أعماله قال إنه يحضر حالياً للوحة فسيفساء لوالده ووالدته بأحجار نصف  كريمة مع اطار فضي تخليداً لذكراهما وعرفاناً بدورهما في مسيرة حياته كما أنه يحضر لكتاب عن حماة تحت اسم ” حماة.أثر .حضارة. تراث” يتحدث فيه عن العصور ما قبل الحجرية بحماة وعن اللباس وأصوله وارتباطه بالحضارات القديمة وكل ما ورد فيه موثق بمجموعة من الصور النادرة.

وختم الدكتور نحاس حديثه بالتاكيد على أن الحياة عطاء وكل ما لايعطى يضيع ويندثر ويغيب.5

وبحسب الكاتب السوري محمد مخلص حمشو فان الدكتور نحاس نجم لامع في سماء الفن التشكيلي والنحت السوري ومرجعي في تقييم قيمة الأثر وباحث في تاريخ الفن فجميع اعماله من تصوير ونحت تقسيمات رائعة موشحة بغلاف الأساطير والديانات والحضارات ويسيطر عليها بأناقة الفنان قيمة فنية تعبيرية لها دلالاتها وروعتها.

وعبر تجربته المتنوعة يعكس نحاس روح فنان سوري استطاع بلغة الأعماق الروحية أن يأخذ معه المتلقى إلى عوالم مجهولة تصل به إلى عوالم الأساطير ويضفي على أعماله شيئا من روحه ليجعل منها ابداعات هي في الحقيقة أيقونات تسلب الألباب وتحير العقول.

وعد جزدان