أن تبادر الولايات المتحدة الأمريكية إلى دعوة حلفائها دول الخليج، وأولها السعودية، إلى ما اصطلح على تسميته القمة الأمريكية ـ الخليجية، بعد أسابيع من ربيع هذا العام، فهذا يعني أن هناك ما يُنتظر من محاور برمجية جديدة، قد تأخذ أمريكا في حسبانها التركيز عليها في الشرق الأوسط، وخاصة في المناطق الملتهبة ومنها سورية التي توافد إليها الإرهاب المدعوم من هذه المشيخات الخليجية، والراعي الأمريكي ـ الصهيوني..
وفيما يظهر أن الصحف الأمريكية قد تناولت بعضاً من أبعاد ما سيحدث في هذه القمة، التي تعد في ظاهرها اجتماعات تشاورية في أمن الخليج، بعدما أعلن أوباما تأييده لما سمي «عاصفة الحزم» التي يقودها آل سعود مع تحالفهم في عدوانهم الهمجي على اليمن، وبدعم لوجيستي واستخباراتي أمريكي.. أما في باطنها غير المعلن فيقع في أولى أولوياتها الحفاظ على أمن «إسرائيل» إضافة للبرمجة الإرهابية الجديدة على سورية خاصة، والمنطقة عامة، ودور هذه الأدوات الخليجية المستجد فيها.. وهذا ما يؤسس للعديد من التساؤلات، من نوعية: هل يعني ذلك أن الرئيس أوباما سيعيد تأكيده لدول الخليج التزامه المطلق بأمنهم مهما تغيرت الظروف، كما هو ملتزم بأمن «إسرائيل» ويسعى إلى طمأنتها ليل نهار، وآخرها ما طمأن به نتنياهو بعد اتفاق دول «5 + 1» مع إيران، وهو في الطائرة الرئاسية، من حرصه الكامل على أمن «إسرائيل»، أم إنه سيطمئن حلفاءه الخليجيين لجهة البرنامج النووي الإيراني، الذي أثار استياءهم، وجعلهم في دائرة خوف إضافية، فصاروا محتاجين للدعم والتطمين المكشوف عما يجري؟ مع أنهم يعرفون أن ما يجري ما هو إلا سلسلة في نهج أمريكي جديد، يقاس عليه في علم سياسة الولايات المتحدة، وخاصة في فترة ماقبل وأثناء وبعد الانتخابات، ما تشعله من فتن وتبقيه مشتعلاً حتى ينضج وحده ضمن ما تريده هي عندما تتركه على نارها المشتعلة، كما ترغب في وضع نقاط على حروف لحديث قادم، وخاصة مع السعودية المهزوزة من الوضع الذي حشرت فيه بأوامر الولايات المتحدة، والتي تقوم بأخطر أدوار الإرهاب في هذا القرن في المنطقة العربية، كما تشتهي أمريكا و«إسرائيل» ويشتهي الغرب كاملاً، باعتبارها سوقاً للسلاح، وعبداً للأوامر المنفذة في مشروعات السيطرة الاستعمارية الجديدة، ومزوداً لفكر وهابي تكفيري يهدم مبادئ الإسلام برمته.. وإلا لماذا كامب ديفيد الآن؟
والجواب كان بسرعة من مستشار الرئيس أوباما بأن قمة كامب ديفيد هدفها حماية دول الخليج، مع أنها في الحقيقة، إعادة برمجة الخليج على ضوء المستجدات الكثيرة في المنطقة، بما فيها الصمود السوري، والاتفاق الإطاري مع إيران، وانكشاف المؤامرة برمتها، مع ما يحضر حالياً من مخاوف دعت لتشابك المصالح الخليجية لوضعها ضمن برمجة البيت الأبيض لها، مع ما يعمل حالياً من زيادة الدعم لما سمي «المعارضة المعتدلة» في سورية لتمكينها من إحداث نتائج على الأرض بعد التلاقي التركي والسعودي الذي جرى في شباط الماضي على الرغم من اختلاف المسارات.
في اعتبار المحللين، ونحن على عتبات ميادين مفتوحة لإرهاب قلّ نظيره، والبعد الزمني للحوار السوري – السوري الذي تجهد فيه روسيا إلى حل الأزمة في سورية، تأتي دعوة الرئيس أوباما لدول الخليج عتبة جديدة في ترتيب نهج متغير آخر لإدارة الإرهاب في المنطقة، وهو ما يفسر التقارب التركي – السعودي، بما يميز المشربين اللذين يحاول كل منهما تصدر المشهد وترؤسه في المنطقة من باب الأولوية والأحقية.
قمة كامب ديفيد الخليجية – الأميركية تحمل في طياتها الأجندات والأهداف المحضرة لصيف حار، تحاول فيه الأدوات المأجورة «الكرّ» ضمن برمجة تؤدي الغرض المطلوب، وصولاً للساحة السورية التي غاصت بالدماء من إرهابهم، والصامدة منذ أربع سنوات خلت، ومستعدة دائماً للغة البرمجيات بأي لغة أتت، ومن أي مصدر جاءت.. في انتظار برمجة المستجدات في قمة كامب ديفيد.
بقلم رغداء مارديني