الخياطة اليدوية… مهنة واكبت التصاميم القديمة والحديثة وتتجدد باستمرار

حمص-سانا

اشتهرت بها النساء وبرع فيها الرجال… مهنة الخياطة وما يرتبط بها من تفاصيل كانت وما زالت في تطور دائم تواكب الحداثة، فتحاكي أزياؤها روح العصر وتحافظ في الوقت ذاته على اللباس التراثي.

وتعد مهنة الخياطة أحد سبل العيش التي زاولتها النساء في البيوت قديماً وتوارثتها الأجيال، وبالرغم من التقدم الصناعي وانتشار صناعة الألبسة الجاهزة إلا أن مهنة الخياطة أو كما يقال “التفصيل اليدوي” للباس التراثي أو الحديث لا تزال تنتشر بشكل كبير في حمص.

فالخياطة العربية لا تزال تحافظ على حضورها وشهرتها في حمص منذ زمن بعيد وإلى الآن عبر المحلات المتواجدة في سوق الخياطين أو ما يعرف بسوق العبي، ففي منطقة الأسواق الاثرية المسقوفة وسط مدينة حمص لا يزال الخياط  دريد الأسود يحافظ على مهنة الخياطة العربية للعباءة واللباس التراثي بشكل يدوي، والتي ورثها أباً عن جد ويعود تاريخها لأكثر من مئة عام وفق حديثه لمراسلة سانا.

ويقول الأسود إنه لا يزال منذ تسعينيات القرن الماضي يلبي احتياجات مختلف الفرق الشعبية الدبكة من سورية ولبنان، لافتاً إلى أن تطوراً كبيراً شهدته خياطة وتطريز العباءة، وأصبحت أكثر ندرة وتميزاً وقيمة ويحتاج إنجازها ما بين أسبوع وحتى شهر مع توافر المواد الأولية، ولا سيما الخيطان وإن تغيرت نوعيتها، فخيط القصب كان يأتي من الفضة واليوم حل محله الصيني.

رسومات ومطرزات الأسود تأتي من مخيلته ومما صنعه الأقدمون مع وضع بصمته الخاصة عليها، موضحاً أنه بالرغم من الظروف الاقتصادية والغلاء لا تزال القطع الشرقية من اللباس التراثي تلاقي إقبالاً عند الكثيرين، ولاسيما كهدايا قيمة وتذكارات في مختلف المناسبات ولجميع الأعمار.

وتقضي صفاء عبد العليم جل وقتها في مهنة الخياطة التي ورثتها عن أمها منذ سن صغيرة فأكسبتها مهارة فائقة لتغدو مدربة ماهرة للمهنة في أحد المراكز المهنية بالمدينة، حيث حصلت على الشهادة المهنية في الخياطة والتفصيل في جمعية البر والخدمات الاجتماعية منذ ثلاثين عاماً، منوهة بتطور الخياطة مع تطور أدوات القياس ووجود مساطر منحنيات الجسم ما يسهل من رسم التصميم وقصه بدقة.

وتشير عبد العليم إلى أن الإقبال لا يزال كبيراً على تعلم مهنة الخياطة بالرغم من أنها تحتاج لصبر ودقة، مبينة أنهم كانوا يعتمدون قديماً على القياس بدرجة كبيرة أما اليوم فيعتمدون على ما يسمى القالب أو البترون.

الشاب سقراط كراكيت أشار إلى أنه اكتسب مهنة الخياطة منذ صغره، وعمل بالبداية كمعلم درزة، ومن ثم أبحر في علوم الخياطة وفنونها فأول درجة بالخياطة هو تصميم الموديل بموهبة واحترافية حسب وصفه، وهنا يأتي دور “البترونيست” من خلال نقل التصميم على الورق بكل دقة.

ويصف كراكيت مهنة الخياطة بأنها المهنة التي لا تموت وهي في تجدد مستمر ولها مدارس عريقة، ومن يحب مهنته يبدع فيها ويضيف: يقدم الفضاء الإلكتروني اليوم مجالا رحبا للاطلاع على أخر صيحات الموضة ،لافتاً إلى أن الأزياء ترتبط بالبيئة التي يعيش الفرد فيها.

وفي محله بحي الغوطة الذي ورثه أباً عن جد يجلس أسامة جنيد ليلبي طلبات معظم المشتغلين بمهنة الخياطة من كلف وأزرار وأقمشة ملحقة بالخياطة حسب اللباس ما بين الرجالي والنسائي والقطع المطرزة والمشكوكة في مواكبة لمستجدات المهنة وما تفرضه الحداثة، حيث اختفى الكثير من الأعمال اليدوية لتحل محلها الصناعية في الشك والتطريز حسب وصفه.

يذكر أن الباحث مصطفى الصوفي وثق في كتابه التراث الشعبي الحمصي أن اللباس الشائع قديماً وما زال معمولاً به حتى وقتنا الحاضر تعود جذوره في تاريخنا وثقافتنا إلى ما قبل الإسلام، وقد ذكر منه الكثير في الكتب التراثية كالعمامة والجبة والإزار والملحفة والقميص “الجلابية” والملاءة والسروال الرجالي والنسائي والدراعة والزنار والخمار والبرقع والمرط والقنباز.

تمام الحسن

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgenc