الإرهاب الاقتصادي والمساعدات الإنسانية- بقلم: عبد الرحيم أحمد

لا نحتاج في سورية لمن يشرح لنا الرياء الأمريكي والغربي بشكل عام حيال حقوق الإنسان والعمل الإنساني، فقد خبره السوريون بشكل حقيقي على مدار عشر سنوات ونيف من عمر الحرب الإرهابية التي شنت على بلدهم، خسروا خلالها الكثير من ممتلكاتهم التي تعرضت للدمار ومدخراتهم التي صرفت لتعويض تلك الأضرار، وكل ما عرفه السوريون ولمسوه من الغرب كان الحصار على الأرض وفي البحر، وكل ما سمعوه عن المساعدات الإنسانية كان كذباً ورياء.

عشرات الاجتماعات في مجلس الأمن ومثلها في العواصم الغربية تحت عنوان المساعدات الإنسانية للسوريين على مدى سنوات الحرب، وكانت الأجندات السياسية هي الهدف والمبتغى الغربي، ولم يكن للمساعدات الإنسانية سوى العنوان.

يتساءل السوريون عن سر هذا الاهتمام الإعلامي الغربي بحالهم وأوضاعهم الإنسانية وعن سر الحَوَل الإعلامي الغربي حيال السبب الحقيقي لما يعانيه السوريون؟ لقد كانت سورية ومازالت قادرة على إطعام ثلاث دول بحجمها بمجرد أن يتاح لشعبها أن يزرع أرضه ويحصدها بعيداً عن سرقة المحتل الأمريكي والتركي ومعهم ميليشيا “قسد”، لكن كل ذلك يتم تغييبه عن الرأي العام واستبداله بعناوين جانبيه هي من نتائج الحرب الغربية على سورية وليست من مسبباتها.

لماذا تحاصر الولايات المتحدة الشعب السوري وتسرق قمحه ونفطه وغازه في الوقت التي تملأ جنبات مجلس الأمن وصفحات الإعلام الغربي وشاشاته بالبكاء على حال السوريين الذين يئنون تحت وطأة الفقر الذي تسببت به واشنطن وبعض الدول الغربية؟ ألم يحن الوقت ليفضح العالم السياسات الأمريكية ونتائجها الكارثية على شعوب العالم؟

نعلم في سورية ويعلم الكثير من دول العالم أن استمرار الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في دعم الإرهابيين وفرض حصارها غير الشرعي على الشعب السوري واستمرارها بتسييس العمل الإنساني هو السبب الحقيقي للمصاعب والمآسي الكبيرة التي يعانيها الشعب السوري في مختلف مجالات الحياة، ورغم ذلك تواصل واشنطن خداع العالم وشعوبه بادعاءاتها وشعاراتها حول تقديمها المساعدات الإنسانية لسورية.

فرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة السورية للحد من تداعيات الحرب والحصار وتوفير ظروف حياة طبيعية للمواطنين وإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات الأساسية لهم وإعمار ما دمره الإرهاب وتوسيع نطاق مشاريع التعافي المبكر في مجالات الكهرباء والطاقة التي تشكل شرايين حياة بالنسبة للخدمات الأساسية الأخرى كالصحة والتعليم والمياه، تواصل واشنطن عرقلة هذه الجهود ومنع دول العالم من التعاون مع الدولة السورية.

لقد أفشلت واشنطن والدول الغربية الجهود الحكومية وتعاونها مع منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية لتحسين الوضع الإنساني والمعيشي للشعب السوري من جراء استمرارها في دعم الإرهابيين من جهة وفرض الحصار غير الشرعي على سورية وسرقة موارده من الجزيرة السورية من جهة ثانية ما تسبب بنقص حاد في الغذاء والدواء والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية التي تؤثر في مختلف مناحي الحياة.

فالاحتلال الأمريكي لمناطق قطاع النفط والغاز في الجزيرة السورية إلى جانب عمليات السرقة التي تقوم بها المجموعات الإرهابية وميليشيا “قسد” الانفصالية المدعومة من الاحتلال الأمريكي تسبب- بحسب الإحصائيات الرسمية- بخسائر مادية بلغت حتى منتصف العام الجاري أكثر من 100 مليار دولار.

وتواصل الولايات المتحدة والدول الغربية أيضاً إعاقة جهود عمليات إزالة الألغام والذخائر المتفجرة في مناطق الحرب في سورية، الأمر الذي يمنع السوريين من العودة لبيوتهم وأراضيهم الزراعية وأعمالهم ومدارسهم ويحول دون ممارستهم حياتهم الطبيعية.

لذلك لن تستطيع سياسة الخداع الأمريكية التي تمارسها في مجلس الأمن وفي المنتديات الدولية حرف أنظار العالم عن مرتكبي الجريمة بحق الشعب السوري ولن تنطلي على العالم بعد اليوم محاولات التضليل الغربية عن المسؤولين الحقيقيين عما يعانيه الشعب السوري من حرب وويلات، فالولايات المتحدة ضُبطت بالجرم المشهود في دعم الإرهابيين ورعايتهم وفي سرقة موارد السوريين وحصارهم، ولن تستطيع واشنطن التهرب من المسؤولية عن جرائمها.

وسيأتي اليوم الذي يندحر فيه المحتل الأمريكي وأدواته الإرهابية والانفصالية تحت ضربات الجيش العربي السوري ومقاومة الشعب لأن الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي الذي تفرضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري لن ينجح في التأثير على إرادة السوريين ولن ينجح في ثنيهم عن الدفاع عن وطنهم والوقوف في وجه المحتلين والإرهابيين ورعاتهم.

انظر ايضاً

نقل الحرب إلى داخل روسيا لمصلحة من؟… بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم تكن المحاولة الأوكرانية استهداف مبنى الكرملين بطائرات مسيرة مطلع شهر أيار الجاري محاولة جديّة