بيروت-سانا
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن السبب الحقيقي للعدوان السعودي على اليمن هو سعي أمراء آل سعود إلى استعادة السيطرة والهيمنة عليه بعدما فشلوا وخسروا وفقدوا السيطرة عليه ويئسوا من خياراتهم الداخلية ومن جماعاتهم وخاصة التكفيرية وشعروا أن اليمن أصبح ملك قوى سيادية حقيقة لا تخضع للهيمنة والوصاية.
وقال السيد نصر الله في كلمة له اليوم.. “إن المطلوب من أجل أن يستعيد أمراء آل سعود الهيمنة على اليمن هو أن يسفك الدم السعودي من أبناء وضباط الجيش السعودي ومن أبناء الشعب اليمني ومن أبناء الشعوب العربية ضباطاً وجنوداً”.
وأوضح السيد نصر الله أن السعودية كانت تهيمن على اليمن منذ عشرات السنين وتتعاطى مع شعبه باستعلاء واستكبار وإهانة وتتدخل في كل شيء وأنفقت أموالاً طائلة للعب على كل التناقضات فيه ورغم ذلك لم تساعد اقتصاد اليمن ورفضت ضمه إلى مجلس التعاون الخليجي وشنت ست حروب على شماله.
وأضاف السيد نصر الله.. “إن الشعب اليمني وصل بعد هذه العقود من الزمن إلى مكان من الوعي والإرادة والعزم وأخذ القرار باستعادة بلده ودولته وحدوده وسلطته وكيانه ووجوده وكرامته لافتا إلى أن أنصار الله كانت لهم علاقات مع دول الخليج في وقت لم تكن لديهم أي علاقة مع إيران” .
وأدان السيد نصر الله العدوان السعودي الأمريكي الظالم على اليمن وشعبه وجيشه ومنشآته وحاضره ومستقبله ودعا إلى وقفه فورا واستعادة مبادرات الحل السياسي وخاصة أن اليمنيين قبلوا بالحوار في مسقط أو في دولة محايدة.
ودعا السيد نصر الله شعوب الدول التي تشارك حكوماتها في العدوان إلى مراجعة ضمائرهم ودينهم وعقلهم ومصالحهم موجها السؤال لهم.. هل تقبلون أن تسفك دماء أبنائكم من أجل أن يستعيد أمير مرفه مترف سلطانه وسيطرته على شعب مظلوم عزيز فقير مناضل كادح.
وشدد السيد نصر الله على أن من حق الشعب اليمني المظلوم والمضطهد والشريف والحكيم وصاحب العزم والإرادة أن يدافع ويقاوم وأن يتصدى وهو يفعل ذلك وسيفعل وسينتصر لأن سنن التاريخ تقول إن كل الغزاة سيهزمون وقال السيد نصر الله.. إن هناك فرصة لا تزال أمام حكام السعودية كي لا تلحق بهم الهزيمة والمذلة وأن يعيدوا النظر بسياساتهم الخاطئة وأن يتعاطوا كإخوة مع اليمنيين ويذهبوا إلى الحوار لأن القصف الجوي لا يصنع نصراً ولا يحسم معركة وأما إذا كان الجيش السعودي سيقاتل بالباكستانيين والمصريين والأردنيين وغيرهم نيابة عنه فهذه مسؤولية الشعوب في منع حكوماتها من التورط في دماء اليمنيين.
وأضاف السيد نصر الله.. إن تلك الشعوب مدعوة إلى الابتعاد عن معركة مصيرها حاسم وواضح وهو هزيمة السعودية كنظام والانتصار القاطع والحقيقي للشعب اليمني “داعيا” قادة ورؤساء القمة العربية المقبلة إلى عدم المشاركة في سفك دماء الشعب اليمني وتدمير اليمن بل تحمل المسؤولية عبر مبادرة لوقف العدوان والذهاب إلى حل سياسي.
وأبدى السيد نصر الله استغرابه من موقف السلطة الفلسطينية في رام الله ومن موقف الرئيس محمود عباس متسائلا هل مصلحة الشعب الفلسطيني في دعم حرب على شعب وعدوان على بلد وبأي منطق سيخاطب عباس العالم إذا عاد الإسرائيليون ليعتدوا على الضفة وعلى غزة وهو يدعم حرباً على شعب.
وأشار السيد نصر الله إلى أن الدول العربية المشاركة في الغارات على اليمن لم تحرك ساكنا رغم العدوان الإسرائيلي المستمر على مدى عقود على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ولم تقم بأي عاصفة حزم ولا حتى نسمة حزم من أجل ذلك.
وقال السيد نصر الله.. إن الشعب الفلسطيني كان يستصرخ ملوك وأمراء وزعماء العرب منذ عقود ومازال وخاصة في العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة حيث استشهد وأصيب آلاف الغزاويين ودمرت بيوتهم ولكنهم لم يحركوا ساكنا فمن أين أتت هذه الهمة والشجاعة والحمية والحزم المفاجئ ضد الشعب اليمني.
