لا يزال ميثاق الأمم المتحدة بوصلة يجب الاهتداء بها في مجال العلاقات بين الدول ولا تزال قرارات مجلس الأمن ملزمة للدول، هذا من حيث المبدأ، لكن الوقائع على الأرض تشير إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة تحاول قدر الإمكان تفريغ قرارات مجلس الأمن من مضامينها إذا كانت تلك القرارات تضمن ولو جزئياً بعض الحقوق العربية، كما فعلت وتفعل في جميع القرارات المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي، ولا تزال القرارات القاضية بانسحاب «إسرائيل» الكامل إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 – القرار 242 – 338 من دون تنفيذ لأن «إسرائيل» وتحت الغطاء السياسي الأمريكي ترفض تنفيذهما، أما القرارات المتعلقة بمنع دعم وتمويل وتسهيل مرور الإرهابيين، فهي أيضاً خارج التنفيذ لأن أمريكا وحلفاءها في أنقرة والرياض والدوحة تقدم كل أنواع الدعم لهؤلاء الإرهابيين الذين يدمرون الحضارة، ويقتلون الإنسان ويرتكبون المجازر ويستخدمون المواد الكيميائية ضد المدنيين والعسكريين.
ومع ذلك أصرت أمريكا وحلفاؤها على إصدار قرار جديد يتعلق بمنع استخدام غاز الكلور يحمل الرقم 2118 وهي تعرف تماماً أن من يستخدم هذا الغاز هم المسلحون وتعلم جيداً أن سورية قد تعاونت إلى أبعد الحدود مع الوكالة الدولية المختصة بالأسلحة الكيميائية للتخلص مما لديها من ذلك السلاح ومن المواد والتجهيزات المتعلقة بتصنيعه كما فتحت أبوابها للخبراء والمحققين الدوليين الذين لم يثبتوا أن الحكومة السورية قد استخدمت المواد الكيميائية بل على العكس أكدوا أن المسلحين هم الذين استخدموه في خان العسل ومواقع أخرى في حلب وحول دمشق، إن الإصرار على إصدار القرار 2118 من أمريكا وحلفائها ليس لتطبيقه على داعش وجبهة النصرة وفصائل القاعدة الأخرى، وإنما للاستثمار به ضد سورية، والنفاذ من بين سطوره عندما تجد ظروفاً مواتية لذلك، ولاسيما أن الموقف الروسي يقف حتى الآن في وجه الطيش الأميركي والتهور في الاستثمار المشوهة للقرارات الدولية.
لقد بات الجميع يعلم أن الحكومة السورية متمسكة بميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد المساواة بين الدول وعلى السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ومتمسكة أيضاً بقرارات الشرعية الدولية، لكن من المفترض أن تُحاسب الدول التي لا تعير أي اهتمام للمبادئ والقرارات، وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتدمير العالم مستندة إلى القوة العسكرية، والتي لم تعد تساعدها في تنفيذ كل ما تريده.
بقلم: محي الدين المحمد