يروى أن وزير خارجية أميركي أسبق صعد طائرته الخاصة بالوزارة، وعندما سأله الطاقم إلى أين الوجهة، ابتسم بمكر وقال: أينما أردتم توجهوا، فما مكان في العالم إلا ولنا فيه ومعه مشاكل ويعنينا، على الرغم من أن الطرفة قد تكون بنت الخيال المحض، لكنّها على أرض الواقع تدل على استراتيجية أميركية حقيقية، تأسست عليها الولايات المتحدة منذ ما يسمى فترة الآباء المؤسسين الذين يرون أن أميركا هي أمة القطيعة مع العالم.
بمعنى آخر مطلوب منها وبل مكلفة برسالة سماوية أن تؤمرك العالم، ألم يقل أحد رؤسائها ذلك (قدرنا أمركة العالم).
وبهذا المعنى يرون أنهم هم السادة الذين يجب أن يخضع لهم كلّ شيء، فلا تجارة إلا عبرهم، ولا نهوض إلا تحت إشرافهم وكما يريدونه، العالم قطب واحد تحكمه سياسات واشنطن، من هنا كانت الاستراتيجية الخفية لواشنطن لتدمير الاتحاد السوفييتي، ومن ثم اختراع عدو آخر، هو الإسلام، بعد ذلك كان لا بدّ من الالتفات إلى المارد الناهض، الصين التي تكاد تحتل المرتبة الأولى في العالم بالاقتصاد وحتى القوة العسكرية.
الصين يجب أن تدفع الثمن، وهذا ليس بشكل مباشر، بل بالعمل للوصول إلى محيطها الاستراتيجي وتدميره، فكانت أوكرانيا التي تعمل تحت ستار المخابرات الغربية والأميركية، وهي كما تتداول التقارير نقطة البداية لتخريب الاتحاد الروسي، ومن ثم التوجه إلى الصين، والعمل على تفكيكها وتدميرها والتفرد بالعالم كما يحلو لواشنطن.
وبعد، يسأل البعض: أين مصلحة واشنطن في كلّ ما يجري، أليست هذه هي خططها الجهنمية، أفقرت القارة الأوروبية العجوز، وتاجرت بها وتسعى جاهدة للوصول إلى تطويق الصين والاتحاد الروسي.. وبعد ذلك، ثمة من لا يراها إلا كما يصور له غباؤه الاستراتيجي.