وأضاف السيد نصر الله إذا كان الهدف هو إنقاذ الشعب اليمني فلماذا تركتم الشعب الفلسطيني عقودا من الزمن ولم تحركوا ساكنا بل تآمرتم عليه ومزقتموه وخزلتموه وبعتموه للإسرائيليين والأمريكيين وإذا كان الهدف إعادة السلطة الشرعية المتمثلة بحسب ادعائكم بعبد ربه منصور هادي وحكومته فلماذا لم تبذلوا جهدا لاستعادة ما هو أهم وهي أرض فلسطين ومقدسات الأمة فيها.
وأشار السيد نصر الله إلى أن الادعاء بأن الوضع الجديد في اليمن يهدد أمن الخليج كاذب لأن هذا الوضع لم تتضح إمكاناته وقدراته ولم يظهر بشكل نهائي مستغربا كيف يستشعر النظام السعودي هذا الخطر ويبادر إلى العدوان دون أن يستشعر خطر وجود إسرائيل وهي تملك أقوى جيوش العالم.
وأكد السيد نصر الله أن ما يجري هو شهادة عربية جديدة بأن إسرائيل ليست عدوا بل لم تكن عدوا في نظر هؤلاء بيوم من الأيام أو تهديدا يستدعي أو يستلزم همة وعاصفة من هذا النوع الذي أصاب اليمن.
وقال السيد نصر الله.. إن الحجة الأولى للعدوان بأن هناك رئيسا شرعيا منتخبا واهية وغير منطقية لأنه استقال ومن ثم عاد عن ذلك كما أن مدته انتهت بحسب المبادرة الخليجية ولكن لنفترض أنه رئيس شرعي وطلب منهم المساعدة فهل هذه حجة ليشنوا حربا وهم لم يفعلوا شيئا من هذا في السابق تجاه الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك حيث كانت السعودية حينها ضد إرادة الشعبين التونسي والمصري.
وأضاف السيد نصر الله.. إن الحجة الثانية للعدوان وهي أن الوضع الجديد في اليمن يهدد أمن السعودية والخليج والبحر الأحمر غير صحيحة ولا يوجد أي دليل على ذلك يمكن أن يقدم إلى الرأي العام وخاصة أن الكل يعرف مشاكل اليمن الداخلية الكبيرة مشيرا إلى أن حركة أنصار الله كان لديها اتصال ومفاوضات مع السعودية وقطر ودول الخليج حتى أنها أرسلت وفدا إلى الرياض عشية وفاة الملك عبد الله والتقى المخابرات السعودية كما أن لديها إرادة بالحل السياسي والحوار حول مستقبل اليمن ولم تعتد يوما على السعودية.
وأوضح السيد نصر الله أن الحجة الواهية الثالثة والأكثر تسويقا في الإعلام السعودي والعربي الممول سعودياً هي أن اليمن أصبح محتلا من إيران ولكنها حجة من أكبر الأكاذيب وأوضحها لأن الاحتلال له وجوه وأهمها وجود جيوش أو قواعد عسكرية ولكن إيران لا تملك ذلك في اليمن بينما كانت دول الخليج هي من رفض احتضان اليمن ورفض دخوله مجلس التعاون لأنه مصنف من قبلهم دولة فقيرة ومن الدرجة الثانية.
وقال السيد نصر الله.. إن هناك من يقول انه ليس احتلالا بالمعنى العسكري بل سيطرة وهيمنة إيرانية على اليمن فالجميع يعلم أن المشكلة الجوهرية في عقل النظام السعودي أنه لا يعترف بالشعوب أو بإرادتها بل يعاملها كرعايا له والرعية لا يمكن أن تكون لديها إرادة مستقلة أو قضية أو هوية وبالتالي هذا الفهم الخاطئ يوصل إلى مواقف وسياسات خاطئة ولاحقا إلى نتائج خاطئة وفشل متراكم.
وأكد السيد نصر الله أن السياسات السعودية الخاطئة والقراءة والفهم الخاطئ طيلة العقود الماضية هو ما أوصل المنطقة إلى أن أصبحت مفتوحة أمام إيران وهي من دفعت شعوب المنطقة إليها.
وأضاف السيد نصر الله.. عندما اعتدت إسرائيل على لبنان واحتلت جزءا كبيرا منه عام 1982 تخلى العرب الذين لديهم المال والنفوذ والسلاح عنه إلا سورية وإيران اللذان لبيا استغاثتنا وصرختنا وساعدا اللبنانيين ونقلا لهم الخبرة والمشورة والمال والسلاح وغيرها وحتى عندما انتصرنا في عامي 2000 و2006 جئنا نهدي النصر للامة العربية ولكن نفس الدول العربية لم تقبل.
وقال السيد نصر الله.. إن الحكومات العربية وتحديدا النظام السعودي ودول الخليج هم من تخلى عن شعب فلسطين وهم من خذله وتركه لإسرائيل تقتل وتذبح وتشرد وتدمر وتعتقل أبناءه رغم أن الشعب الفلسطيني لم يكن بحاجة إلى مال عاصفة حزم ضد إسرائيل بل فقط قليلا من المال الذي يصرف في أوروبا وأمريكا.
