دمشق- سانا
في الأرض السورية “زرعت.. نمت.. أزهرت” وتعرضت لتحديات طالت “بقائها.. عبقها.. وحضورها” قاومت وصمدت لتتربع الوردة الشامية على عرش التراث اللامادي الإنساني العالمي جزء من الهوية الثقافية للشعب السوري.
المجتمع السوري “أهل لوردته” فهو جزء من حكاياتها فهي هدية في مناسبة وكلمة في قصيدة شعر واجتماع العائلة حول وردتهم بحديقتهم المنزلية بالريف والمدينة .. في الأرض التي باتت محصول عائلات بأكملها، ومنتجات تعود بالرزق لأصحابها، وفي مختبرات علمية تجتهد لتطويرها وكليات جامعية تدرس خصائصها وتراكيبها، وشباب يتلقون التدريبات لصونها وتوسع مناطق زراعتها.
وتستمر الحكاية بجهود مجتمع محلي يحتضن “الوردة الشامية” بدمشق وريفها وحماة وحلب واللاذقية وشركاء من جهات حكومية وغير حكومية حيث تمكنت الأمانة السورية للتنمية معهم من الحفاظ على الوردة الشامية وتسجيلها على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني اللامادي في اليونيسكو عام2019.
الوردة الشامية وما يرتبط بها من الممارسات والحرف التراثية وضعت لها خطة وطنية لصونها يعمل عليه برنامج “التراث الحي” في الأمانة حيث قامت بتدريب كوادرها من محافظتي دمشق وريفها لتنفيذ أجزاء من خطة الصون وتتمثل بأربعة مستويات وهي ” تقييم مناطق زراعتها وممارسيها، التنمية الزراعية والريفية وتمكين المجتمع، الترويج والبحث العلمي لها، والفضاء الثقافي المرتبط بالوردة الشامية”.
ريم ابراهيم من مشرفي برنامج التراث الحي في الأمانة أوضحت في تصريح لـ سانا أن المستوى الأول يعنى بجمع البيانات عن الوردة ووضع قائمة مسح تقييمية لها تقوم بها كوادر الأمانة السورية للتنمية من خلال برنامج التراث الحي بالتعاون مع الشركاء والمجتمع المحلي بهدف تشكيل قاعدة بيانات تحدد الهدف من زراعة الوردة وأماكن تواجدها والمساحات المزروعة بها والتحديات التي تواجهها والجماعات الممارسة لها.
التنمية الزراعية والريفية وتمكين المجتمع وتحديدا تمكين المرأة الريفية بحسب “ابراهيم” تعد من المستويات المهمة لخطة الصون لكون الورد الشامية محصولا استراتيجيا يتم زراعته على مساحات كبيرة ويحقق عائدا اقتصاديا للعائلات التي تعمل بها وتحديدا المرأة التي تقوم بصناعة منتجاتها من “مربي الورد وماء الورد وشراب الورد وغيرها” مع التركيز على مجموعة معايير لزراعتها والاهتمام بها من بيئية ومناخية وطبيعية متعلقة بها.
المستوى الثالث والذي يعنى بالترويج والبحث العلمي من خلال التعاون مع مراكز الأبحاث العلمية لتطوير منتجاتها ودراسة نتاج زيتها العطري بجودة معيارية ما يحقق عائدا اقتصاديا ودراسة الأخطار التي قد تتعرض لها ومعالجتها من “الصقيع ونقص المياه والآفات الحشرية” بالإضافة لدعم منتجاتها من خلال المشاركة بالمعارض والمهرجانات الداخلية والخارجية.
وأشارت “ابراهيم” إلى أن دائرة العمل مع الوردة الشامية تكتمل من خلال الفضاء الثقافي المرتبط بها والذي يعكس مدى انتماء الوردة الشامية لمنطقة زراعتها وللجماعات الممارسة لها.
ولكون هذه الوردة تعد جزءاً من الهوية السورية فمواسم قطافها تتحول إلى مهرجانات شعبية مليئة بالألوان والعطور منها مهرجان قطاف الوردة الشامية في قرية المراح الذي يترافق بطقوس اجتماعية كأداء الزجل والأهازيج المرتبطة بقطاف الوردة وبعض الرقصات الفلكلورية والمسابقات الخاصة بهذا الطقس السوري الفريد، ولا ننسى أن للوردة الشامية أسماء عديدة تختلف على اختلاف مناطق زراعتها فهي “الورد البلدي وورد جوري بلدي وورد نيسان”.
رشا محفوض