ولفت السيد نصر الله إلى أن الشعب الفلسطيني استنجد بإيران التي ورغم الحصار المفروض عليها والعقوبات لبت وأغاثت الفلسطينيين وقدمت ما بوسعها من المال والسلاح والمساعدات والخبرة والتدريب والموقف السياسي العالي كما فعلت سورية ذلك أيضا حيث كان لها دور وموقف مادي ومعنوي وميداني.
وأوضح السيد نصر الله أن النظام السعودي هو من دعم حرب صدام حسين على إيران بمليارات الدولارات ما تسبب بدمار البلدين وهو من شجع وحرض وساعد العدوان الامريكي لاحقا على العراق وهو من أرسل كل جماعات القاعدة والجماعات التكفيرية عندما بدا أن الشعب العراقي لن يستسلم للاحتلال.
وأكد السيد نصر الله أن الذي كان يرسل الانتحاريين ويدير عملية إرسال السيارات المفخخة إلى العراق والذي كان يمول عمليات القتل في بغداد والمدن العراقية في الشمال والجنوب والوسط هي المخابرات السعودية.
وقال السيد نصر الله.. إن النظام السعودي هو من جنى على الشعب العراقي وآخر جناياته كانت تنظيم “داعش” الذي جاء به مع حلفائه من كل أنحاء العالم لإسقاط الدولتين في سورية والعراق وهذا أمر ليس خفيا وكل العالم يعرفه بينما وقفت إيران إلى جانب الشعبين ومقاومتهما ضد الأمريكيين والإسرائيليين والتكفيريين.
وأضاف السيد نصر الله.. إن النظام السعودي وحلفاءه أتوا بكل وحوش الأرض ليس لنصرة الشعب السوري وإنما لإسقاط الدولة والهيمنة على سورية بهدف أن تصبح تابعا وأنا أعرف ماذا بذلت السعودية وقطر وتركيا وماذا كانت السياسة المعتمدة مع الرئيس بشار الأسد من أجل استيعابه لتصبح سورية تابعا للسعودي أو للقطري أو للتركي ولكن سورية أرادت أن تبقى دولة مستقلة تعتد بقيمتها الإقليمية وقوتها وتأثيرها.
وقال السيد نصر الله.. إن النظام السعودي وحلفاءه هم من يدمر سورية ويقتل ويذبح شعبها ويرفض الحل السياسي فيها رغم أن كل السوريين في الداخل والخارج يريدون حلا سياسيا لافتا إلى أن استمرار هذه الحرب لن يؤدي إلى إسقاط النظام بل إلى المزيد من الخراب والدمار.
وأضاف السيد نصر الله إن إيران وقفت إلى جانب سورية وساعدت وساندت ولكن لا يوجد جيش إيراني في سورية ورغم ذلك يخرج سعود الفيصل ويقول إن سورية محتلة من إيران ولكن الأمر المضحك أكثر قوله إنها محتلة من حزب الله وهذه هي عقلية التجاهل بمعنى تجاهل وجود شعب وجيش وقيادة في سورية لها حاضنة شعبية كبيرة.
وشدد السيد نصر الله على أن ما يجمع قوى المقاومة في المنطقة بإيران هو علاقة صداقة واحترام إذ أن ايران لا تأمر ولا تطلب ولا تتدخل بل تقدم الدعم والمساعدة بينما القرار مستقل من قبل القوى المقاومة في المنطقة وفي الشأن اللبناني قال السيد نصر الله.. إننا مستمرون في الحوار مع القوى اللبنانية الداخلية ومستعدون لتحمل كل الاستفزازات من أجل المصلحة الوطنية وتخفيف الاحتقان المذهبي ومنع انهيار البلد موضحا أن الموقف من المحكمة الدولية واضح وثابت منذ اللحظة الأولى لتشكيلها وهي لا تعني المقاومة بشيء ولا ما يجري فيها أو يقال عبرها.
ولفت السيد نصر الله إلى أن هناك جهات وقوى سياسية في لبنان سواء من داخل تيار المستقبل أو خارجه ترفض الحوار وتعارضه بشدة وتعمل على تخريبه وما زالت تستغل كل فرصة في سبيل هذا الهدف موضحا أن ذلك لن يغير مواقف حزب الله بضرورة الحوار طالما أنه يمثل مصلحة وطنية وليس حاجة فئوية.
وأكد السيد نصر الله أن السعودية وبالتحديد وزير خارجيتها سعود الفيصل هي من تمنع انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية وتضع فيتو على المرشح الأقوى والطبيعي والمنطقي والذي يمكن أن يحقق التوازن والاستقرار في لبنان ويمثل الحيثية المسيحية والوطنية الكبرى مشيرا إلى أن رئيس تيار المستقبل قد لا يمانع هذا الخيار.